جهاد الخازن
هل يعرف القارئ العربي أننا في لبنان نقول عن الفلوس «مصاري» والكلمة هذه مشتقة من مصر، فقد جاء إبراهيم باشا بالفلوس المصرية إلى لبنان في بدايات القرن التاسع عشر فكان الاشتقاق «مصاري» أو «مصريات» الذي أرجح أن لبنانيين كثيرين يجهلون أصله وفصله.
تذكرت ما سبق بعد أن تلقيت رسالة إلكترونية ظريفة عن الفلوس (أضعتها ولم تكن أول مرة)، وأترجم من الذاكرة بعض ما قرأت فيها مع إضافات عربية من عندي.
مرادفات الفلوس كثيرة:
- إذا عملت وقبضت الفلوس فهي مرتب.
- إذا دفعت للخادمة فهو أجر.
- إذا اشتريت حاجاتك من السوق فهي ثمن.
- إذا أقرضك جارك فلوساً فهي دين.
- إذا اشتريت شقة وذهبت إلى البنك تحصل على قرض.
- إذا حجز البنك صك الملكية مقابل القرض فهو رهن.
- إذا تبرعت للفقراء أو تبرع لك ثري فهي حسنة أو صدقة.
- إذا تزوجت ودفعت لوالد العروس فهو مهر.
- إذا طلقت ودفعت فهي نفقة.
- إذا اشتريت حصة في شركة فهي أسهم.
- إذا دخلت في مشروع حكومي فهي سندات.
- إذا دفعت ضريبة فأنت مكلّف (كما يقولون في لبنان).
- إذا اشتريت بوليصة تأمين على الحياة فهي تأمين.
- إذا أعطيت ابنك أو ابنتك فلوساً فهي «مصروف الجيب».
- إذا طردوك من العمل ودفعوا لك فهو تعويض.
- إذا خالفت القانون وجعلتك المحكمة تدفع الثمن فهو غرامة.
- إذا أعطيتَ مبلغاً إضافياً من صاحب العمل لنجاحك في مهمة فهي مكافأة.
- إذا ترك لك قريب ثري فلوسه فهي إرث.
أستطيع أن أكمل إلا أن ما سبق يكفي، فأزيد زجلاً اشتركت في وضعه مع صديق بعد أن تزوج صديق لنا كان سعيداً وأرهقته أعباء الزوجية. قلنا: عنده شقة من غرفتين/ كلها بالقرضة والدين/ غرفة الستْ للفساتين/ وغرفة البنتْ جزم وجزادين/ والأهل نايمين على البلاكين (الشرفات).
أبقى مع الفلوس مع أنها طلقتني من دون زواج، وذات الحسن والدلال ذهبت إلى مدير البنك وقالت إنها تريد أن تفتح حساباً مشتركاً. سألها: مع مَنْ؟ قالت: مع واحد ثري طبعاً.
لاحظت في موضوع البنوك أن الحساب المشترك يعني أن الزوج يودِع الفلوس في الحساب المشترك والزوجة تسحبها.
كيف يجمع الناس الملايين والبلايين؟ هي موهبة تتفتّق في عمر مبكر، والصغير الذي أعطاه أهله فلوساً في عيد ميلاده ذهب إلى الدكان المجاور ليشتري بها شوكولا. وقال له البائع إن واجبه أن يتبرع بالفلوس للفقراء. وردّ الصغير: لا، أنا أشتري بها شوكولا ثم تتبرع بها أنت للفقراء. هذا الصغير أمامه مستقبل باهر.
أو قد يكدس الإنسان المال بالبخل، وقد قرأت عن رجل كان من البخل أنه إذا تنفس يكتفي بالشهيق دون الزفير.
لا أكتب اليوم لأذكّر القارئ بما ليس عنده مع زيادة الأعباء في شهر الصوم الكريم والعيد بعده، وإنما للتسرية عنه، فالفلوس ليست كل شيء في الدنيا وأهم منها «الكريدت كارد» مثل أميركان اكسبرس وفيزا.
وإن لم يكن هذا أو ذاك فهناك لاعب كرة القدم في بلاد الغرب فهو يكسب في سنة ما لم يكسب نجيب محفوظ العمر كله رغم عبقريته وجائزة نوبل في الآداب.
أسمع المثل: «جاور الغني يغنيك. جاور الجربان يعديك». لا أعرف مدى صحة هذا المثل ولكن أنصح القارئ بأن يبتعد عن الفقير لأن الفقر يعدي. ثم أن يساعده من بعيد.
وخاتمة ذات بُعد سياسي أترجمها للقارئ: المساعدات الخارجية هي نقل الفلوس من فقراء بلد ثري إلى أثرياء بلد فقير. أعتقد أن صاحب هذا الرأي عبقري.