جهاد الخازن
ثمة حقائق واضحة، الرجال (المقصود الناس) ولدوا متساوين والخالق منحهم حقوقاً ثابتة بينها الحياة والحرية وطلب السعادة.
ما سبق ربما كان أشهر كلمات في إعلان الاستقلال الأميركي في 4/7/1776، وقد كتبت عن مؤشر السعادة الشهر الماضي، وكيف أن حكومة بوتان جعلته أساس سياستها إزاء شعبها. وأعود إلى الموضوع اليوم من زاوية أخرى هي استطلاع عن «الإيجابية» بين دول العالم.
ربما ما كنت طرأت الموضوع أو طرقت بابه لولا أنني وجدت أن سورية في نهاية قائمة تضم 138 دولة، بل أن سورية كانت الدولة الوحيدة التي تقل نسبة «إيجابية» شعبها عن 50 في المئة، وتشاد قبلها بنسبة إيجابية تبلغ 52 في المئة. أما سورية فلها 36 في المئة فقط.
هل نلوم السوريين؟ المصائب التي توالت عليهم في السنوات الأخيرة تهدّ الجبال، ولا سبب منطقياً يجعلني أتوقع أن تنتهي الحرب الأهلية غداً، فكلّ من طرفي القتال مصرّ على إلحاق هزيمة بالطرف الآخر، وأجد هذا مبرراً لسلبية السوريين، فقد سمعت أن السوري يبتسم إذا سمع صوت انفجار برميل متفجر، لأن سماعه الصوت يعني أنه نجا. الاستطلاع أجرته مؤسسة غالوب العالمية، وهي وجدت رغم حروب ونزاعات تلف العالم أن سبعة من كل عشرة بالغين حول العالم عندهم أسباب للاستمتاع بحياتهم والضحك والابتسام والراحة والشعور بأنهم يعاملون باحترام. وقال 51 في المئة أنهم يجدون شيئاً مفيداً يعملونه قبل انقضاء النهار.
أول عشر دول في استطلاع الإيجابية كانت على التوالي باراغوي ثم بنما وغواتيمالا ونيكاراغوا وإكوادور وكوستاريكا وكولومبيا والدنمارك وهندوراس وفنزويلا. وكما يرى القارئ فالشعوب الإيجابية أكثر من غيرها، أو المرتاحة، من أميركا اللاتينية باستثناء الدنمارك، ولا عجب في ذلك فهم يغنون ويرقصون وينسون.
الإمارات العربية المتحدة في المركز 15، وهو أعلى مركز عربي، ووجدت أن البحرين والكويت والمغرب في الربع الأول من الاستطلاع، وأن الأراضي الفلسطينية والعراق في النصف الأول.
المملكة العربية السعودية في النصف الثاني من الاستطلاع إلا أن نسبة إيجابية شعبها تظل عالية فهي 72 في المئة، وبعدها مصر و58 في المئة ولبنان وتونس و56 في المئة لهما، واليمن 55 في المئة، والمركز الأخير لسورية.
وهكذا فالعراقيون أكثر إيجابية من السعوديين، وبما أن مؤسسة غالوب موثوقة فالتفسير الوحيد الذي طلعت به هو أن العراقيين لا يقرأون الأخبار وأن السعوديين يقرأون أخبار بلدان أخرى ويركبهم الهمّ.
في المقابل لم أجد غرابة أن تحتل الإمارات أول مركز عربي في الاستطلاع فهي تتقدم بشكل تحسد عليه فعلاً. والكويت والبحرين والمغرب تشترك في إيجابية بنسبة 75 في المئة، فأقدر جهد الملك محمد السادس ورئيس الوزراء عبدالإله بن كيران في بلد من دون دخل نفطي يساعده.
لم أر الجزائر والسودان في الاستطلاع فلعل المواطنين فيهما اختلفوا مع القائمين على الاستطلاع لأن هؤلاء يحشرون أنوفهم في شؤون غيرهم ويسألون أسئلة فضولية.
ربما كان أغرب موقع في الاستطلاع أن تحتل إيران المركز 71 ونسبة إيجابية 63 في المئة، فالاستطلاع تزامن مع قراءتي أخباراً مصدرها إيران عن اعتقال أربعة شبان وثلاث صبايا بتهمة السعادة، فقد كانوا يرقصون على أنغام أغنية غربية هي «سعيد» للمغني فاريل وليامز. الموضوع قد لا يبدو مهماً في إيران، غير أن وسائل الإعلام العالمية تابعته بحماسة، وتدخلت جماعة مراقبة حقوق الإنسان مطالبة بالإفراج عن المعتقلين، فربما كان هذا سبب تعجيل السلطات الإيرانية بالإفراج عنهم.
في إيران السعادة ممنوعة، ولكن الهمّ والغمّ على قفا مين يشيل.