أمس الأحد (أكتب ظهر الاثنين) قرأت في صحيفتين أخباراً هذه عناوينها:
- الضحايا يقولون إن وزارة الخارجية خذلتهم.
- الأطباء يبحثون عن عمل في الخارج بسبب زيادة ساعات العمل وخفض المخصصات.
- وسائل الإعلام تُمنَع من نشر تقرير عن تحرش نائب بطفل.
- الطوارئ لا تستطيع التعامل مع أمراض الشتاء.
- الجمعيات الخيرية تريد زيادة المخصصات للأدوية التي تحمي من السرطان.
- أزمة الضمانات الاجتماعية. لماذا لا نعرف الحقيقة؟
- تغيير الضمانات يعني الخيار بين الأكل والتدفئة.
أرجو أن يلاحظ القارئ العنوان الأخير فالخيار فيه بين الموت جوعاً أو برداً.
الأخبار السابقة ليس مصدرها لبنان أو أي بلد عربي، وإنما بريطانيا عبر جريدتي «الأوبزرفر» و»الإندبندنت أون صنداي»، وكلتاهما مهنية ليبرالية ذات صدقية.
بدأت بالأخبار السابقة لأن الكلام لا يدل على مصدرها، وأكمل الآن بعناوين مماثلة من الجريدتين في اليوم نفسه:
- بريطانيا تواجه مزيداً من الفيضانات وموجات الحر.
- وزير التجارة فنس كيبل يقول إن عزم وزير الخزانة جورج أوزبورن خفض الضرائب بحوالى سبعة بلايين جنيه «خيال بالكامل».
- أكاديميون يقولون إن الحضارة البريطانية تتراجع بسبب نقص المخصصات.
- ملايين البريطانيين على بُعد أيام من الجوع.
- الشرطة البريطانية تحقق في مزاعم عن رقّ في أسطول صيد السمك البريطاني.
أكتب للتسرية عن القارئ العربي، اللبناني أو المصري أو الأردني، وربما التونسي أو المغربي، فهو قد يعتقد أنه سيئ الحظ وأن ربنا تخلى عنه، أو أن المصائب لا تعرف غيره. هو مخطئ وما قدمت للقارئ العربي من معلومات أحتفظ بأصولها، وهي من جريدتين فقط من أصل سبع جرائد لندنية أقرأها كل يوم.
البريطاني يشكو وهو في بلد صناعي متقدم جداً، دخل الفرد فيه عالٍ، ولا إرهاب يهدده كما يهدد السوري أو العراقي أو اليمني أو الليبي، وهناك ضمانات صحية واجتماعية تجعل الأجانب يحاولون غزوه، ففي مدينة كاليه الفرنسية توجد مستوطنات أو مستعمرات لمهاجرين يحاولون دخول بريطانيا خلسة.
لن أقول إن المواطن في بلادنا يشكو من دون علّة، فالعلل كثيرة، وإنما أقول إن الناس في كل بلد يشكون، وبلغ الأمر بفرنسيين ميسورين أن يتركوا بلادهم هرباً من فرانسوا هولاند وضرائبه.
وجدت في كتب تراثنا الأدبي شاعراً يقول:
الأبيضان أبردا عظامي / الماء والفتّ بلا إدام
هو يأكل ويشكو، وبالمناسبة الأبيضان أيضاً شحم وشباب تفرح بهما الرباب.
أقول للقارئ ما يقولون في مصر: ما تدقِّشْ يا بيه، وأرجوه أن يتمثل بعمر بن أبي ربيعة وقوله:
سلامٌ عليها ما أحبَّت سلامنا / فان كرهته فالسلام على أخرى
وما سبق يذكرني بكل مَنْ يعتقد أنه لم يفشل في الحب غيره. الذين خاب أملهم في الحب أضعاف الذين نجحوا، والشاعر قال:
وما كل مخضوب البنان بثينة / ولا كل مسلوب الفؤاد جميل
وكنت وقفت هذه الزاوية يوماً على إيليا أبو ماضي وشعر له ينتقد التشاؤم والمتشائمين فأعود إليه ببيت من شعره فقط:
أيهذا الشاكي وما بك داء / كن جميلاً ترى الوجود جميلا
خيرٌ من كل ما سبق القول الكريم: تفاءلوا بالخير تجدوه.