جهاد الخازن
يُفترَض في انتخابات الرئاسة الأميركية أن يختار الناخب أفضل المرشحين. الناخب الأميركي عنده مشكلة في الانتخابات المقبلة وهناك المرشحون من نوع ليندسي غراهام وريك باري وماركو روبيو ومارتن أومالي وبن كارسون.
أخيراً «كِمِلْ النقل بالزعرور» كما نقول في لبنان، فقد انضم إلى قائمة الطامحين إلى الرئاسة، أو الطامعين بها، البليونير دونالد ترامب وليس له من المؤهلات للحكم سوى أنه ثري ومشهور.
أعرف الكثير عن ترامب مُذ كان زوج إيفانا ترامب التي اشتهرت بالتزلج على الثلج، فهو لا يسمح للناس بأن يتجاهلوا وجوده. ولكن، أكتفي منه ببيان قرأه من برج ترامب في نيويورك معلناً ترشيحه فقد قال «أنا» 195 مرة، وزاد عليها «لي» و «عندي» و «معي» مرة بعد مرة فبلغ المجموع 257 إشارة إلى نفسه. وهو وعد بأن يعيد سيطرة الولايات المتحدة على اقتصاد العالم، وهاجم تكراراً الصين وإيران و «داعش»... يعني لا جديد هنا.
الناخب الأميركي الذي ينظر إلى قوائم طالبي الترشيح للرئاسة، ويعضّ أصابعه قلقاً، يستطيع أن يبتسم مع ترشيح دونالد ترامب نفسه، فأمله بالرئاسة الأميركية «أمل إبليس بالجنة» كما نقول في بلادنا، مع أنه ربما كان هناك ناخبون أميركيون يعتقدون أن ثراءه قد يمنعه من سرقة الناس كغيره من الراغبين في دخول البيت الأبيض.
يُفترَض أن يختار الناخب أفضل مرشح، ولكن أين هو في الولايات المتحدة؟ لو كان الغباء يؤلِم لرأينا نصف مرشحيهم يصرخون ألماً.
طبعاً، ما يغري الأميركي الثري بطلب مجد الرئاسة أنه ينفق في الحكم فلوس الناس بدل فلوسه، ما يجعله في خندق واحد مع طفل أو لص. إلا أن هذا الرجل لا يدري أن السياسة فاسدة إلى درجة أن السياسيين الفاسدين يجدون مَنْ يسرق منهم.
أرى ترشيح دونالد ترامب نفسه «نكتة» تخفف من حدة المنافسة على الرئاسة الأميركية، وقد أظهر استطلاع للرأي العام أن سبعة من كل عشرة أميركيين لهم رأي سلبي في ترامب، ومن هؤلاء ينتمي 52 في المئة الى الحزب الجمهوري.
ما أذكر عنه في انتخابات 2012 أنه شكك في «أميركية» أوباما وتحدّاه، فكان أن أبرز أوباما شهادة ميلاده الأميركية. اليوم أقرأ في الصحف الأميركية أخباراً تسخر منه، وكان عنوان واحد منها: ترشيح ترامب للرئاسة ترفيه عظيم، إلا أنه شيء مريع للسياسة. وكان عنوان مقال آخر: المهرِّج ترامب.
لا أريد أن أقسو على ترامب، فهو أعاد البسمة إلى انتخابات الرئاسة الأميركية، وأهم من ذلك أنه هاجم الكاتب الليكودي الهوى تشارلز كراوتهامر، وهذا يدافع عن إسرائيل حتى وبنيامين نتانياهو يقتل المئات من أطفال قطاع غزة.
ترامب قال عن كراوتهامر أنه حقير يكتفي بالجلوس ويخطئ في أمور كثيرة. ربما كانت إشارته إلى الجلوس سببها أن كراوتهامر مُقعَد مُذ كسر ظهره وهو يقفز في الماء فيصيب قعر بركة السباحة برأسه وهو طالب. ترامب قال ما خلاصته أنه صنع ثروة من تسعة بلايين دولار في حين أن كراوتهامر والكاتب الآخر جورج ويل لم يصنعا شيئاً سوى الجلوس، والقول أن لا حقّ له بالرئاسة. (في لندن رئيس البلدية بوريس جونسون، وهو نائب ومرشح دائم لرئاسة الوزارة قال لسائق تاكسي: لماذا لا تروح... وتموت. وكرر الكلام مع تغيير ترتيب الكلمات التي حذفت إحداها لأنها قبيحة جداً).
طبعاً الواحد منا، كما قال إبراهام لنكولن، لا يستطيع أن يخدع كل الناس كل الوقت، ولعل ترامب سيقنَع بأن يخدعهم يوم التصويت، فإن لم يُخدَعوا فعنده القدرة على رشوتهم، ولكن أرجح أنه لن يفوز بترشيح الحزب الجمهوري له ولو أنفق ثروته كلها لا مئة مليون دولار، كما أعلن.