جهاد الخازن
الضربة العسكرية الأميركية للنظام في سورية، كما وعد الرئيس باراك أوباما أو أوعد، ستبدأ بعد 48 ساعة أو 72 ساعة، وقد عارضتُها لأن هدفها ليس إسقاط النظام أو تمكين الجزء الوطني من المعارضة، وإنما معاقبة النظام على استخدام السلاح الكيماوي، فيما الولايات المتحدة هي آخر بلد في العالم يحق له معاقبة الآخرين بعد دورها المستمر في دعم الاحتلال الإسرائيلي بالمال والسلاح رغم جرائم الحرب التي يرتكبها كل يوم.
هل من مخرج؟ عندي اقتراحات تحمل صفة المفاجأة، تماماً كما فعل الرئيس الأميركي وهو ينقل المسؤولية عن الضربة القادمة إلى الكونغرس، فإذا أيدها يصبح شريكاً فيها، وإن عارضها يقول الرئيس: أردتُ معاقبة نظام الأسد ولكن الكونغرس رفض.
أقترح التالي:
- يعلن الرئيس الأسد وقف إطلاق نار شاملاً وفورياً في كل أرجاء سورية، ويتعهد بألا تطلق القوات المسلحة النار إلا في حالة تعرضها لهجوم، ثم يتحدى المعارضة أن ترد بوقف مماثل يحفظ حياة السوريين.
- يتعهد بألا يرشّح نفسه للرئاسة بعد انتهاء ولايته الحالية في 2014.
- يحل البرلمان ويدعو إلى انتخابات برلمانية ورئاسية قبيل انتهاء ولايته الثانية، على أساس أول دستور سوري بعد الاستقلال سنة 1946 (دستور 1950)، ويطلب أن تُشرف جامعة الدول العربية والأمم المتحدة على إجراء الانتخابات.
- يُعدّ النظام الجديد دستوراً جديداً لسورية.
- يشترط أن تُطرد العناصر الإرهابية مثل النصرة من سورية، وأن يحارب الإرهابيون الأجانب الذين يدينون بالولاء للقاعدة (هذا يناسب أميركا)، وربما اشترط لاحقاً منع الإخوان المسلمين السوريين من ترشيح عضو في الجماعة للرئاسة (هذا يناسب الدول العربية المحافظة).
- يعلن الرئيس قبول استقالة الحكومة ويدعو المعارضة الوطنية مثل الائتلاف الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديموقراطي والمجلس الوطني الكردي والمنبر الوطني الديموقراطي إلى المشاركة في حكومة وحدة وطنية يحتفظ لنفسه فيها خلال الفترة الانتقالية، حتى انتخاب رئيس جديد وبرلمان، بوزارتي الدفاع والداخلية، ويترك للمعارضة الاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها.
- يعلن الرئيس عفواً عاماً عن كل الجرائم التي ارتُكبت خلال الثورة بين آذار (مارس) 2011 وانتخاب الرئيس الجديد والبرلمان، ويطلب أن يوافق النظام التالي على هذا العفو.
- يتحدى الرئيس الدول العربية القادرة على وضع خطة لإعادة تعمير سورية، فبعضها أيّد المعارضة الوطنية وبعضها سلّح الإرهابيين، ويقول على سبيل التشجيع أن يبدأ بناء ما تهدّم فور تركه الحكم حتى لا يُقال إنه يريد ادعاء الفضل في التعمير.
- ربما ضم البيان الرئاسي إشارة إلى الأكراد السوريين في شمال شرقي البلاد، فيدعو إلى منحهم حكماً ذاتياً واضحاً ومحدوداً داخل الدولة السورية، يَصلح نموذجاً للتعامل مع الأكراد في البلدان المجاورة.
كل ما سبق يمكن إعلانه في عشر دقائق بدل ساعتين، وأتوقف هنا لأقول إنني اقترح وليس عندي ذرة أمل بأن يقبل النظام السوري رأيي، فهو لو اختار الحكمة بدل القتل لما شهدنا المأساة المستمرة، ولكان مئة ألف سوري، بينهم أطفال، على قيد الحياة، ولما كان هناك زجاج مكسور في نافذة واحدة في حمص، التي شهدت دماراً وكأن مدينة خالد بن الوليد تعرضت لقنبلة نووية.
في التوراة «على من تقرأ مزاميرك يا داود»، وأنا لا أؤمن بداود ومزاميره، ولا أؤمن أيضاً بأن النظام قادر على شيء غير الحل الأمني فهو اختاره من اليوم الأول، وفشل شهراً بعد شهر ولا يزال ماضياً فيه بعد أن فشل 30 مرة.
أيضاً أُدرك أن الذين ارتكبوا جرائم بحق الشعب السوري لا يستحقون عفواً، ولكن أصر على أن يكون العفو جزءاً من الحل (الوهمي) لأن من دون العفو سيستمر القتلة في القتل دفاعاً عن أنفسهم، وإدراكاً منهم أي مصير ينتظرهم لو خسروا المواجهة.
اقتراحاتي هدفها الأول والأخير حماية أرواح السوريين، ولعلي دخلتُ في نوع من الحلم أو الهلوسة فأرخص شيء في سورية هذه الأيام هو حياة الإنسان.
نقلا عن جريدة الحياة