جهاد الخازن
الصيف الماضي أصيبت إنكلترا وبقية العالم بحمى الألعاب الأولمبية، وهذا الصيف فرنسا مصابة بحمى سباق الدراجات السنوي، وهي حمى موسمية تصيب الفرنسيين كل صيف، ويبدو أن الإصابة ستكون أشد هذه السنة لأن السباق الحالي يحمل الرقم مئة.
هناك 21 مرحلة في السباق، الذي بدأ في 29/6 وينتهي في 21/7، وبعض المراحل على أرض مسطحة، وأخرى عبر التلال أو الجبال، والنهاية في باريس، بعد أن يكون المتبارون قطعوا 3.404 كيلومترات.
هناك فيلم اسمه «قطارات، طائرات وسيارات»، ولا أفهم لماذا لا يستعمل المتبارون إحدى وسائل النقل هذه بدل المغامرة بإصابة بمرض القلب لرؤية فرنسا على بسكليت.
الرياضة هي كرة القدم، أو «الكورة» فهي الأكثر شعبية حول العالم، كما أنها من الأهمية أن تثير حروباً، كما حدث غير مرة في أميركا اللاتينية، وكما كاد يحدث بين مصر والجزائر وهما حليفتان تاريخيتان.
أدرك أن هناك مئة رياضة أخرى، فأنا خبير حضرت الألعاب الأولمبية وكأس العالم وسباقات «فورمولا واحد» في إنكلترا والبحرين وموناكو، وأيضاً نهائي الرجال والنساء في كرة المضرب في ويمبلدون.
تركت لندن إلى جنوب فرنسا يوم الاثنين 8/7 وكل جريدة لندنية تحمل العنوان نفسه والصورة نفسها، فقد فاز الإسكتلندي آندي موراي ببطولة ويمبلدون بعد 77 سنة لم يفز بها أي بريطاني، ومع أن ويمبلدون في إنكلترا فان الإنكليز تذكروا أنهم بريطانيون وقرروا أنهم فازوا فيما أهل اسكتلندا يخططون للانفصال والاستقلال.
وهكذا كان، ومن كرة المضرب إلى الدراجات، وما يجعلني أنتصر لكرة القدم فهي الأولى والأخيرة والأكثر شعبية في العالم.
كرة المضرب والغولف وكرة السلة والكرة الطائرة لها محبون كثيرون، غير أن كرة المضرب أرستقراطية، وبحاجة إلى حد أدنى من الثراء، ولعبة الغولف مثلها فهي من هوايات الخاصة، أما كرة السلة فيمارسها ناس القصير بينهم طوله متران، أما الكرة الطائرة فهي تكاد تكون لعبة المدارس الثانوية قبل الألعاب الأولمبية.
لعبة الرغبي الإنكليزية ولعبة الفوتبول الأميركي هما من مشتقات كرة القدم، ونجاحهما يعتمد على العنف الممنوع في كرة القدم، واللاعبون بحجم مصارعين، فإذا اصطدموا دوّى الملعب بصوت كأنه قنبلة. وهنا أجد الأميركيين أذكى من أهل بريطانيا، فهم من مستعمرة بريطانية سابقة إلا أنهم يلعبون «الفوتبول الأميركي» وقد ارتدوا أقنعة واقية للرأس، وأيضاً أحزمة وغيرها لحماية الكتفين والصدر والركبتين.
هل يعرف القارئ أن هناك لعبة، أو رياضة، اسمها كروكيت كنت جئت إلى لندن زائراً قرب نهاية 1975، ووجدت لي فيها صديقاً إذا لم تخني الذاكرة فهو علي إبراهيم المحروس، السفير البحريني في حينه. أخونا علي قال لي إن بريطانيا بلد الأندية ذات العضوية، وأخذني لغداء في نادي هيرلنغهام الذي يمثل واحة بحذاء نهر التيمز في حي فولام. وجدت هناك نساء في عمر النادي، أي من مواليد القرن التاسع عشر، يلعبن كروكيت والهدف فيها أن تضرب طابة بمطرقة خشبية على الحشيش لتدخل في قوس معدني رفيع طويل.
ملأت أوراق عضوية نادي هيرلنغهام وزكاني العضو علي إبراهيم المحروس، ثم وجدت أن قائمة الانتظار هي ست سنوات، وقلت إن الحرب الأهلية اللبنانية ستنتهي خلال أشهر وسحبت الطلب. الحرب استمرت 15 سنة، وبقيت بعدها 20 سنة ولا أزال أخطط للعودة.
هناك لعبة من نوع ما سبق اسمها «بولز» والمطلوب فيها أن تدحرج طابة على الحشيش لتقترب من طابة صغيرة، والفائز الأقرب إلى هذه.
أقمت في بريطانيا ولم أجد ما يشدني إلى لعبة الرغبي، وأقمت في الولايات المتحدة ولم أحب لعبة البيسبول، فاللاعب يضرب بعصا كرة يرميها لاعب آخر، ويركض من قاعدة إلى قاعدة. شخصياً أرفض أن أركض إلى «القاعدة»، وإنما أركض منها ومن كل أنواع الإرهاب.
كل ما سبق يهون مع أنواع من الرياضة يجب منعها، خصوصاً الملاكمة، فهدفها إيقاع الأذى، وعادة لا يتقاعد الملاكم إلا وقد فقد أكثر صحته وبعض عقله.
المصارعة ليست أفضل، وقد أصبحت الآن مثل فيلم سينما أو مسرحية، خارج الألعاب الأولمبية، وهدفها الترفيه قبل أي شيء آخر.
الأساس هو كرة القدم، وأكمل غداً.