جهاد الخازن
حزب الله (اللبناني) متهم بالقيام بعمليات إرهابية، أو التخطيط لها، في بلدان مثل قبرص وبلغاريا والهند وأذربيجان وكينيا، وقبل كل هذه في الأرجنتين.
أؤيد حزب الله ضد إسرائيل وأعارضه في كل مكان آخر، بما في ذلك رأس بيروت، وهو عندما يشن غارة على هدف عسكري أو اقتصادي (لا بشري) إسرائيلي يعمل كحركة تحرر وطني في وجه حكومة نازية جديدة عنصرية محتلة. غير أنه إذا قام بعملية ضد سياح إسرائيليين في الخارج، أو مركز يهودي في بلد ثالث، يرتكب إرهاباً لا دفاع عنه البتّة.
أكتب على خلفية قرب صدور حكم في قضية حسام يعقوب الذي اعتقِل في قبرص في 7/7/2012 وهو يرصد حركة سياح إسرائيليين، وأيضاً قتل خمسة سياح إسرائيليين في بلغاريا مع سائق الباص الذي أقلّهم وإرهابي وضع قنبلة في الباص لتنفجر في الجميع في 18/7/2012.
وزير خارجية بلغاريا نيكولاي بلادينوف نقل عن وزير الداخلية تسفيتان تسفيتانوف قوله في أوائل هذا الشهر أن هناك افتراضاً أو نظرية عن علاقة حزب الله بالتفجير، إلا أنهما لم يقولا أبداً أن التهمة ثابتة. وكانت المدعية العامة ستانيلا كارادجوفا سبقت وزير الداخلية بشهر كامل عندما نشرت مجلة محلية مقابلة معها ربطت الانفجار بأنصار القاعدة. والحكومة البلغارية أقالت المدعية بعد ذلك بحجة أنها صرحت بمعلومات سرية عن التحقيق. وأدى ضبط «سيم كارد» هاتف محمول في مكان الجريمة إلى ربط الهاتف بشركة ماروك تلكوم في المغرب، حيث لا يوجد نشاط لحزب الله، وإنما تنشط جماعات من أنصار القاعدة.
مرة أخرى، هناك افتراض بلغاري أو نظرية بلغارية عن العملية الإرهابية، وحتماً لا يوجد حكم محكمة بعد. مع ذلك توماس دونيلون، مستشار الأمن القومي للرئيس أوباما، وجد في الشكوك البلغارية ما يكفي ليكتب مقالاً في «واشنطن بوست» عنوانه «إماطة اللثام عن حزب الله» فلم يفعل سوى إماطة اللثام عن ارتباطه بإسرائيل ومصالحها. وأكتفي بترجمة الفقرة الأولى من مقاله:
«في الخامس من شباط بعد أكثر من ستة أشهر من التحقيق أعلنت الحكومة البلغارية أنها تعتقد أن حزب الله كان مسؤولاً عن الهجوم في تموز (يوليو) الماضي الذي قتل خمسة سياح إسرائيليين وسائق باص بلغاري وجرح عشرات آخرين في بلدة بورغاس السياحية. هذا التقرير مهم لأن عضواً في الاتحاد الأوروبي هو بلغاريا وجّه بوضوح أصبع الاتهام إلى حزب الله ورفع النقاب عن استمرار النشاط الإرهابي للحزب. أوروبا لا تستطيع أن تتجاهل الخطر الذي يمثله حزب الله على القارة والعالم».
الفقرة السابقة تُدين دونيلون لا حزب الله، فمستشار الأمن القومي يلجأ إلى التأويل لأن حكومة بلغاريا رجّحت ولم تجزم، وهي لم توجه الأصبع بوضوح أو تحديد، وإنما افترضت. ثم أن دونيلون يبالغ بشكل ممجوج وهو يزعم أن حزب الله يهدد أوروبا والعالم، فهذا كلام إسرائيلي والهدف الإسرائيلي منه واضح، وهو اعتبار حزب الله منظمة إرهابية كما فعلت الولايات المتحدة.
مَنْ يوجه التهمة أيضاً؟ جوبي واريك نقل في تحقيق طويل نشرته «واشنطن بوست» عن ماثيو ليفيت، وهو أميركي ليكودي الميول تنقل بين أف بي آي ووزارة الخزانة ومعهد واشنطن المؤيد لإسرائيل كخبير في مكافحة الإرهاب، وسيصدر له قريباً كتاب عن حزب الله، وأيضاً عن دانيال بنجامين الذي استقال أخيراً من منصب مسؤول مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية التي تصدر سنوياً قائمة عن الجماعات الإرهابية لا تضم إسرائيل التي تقتل النساء والأطفال وتسجن ألوف الفلسطينيين من دون محاكمة سنوات. وهكذا فالمقال ينقل عن أنصار إسرائيل كأنهم شهود عدول.
إذا ثبتت التهم على حزب الله فلا دفاع عنه البتّة، وإنما أجده يستحق إدانة عامة لأنه يتجاوز علّة وجوده كحركة مقاومة ليخدم إيران ضد الدول العربية والأجنبية. كل ما أرجو حتى لا يخسر حزب الله رصيده كحركة تحرر وطني أن يقف على الحياد المطلق في سورية فلا يمثل «مخلب قط» لإيران، وأن يبتعد عن إيران ونشاطها الاستخباراتي في البلدان العربية وحول العالم، لأنني أعتقد أن الحملة على حزب الله من أنصار إسرائيل المعروفين تستهدف إيران لا حزب الله، ولا أرى سبباً منطقياً يجعل الحزب يدفع ثمن أخطاء إيران وخطاياها بدل أن يستمر في المقاومة في أرض المعركة فقط.