أبو العلاء المعري قال:
مُلَّ المقام فكم أعاشر أمة/ أمرت بغير صلاحها أمراؤها
ظلموا الرعية واستجازوا كيدها/ وعدوا مصالحها وهم أجراؤها
ما قال أبو العلاء قبل ألف سنة أصدَق كثيراً اليوم في وصف أمراء الإرهاب الذين يدّعون الإسلام ويقتلون المسلمين.
أحاول أن أختار من الشعر العربي القديم ما يفسّر أحوالنا اليوم. نحن أمام وضع يفتقر فيه السوري في بلد غني بموارده ومواطنيه، ويُشرَّد إن لم يُقتَل. قديماً قال الشاعر:
والفقر في زمن اللئام/ لكل ذي كرم علامة
رغب الكرام إلى اللئام/ وتلك أشراط القيامة
أشراط الساعة موجودة، وهي شعراً:
جلوا صارماً وتلوا باطلاً/ وقالوا صدقنا فقلنا نعم
وأيضاً:
إني رأيت بني الزمان لجهلهم/ بالدين أمثال النعام أو الغنم
لو قال سيد غضا بُعِثتُ بملة/ من عند ربي قال بعضهم نعم
العرب يفرّون الآن من بلاد أطلقت حضارة العالم كله، والشاعر قال:
وما أخرجتنا رغبة من بلادنا/ ولكن ما قدّر الله كائن
وأيضاً:
يُسْر الفتى وطن له/ والفقر في الأوطان غربة
ومثله:
إذا بلد رابني/ فكل بلادٍ وطن
الإرهابيون الذين يقتلون المسلمين هم الذين عناهم الشاعر بقوله:
وأقسم المجد حقاً لا يحالفهم/ حتى يحالف بطن الراحة الشعر
أو هو:
كلام النبيين الهداة كلامنا/ وأفعال أهل الجاهلية نفعل
بعضهم يقول أن لا بد لهذا الليل من آخر وسنرى أياماً أفضل إلا أنني مع الشاعر الذي قال:
وقالوا يعود الماء في النهر بعدما/ عفت منه آيات وسدت مصارع
فقلت إلى أن يرجع الماء جاريا/ ويعشب جنباه تموت الضفادع
أنظر إلى سورية اليوم وأتذكر سورية كما عرفتها وأحببتها وقول الشاعر القديم:
دمشق وافي بطيب/ نسيمها المتداني
وصح قول البرايا/ من عاشر الزبداني
كان هذا قديماً واليوم:
إذا ابتليت بسلطان يرى حسناً/ عبادة العجل قدِّم نحوه العلفا
اليوم أصبحت شعوبنا كما قال الشاعر:
إن لله عبيداً/ أخذوا العمر خليطا
فهو يُمسون أعراباً/ ويصحون نبيطا
بعضهم استسلم للقدر كأنه يقول مع الشاعر:
إن رباً كفاك بالأمس ما كان/ سيكفيك في غد ما يكون
لم يبقَ لنا سوى أن نطلب رحمة رب كريم، ثم أتذكر قول أبي العلاء:
إلى الله أشكو أنني كل ليلة/ إذا نمت لم أعدم طوارق أوهامي
إذا كان شر فهو لا بد واقع/ وإن كان خيرً فهو أضغاث أحلام
ليس مجرد أضغاث أحلام، بل هو كوابيس، والكل متَّهَم، فقد أصبحنا من نوع جرو الذئب الذي احتضنه الراعي حتى كبر فبطش بالشاة التي أرضعته ليصدق قول الشاعر:
إذا كان الطباع طباع سوء/ فلا أدب يفيد ولا أديب