جهاد الخازن
في لندن دين صحافي بريطاني بارز عمل فترة مسؤولاً في مكتب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وفي الوقت نفسه تقريباً حكم على ثلاثة صحافيين في القاهرة بالسجن.
اندي كولسون إتِّهم بالتنصت على مكالمات هاتفية خلافاً للقانون، وكان بين الذين سرقت تسجيلات هواتفهم ميلي داولر بنت الثلاث عشرة سنة التي قُتِلَت في جريمة بشعة.
الأسترالي بيتر غريست والمصري الكندي محمد فهمي والمصري باهر محمد دينوا بالكذب والتحريض ومحاولة زرع بذور الفتنة بين المصريين.
ماذا حدث بعد ذلك؟ الصحافة البريطانية والأميركية التي أقرأها كل يوم، ومعها منظمات حقوق الإنسان، ثارت على القضاء المصري وانتصرت للمتهمين الثلاثة، في حين أنها أيَّدت الحكم على مسؤول في جريدة فضائح تابلويد أو سكتت عنه.
لن أكرر ما يُنشَر من تحامل، ولو في معرض نفيه، وإنما أقول إن التنصت على مخابرات الناس جُنحة، ولكن التحريض والعنف والإرهاب في بلد يواجه ألف مشكلة جناية، ومع ذلك فالصحف التي أقرأها كل يوم علقت على الموضوع وكأن المتهمين الثلاثة أبرياء جداً والمحاكم في مصر تنفذ ما يطلب النظام منها.
هذا جهل أو كذب متعمَّد فالقضاء المصري مستقل وقف في وجه الرئيس حسني مبارك في معارك معروفة مسجلة، ثم وقف في وجه الإخوان المسلمين الذين ردّوا بتعيين أعضاء منهم في مناصب قضائية عليا. والقضاء المصري الذي حكم بالإعدام على مئات (الأحكام لن تنفذ وأريد أن أحاسَب على هذا الرأي إذا أخطأت) حكم أيضاً ببراءة مئات آخرين. والحكم على الصحافيين الثلاثة تضمن إدانة متهمين فارين، إلا أنه تضمن أيضاً تبرئة طالبَيْن والإفراج عنهما.
أرجو قبل أن أكمل أن أسجل أنني سأطلب من الرئيس عبدالفتاح السيسي في أول جلسة لي معه الإفراج عن المدانين جميعاً في قضايا صحافية، وخفض أحكام الإعدام على المتهمين بالإرهاب، وحتى القتل. وسأكرر طلب العفو في كل اجتماع لي مع كل مسؤول مصري في موقع المسؤولية.
أيضاً أؤيد طلب منظمة مراقبة حقوق الإنسان الإفراج عن 23 مصرياً اعتُقلوا بعد تظاهرهم احتجاجاً على قانون يمنع التظاهر. منظمة مراقبة حقوق الإنسان أخطأت مرة بعد مرة بحق البحرين ومصر، إلا أنني أغلب فيها حسن النيّة على المواقف المغرضة المُسبَقة لصحف بريطانية وأميركية. والمسؤولة عن الشرق الأوسط في هذه المنظمة سارة ليا وتسون مناضلة حقيقية في الدفاع عن حقوق الإنسان وتتقن العربية وتعرف قضايا الشرق الأوسط جيداً. ما سبق يعني أنني أنصِف المنظمة وممثلتها في بلادنا عندما تصيب، وأسجل عليها الخطأ لأنني أظل إبن المنطقة، وأعرفها أفضل من أي «خواجا».
تلفزيون «الجزيرة» يضم محطات كثيرة، ولا اعتراض لي على شيء باستثناء تغطية أخبار مصر، فقد تولى أمرها صحافيون من الإخوان المسلمين يقدمون الجماعة على مصلحة أم الدنيا وشعبها، ويكذبون ويبالغون.
مرة أخرى ليس لي اعتراض على شيء في قطر. وقد انتصرت لقطر في موضوع كأس العالم سنة 2022. وبالنسبة إلى محطات «الجزيرة» لا اعتراض لي باستثناء ما اسمه «الجزيرة مباشر» عن مصر وأراه في الفنادق وأنا على سفر وأجده يكذب ويحرض على العنف ويدافع عن ناس يسعون لخراب مصر.
مصر ستصمد، وننتظر أن تعود إلى دورها العربي القيادي كما تستحق.