لماذا صمدت ممالك العرب

لماذا صمدت ممالك العرب؟

لماذا صمدت ممالك العرب؟

 العرب اليوم -

لماذا صمدت ممالك العرب

جهاد الخازن

كنت في فلورنسا لحضور زفاف ابن أصدقاء أعزاء، وأخذت العائلة بعد ذلك الى روما، وعدت إلى لندن للعمل، وذهبت العائلة إلى جنوب فرنسا في إجازة الصيف. هو تقاسم مهمات: أنا أعمل والعائلة تصطاف.

فلورنسا من جنات الله على أرضه. هي قطعة حية من تراث النهضة الأوروبية والإيطالية. الجسور على نهر أرنو الذي يخترق المدينة، تحف فنية وكذلك الدور والقصور والمتاحف والكنائس والميادين. أسرة مديتشي حكمت فلورنسا بدءاً بالقرن الرابع عشر، وأنجبت باباوات وغانيات، وأيضاً بنك مديتشي، ورَعَت الفنون والآداب.

أما روما فمتحف في الهواء الطلق منذ أيام الرومان، مروراً بالنهضة وحتى اليوم. وبما أن الطليان يستسلمون في الحروب بسرعة، فبلادهم لم يدمرها الغزاة، وإنما حُفِظت آثارها قديمةً، يعني من ألوف السنين، وحديثةً، يعني من مئاتها.

الحضارة الأوروبية صنعها ملوك لا الزعيم الأوحد أو الأخ العقيد أو البكباشي العتيد. بعض الممالك الأوروبية سقط بعد الحرب العالمية الثانية، إيطاليا سنة 1946، ومثلها هنغاريا وبلغاريا، وسبقتها في السقوط يوغوسلافيا سنة 1943، وآيسلندا سنة 1944. وسقطت الملكية في اليونان سنة 1974. ولاحظت أنه لم يقم في أوروبا أثر له قيمة جمالية أو تاريخية منذ سقوط الممالك.

ما سبق مقدمة، فقد لاحظت أن الملوك صنعوا حضارة أوروبا، وأخذت أقارن بما عندنا، وأفاجأ بأن «الحال من بعضه».

هل لاحظ القارئ أنه منذ اندلاع الثورات العربية في 2011، لم يسقط نظام وراثي عربي واحد، من مملكة أو سلطنة أو إمارة؟ سقط النظام الجمهوري في تونس، ثم مصر وليبيا واليمن، وتهاوى في العراق وسورية.

لماذا صمد الحكم الوراثي؟ ربما كان الجواب في إسمه فهو وراثي، ووارث الحكم يتدرب على إدارته في ظل أبيه أو أخيه، وعندما يحكم تكون له خبرة عملية طويلة في التعامل مع الشعب وحاجاته. في المقابل، يأتي إلى الحكم كولونيل نصف أمي من نوع معمر القذافي، ويحاول أن يلغي بكتابه الأخضر الفكر العالمي الموروث، ثم ينصّب نفسه ملك ملوك أفريقيا، ويقتل ويدمر، فإذا سقط يترك وراءه «خرابة» لا دولة. هناك الآن في ليبيا ميليشيات مسلحة أو «مافيات» والموت على مدار الساعة.

أرجو ألّا يُفهم من كلامي أنني أؤيد الممالك وأعارض الجمهوريات، فهذا ليس موضوعي اليوم. الموضوع هو أن يصل إلى الحكم خبير في إدارته.

الملك سلمان بن عبدالعزيز بقي عقوداً أمير الرياض وعمله اليومي حل مشاكل الناس ومساعدتهم، قبل أن يصبح ولي العهد ثم ملك السعودية. الشيخ صباح الأحمد الصباح بقي عقوداً وزير خارجية الكويت قبل أن يصبح أميرها، وخبرته المحلية والعربية والعالمية لا تضاهى.

في المقابل، كولونيلات العراق أسقطوا النظام الهاشمي، وبعد فيصل الثاني جاء الزعيم الأوحد عبدالكريم قاسم. هل أحتاج أن أقارن؟ الشيعة كانوا من رؤساء الوزارة أيام الملكية، وجاء العسكر وصولاً إلى «المافيوزو» صدّام حسين الذي اضطهد الشيعة مع السنّة، وتبعه نظام شيعي صنعه الأميركيون فاضطهد كل طائفة أخرى، وكان المسؤول الأول والأخير عن قيام «داعش».

أكتب فقط عمّا عندي عنه علم اليقين، فعندما ذهبت إلى عُمان سنة 1975 لأجري مقابلة للسلطان قابوس، كان جواز سفري يحمل عبارة «ضيوف جلالة السلطان»، ومع ذلك نزلت في غرفة فندق مصنَّع سلفاً من التنك ومعي زميلان، والماء ساعة واحدة في الصباح فقط، ولا توجد طريق مزفّتة سوى بين مسقط ومطرح. انظروا إلى عُمان اليوم وقارنوا بين ما كان وما أنجز السلطان قابوس. هو مرِض وبقي خارج بلاده تسعة أشهر، ولم يثرْ عليه أحد تقديراً لإنجازه.

مرة أخرى، لا أقارن وإنما أسجل ما عاصرت ورأيت وقرأت وسمعت.

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا صمدت ممالك العرب لماذا صمدت ممالك العرب



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab