طموحي الشخصي عاطل بالوراثة

طموحي الشخصي: عاطل بالوراثة

طموحي الشخصي: عاطل بالوراثة

 العرب اليوم -

طموحي الشخصي عاطل بالوراثة

جهاد الخازن

عندما كنت صغيراً سمعت أن طريقي إلى الثراء أن أدرس الطب أو الهندسة، وكبرت ودخلت الجامعة وأدركت أن العلوم من نوع الرياضيات والفيزياء والكيمياء على عداء معي. وقررت أن طريقي إلى الثراء أن أصبح «عاطلاً بالوراثة».

كانت هناك ورثة، إلا أنها كانت محدودة بمقياس العصر، ونسيت الموضوع وعملت العمر كله منذ كنت طالباً في الجامعة ولم أتوقف عن العمل يوماً واحداً. الموضوع عاد إليّ أخيراً وأنا أقرأ مجلة «تاتلر»، عدد آب (أغسطس)، فقد وجدت فيها تحقيقاً عنوانه «نادي الورثة الشباب» عن قصور وقلاع محاطة بألوف الفدادين ورثها ابن أو بنت مع لقب لورد أو دوق أو كونتيسة وما إلى ذلك. الموضوع كان عن خارج لندن، ولكن في وسط العاصمة هناك مناطق بكاملها توارثها أبناء الأرستقراطية البريطانية، وفي حين أن هذه الأراضي كانت قبل مئة سنة أو مئتين لا قيمة كبيرة لها، فهي الآن تباع بالقدم المربع لا المتر أو اليارد، وأسعارها بالبلايين.

كم تمنيت أن أكون عاطلاً بالوراثة وأنا أقرأ التحقيق وأجد فيه شباباً وشابات حققوا أمنية عمري. طبعاً العمل مهم ويجب أن نعمل، لكن الراحة أجمل، فأطلب من القارئ أن يقارن بين رجل يعمل مدير فرع لبنك دولي، مكتبه له نافذة صغيرة، وبين رجل آخر في إجازة دائمة، وقد يحضر كرنفال ريو دي جانيرو كما فعلت أنا... مرتين. أفضل من هذا وذاك مدير بنك باركليز أنطوني جنكنز الذي طُرِدَ من عمله فأعطي تعويضاً بلغ 28 مليون جنيه.

وارث الثروة يقضي العمر وهو في خوف من أن يخسر ثروته. في المقابل هناك فوائد، فالثري إذا سكت يُعتبَر حكيماً وإذا تحدث يُثبت حكمته، وإذا روى نكتة فهي مضحكة حتماً، وهو يستحق الثروة فهذا قدره، أما محدَث النعمة فشخص آخر بالتأكيد.

الشاعر العربي القديم عروة بن الورد أدرك أهمية المال وقال:

ذريني للغنى أسعى فإني/ رأيت الناس شرهم الفقير

وأبغضهم وأهونهم عليهم/ وإن أمسى له حسب وخير

ويقصيه النديّ وتزدريه/ حليلته وينهره الصغير

وتلقى ذا الغنى وله جلال/ يكاد فؤاد صاحبه يطير

قليل ذنبه والذنب جم/ ولكن للغنى رب غفور

 

ومثل ذلك زجل لبناني حديث هو:

محبوبتي في السما/ ما لي الوصول إليها

خشخشت لها بالذهب/ نزلت على رجليها

 

وبالمعنى نفسه شعاري في الحياة وهو: صحة ولا تحتاج الناس. ولعل القارئ يلاحظ أن الجزء الثاني من الشعار يعني أن يملك الإنسان من المال ما يكفي حتى لا يضطر إلى الطلب من الآخرين.

وهذا المعنى موجود في كل لغة، والسياسي الأميركي روبرت أنغرسول سأل سنة 1869: هل يملك الغني ممتلكاته أو هي تملكه؟ أما المؤلف والناقد البريطاني سيريل كونلي، ففي مذكراته 1928 - 1937، تحرير د. برايس جونز، يقول: ثمة شيئان يستحقان أن يملكهما الإنسان المال الذي لم تتعذب في جمعه شخصياً واللامسؤولية. أقول أنه إذا كان الإنسان ثرياً فهو يستطيع أن يكون غير مسؤول أيضاً.

وأسمع أن المال لا يأتي بالسعادة. أقول ربما، ثم أسأل: هل الفقر يأتي بالسعادة؟ إذا كان الإنسان اختار أن يعيش العمر بائساً أليس أفضل أن يرافق البؤسَ ثراء بدل الفقر؟ وإذا فاتت السعادة هذا وذاك، فهما يثبتان صدق المَثل: إتلمْ المتعوس على خايب الرجا.

كان هناك الذي قال أنه فقير لأن أمه خدعته. وعندما سُئِل كيف كان ذلك قال أنها بقيت تقول له أن الصدق أفضل سياسة، وأن المال ليس كل شيء حتى صدّقها. وكبِر وأدرك، بعد فوات الأوان، أنها كانت مخطئة في هذا وذاك وآراء كثيرة أخرى.

أخيراً، أشعر مثل الخبير الاقتصادي الذي لا يملك شيئاً ثم يحاول أن يعلم بيل غيتس كيف يستثمر فلوسه. أشعر هذا وأنا أنصح القارئ إذا أعطى أحداً من أولاده قرضاً لشراء شقة أو غير ذلك ألا يتوقع فائدة على القرض، بل ألا يتوقع أن يرى فلوسه مرة أخرى.

arabstoday

GMT 06:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 06:25 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 06:24 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تعود الجائزة عربية بعد 6 سنوات؟

GMT 06:12 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 06:09 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 06:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 06:02 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 06:01 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طموحي الشخصي عاطل بالوراثة طموحي الشخصي عاطل بالوراثة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 15:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تدعم لبنان وحزب الله في محادثات وقف إطلاق النار
 العرب اليوم - إيران تدعم لبنان وحزب الله في محادثات وقف إطلاق النار

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab