جهاد الخازن
نحن في السنة الخامسة من الأزمة السورية، وقد حاولت على مدى أسابيع أن أبحث عن تلك الإبرة الخرافية في كومة القش الســورية ولم أجـــد شـيئاً إيجابياً يمكن أن أنطلق منه، فلا أمل بحل قـريب، والوضع السوري يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، والعرب يفركون الأيدي حزناً، والعالم يتفرج فيما السوريون يموتون أو يشرّدون.
الأمم المتحدة قالت في تقرير إن ما حلّ بحمص لو حلّ بمنطقة مانهاتن في نيويورك لدمر معظمها. الأمين العام بان كي مون قال إن الشعب السوري يشعر بأن العالم تخلى عنه وهو يركز على «داعش» والإرهابيين الآخرين.
جماعة «أطباء بلا حدود» أصدرت تقريراً يقول إن 350 ألفاً من سكان حمص محاصرون منذ سنة، ولا تصل أي إمدادات طبية اليهم، وإنما وصل قليل إلى شمال حمص. والتقرير يحكي عن قتل ودمار وتشريد.
جماعة مراقبة حقوق الإنسان قالت إن الإرهابيين يستعملون سيارات مفخخة ومدافع هاون وصواريخ في مهاجمة المدنيين، وتحدثت عن مئات القتلى وسجلت شهادات أطفال وبالغين عن الجرائم المرتكَبة. وقد طالبت 75 منظمة النظامَ بوقف رمي السكان بالبراميل المتفجرة.
برنامج التنمية الدولي قال إن مليوني سوري لم يحصلوا على حاجات العيش الأساسية بين 2013 و2014، و56 في المئة من السكان يعتمدون على الزراعة للعيش، إلا أن 75 في المئة منهم لا يملكون أرضاً. وربما زدنا أن العنف والإرهاب يمنعان وصول المساعدات إلى نحو 12 مليون سوري في بلادهم، وقد قتِل في أربع سنوات حوالى 220 ألف سوري، وفرَّ أربعة ملايين الى الخارج، ولا يزال القتل والتشريد مستمرَّين.
وزير الخارجية الأميركية جون كيري كان قال إن الرئيس بشار الأسد يجب أن يشارك في المرحلة الانتقالية. وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية فوراً بياناً يقول إن الحل في سورية يتطلب خروج بشار الأسد.
جماعات أميركية أخرى تزعم أن بشار الأسد أقنع الأميركيين بأنه «أهوَن الشرَّيْن»، وتقول إنه أفرج عن الإرهابيين في أواسط 2011، فأصبحوا قادة «جبهة النصرة» و «أحرار الشام» و «جيش الإسلام»، ما يدعم حجَّته.
إذا كــــان ما سبق لا يكفي، ففي مناطق من شمال شرقي سورية تحـــت سيــطرة «داعش»، بدأ الإرهابيون تجنيد الأطفال في ما يُسمى «أشبال الخلافة»، وهم يقدمون للأطفال تدريباً عسكرياً ويغسلون أدمغتهم بالأفكار المتشددة لينشأ جيل جديد من الإرهابيين.
مناطق النظام تحت سيطرة الجيش السوري، غير أن نفوذ المليشيات الإيرانية زاد بشكل ملحوظ، ورائحة الموت في كل مكان، وقد ترك القادرون مناطق النظام والإرهابيين لتصبح سيطرة هؤلاء وأولئك على مدن من دون سكان.
أبحث عن أسباب الرجاء ولا أجد سوى أسباب الشقاء، ولا أصدق نفسي وأنا أكتب اليوم أن المطلوب وحدة الأراضي السورية أرضاً وشعباً، فلم يخطر في بالي يوماً أن يكون هذا في خطر أو موضع جدل.
كـــلـه حلــم يقـــظة، أو كابـــوس، وأنا أطالب بانسحاب المليشيـات الأجنبية ووقف القصف بأنواعه، ومحاسبة أطراف الحـــرب الأهلية جميعاً ومــــعاقبة المذنبين، وعودة اللاجئين والنازحين في الداخل والخارج، ودور عربي مشترك وفاعل لوقف آلة الموت.
أو ربما طلبت قيادات وطنية تقود سورية الى بر السلامة، ولكن، لو كانت هذه القيادات موجودة هل كنا سقطنا في جحيم الهاوية؟ ليس عندي سوى أن أقول: رحمتك يا رب.