عودة إلى أدب الرسائل

عودة إلى أدب الرسائل

عودة إلى أدب الرسائل

 العرب اليوم -

عودة إلى أدب الرسائل

جهاد الخازن

 يحاول الإنكليز اليوم إحياء أدب الرسائل. أزعم أن العرب اخترعوا الرسائل. الجهد الإنكليزي بدأ في خريف 2013، وأصبح هناك الآن موقع إلكتروني باسم «رسائل تحيا». وشهدت العاصمة البريطانية معرضاً عن الرسائل استمر من آخر أيام الشهر الماضي حتى الرابع من هذا الشهر.

كله جميل، ولعل السبب الأهم وراء محاولات إحياء أدب الرسائل هو هجمة التكنولوجيا الحديثة، والهاتف المحمول (موبايل)، فلم أعد أحتاج أن أكتب رسالة إلى الأهل كما كنت أفعل وأنا شاب وعلى سفر، وإنما هي ثوانٍ ثم حديث يطول أو يقصر.

قبل 1400 سنة عرف العرب رسائل نبي الله والخلفاء إلى الحكام والسفراء وقادة الدول. وأذكر من رسالة النبي إلى المقوقس، عظيم مصر، في السنة السادسة للهجرة، قوله: أسلمِ تسلَم يؤتك الله أجرَك مرتين.

في القرآن الكريم: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم، وهو كلام سليمان الملك إلى بلقيس ملكة سبأ. وكان لكل خليفة «ديوان الرسائل» وحفظنا القول: بدأت الكتابة بعبدالحميد وانتهت بابن العميد (قرأت أيضاً: بُدِئت الكتابة...).

عندما عدت إلى المراجع وجدت أن عبدالحميد من أصل غير عربي، وأن ابن العميد فارسي من قم. والأول عمل لمروان بن محمد، وقُتِل بعد أن زالت دولة الأمويين. أما الثاني فعمل في بلاط البويهيين وكتب لركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه، والد عضد الدولة.

المتنبي مدح ابن العميد في قصيدته التي مطلعها:

بادٍ هواك صبرت أو لم تصبرا/ وبكاك إن لم يجرِ دمعك أو جرى

وفيها عنه:

من مبلغ الأعراب أني بعدها/ شاهدت رسطاليس والاسكندرا

وسمعت بطليموس دارس كتبه/ متملكاً متبدياً متحضرا

لم أذهب إلى معرض لندن، غير أن ابنتي ذهبت وأهدتني كتاباً عن «الرسائل تحيا» ضم عدداً كبيراً منها يعكس التراث البريطاني.

ولعل أغرب رسالة قرأتها كانت من آن بولين والملك هنري الثامن إلى الكردينال وولزي تحضّه على السرعة في إلغاء أول زواج للملك حتى تتزوجه هي. الرسالة غريبة جداً لأنها بدأت بخط آن بولين، ثم ألقت هذه القلم إلى هنري الثامن وطلبت منه أن يكملها إلى الكردينال لأن كلمته نافذة.

هنري الثامن تزوج ست مرات وطلق اثنتين وأعدَم اثنتين، أولاهما آن بولين، وماتت واحدة، ومات هو لتصبح زوجته الأخيرة أرملة.

الكتاب ضم رسائل كثيرة جميلة لمشاهير السياسة والأدب في بريطانيا. وهي محفوظة في متاحف عدّة، غير أنني توقفت أمام رسالة كتبها بوب ومارسيا سميث إلى إنكليزي قرف من السياسة ولا يريد أن يصوِّت في الانتخابات المقبلة. هما قالا له أنهما سيصوّتان لأن نلسون مانديلا قضى 27 سنة في السجن لأنه يريد التصويت، ولأن إميلي ديفدسون قفزت أمام حصان الملك لأنها أرادت التصويت، ولأن مارتن لوثر كنغ أراد التصويت، ولأن الصغار ينصبون خيام الاحتجاج في هونغ كونغ لأنهم يريدون التصويت، ولأن الربيع العربي وثورة الياسمين نهض بهما شباب يريدون التصويت...

حسناً، أنا اخترت مقاطعة الانتخابات البرلمانية البريطانية في السابع من الشهر المقبل، لأن المحافظين البريطانيين من نوع المحافظين الجدد في أميركا، ولأن العمّال وعدوا بزيادة الضرائب على أمثالي لتنفَق على ناس لا يريدون العمل، ولأن الليبراليين لا أمل لهم بالفوز.

الفائدة من الرسائل مضمونة بقدر ما أن الفائدة من السياسيين شبه مستحيلة.

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة إلى أدب الرسائل عودة إلى أدب الرسائل



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab