جهاد الخازن
روسيا دخلت الحرب في سورية دفاعاً عن الرئيس بشار الأسد ونظامه، وضربت المعارضة بالصواريخ من بحر قزوين، وهي تقوم بغارات جوية ولها قاعدة بحرية وأخرى برية وجنود في مناطق القتال. والآن الولايات المتحدة دخلت الحرب بدورها، وهي قدمت مئة مليون دولار لدعم معارضين يقاتلون في منطقة الحسكة وأرسلت 50 رجلاً من القوات الخاصة إلى سورية لنصح المعارضين. وسيكون أول اختبار للدور الأميركي الجديد في الرقة، عاصمة «داعش»، بالتعاون مع المقاتلين الأكراد.
لولا الفاجعة السورية المستمرة لوجدنا التدخل الأميركي مضحكاً، إلا أنه إذا كانت في الموضوع «نكتة» فهي علينا ونحن ندفع الثمن.
الدور الأميركي، إذا كان لنا أن نبالغ ونسمّيه دوراً، أثار ردود فعل متناقضة داخل الولايات المتحدة، فالسيناتور جون ماكين، وهو داعية حرب حقير يريد أن تحتل بلاده بلادنا، قال إن التدخل الأميركي المعلن لا يكفي بالنظر إلى حجم التحدي المطروح. وكان للنائب بول ريان، الرئيس الجديد لمجلس النواب، رأي مماثل. لكن السيناتور الديموقراطي كريستوفر ميرفي رأى أن إرسال رجال القوات الخاصة إلى سورية تطور سياسي مهم قد يكون خطراً يجرّ الولايات المتحدة إلى حرب أهلية لا نهاية لها في الأفق.
البيان المشترك الصادر عن الاجتماع في فيينا حول سورية كان أسوأ من التدخل الأميركي بخمسين عسكرياً. المشاركون تفاهموا على وحدة الدولة السورية واستقلالها وسلامة أراضيها والإبقاء على مؤسسات الدولة وحماية حقوق السوريين جميعاً، ثم طلبوا من الأمم المتحدة أن تجمع ممثلي الحكومة السورية والمعارضة في عملية سياسية تفضي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي.
هل لاحظ القارئ شيئاً في الكلام السابق؟ لاحظت أن 17 دولة وجهة اجتمعت في فيينا وأصدرت بياناً عن حاضر سورية ومستقبلها من دون أن يشارك في الاجتماع أي وفد سوري من النظام أو المعارضة.
بكلام آخر، الدول المشاركة قررت الحل ودعت الأمم المتحدة إلى جمع أطراف النزاع للتنفيذ. وهي في بيانها عن اجتماع فيينا، عادت وقالت إن العملية السياسية ستكون عملية سورية وبقيادة سورية والشعب السوري هو الذي سيقرر مستقبل سورية. بل أن البيان يكمل قائلاً إن المشتركين السوريين سيعملون مع الأمم المتحدة لتطبيق وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد كافة.
وهكذا مرة أخرى، يقرر المشاركون ما يجب عمله ويأمرون السوريين بتنفيذه.
مؤتمرات فيينا أو جنيف واحد أو اثنين أو مئة لن تحل المشكلة، فالمجتمعون ليسوا على اتفاق أبداً حتى لو أصدروا بياناً مشتركاً. الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وتركيا ودول عربية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر تصر على رحيل بشار الأسد، وإن اختلفوا على الموعد والآلية، في حين تصر روسيا وإيران على بقائه وتحاربان مع «حزب الله» لدعمه.
هذا الخلاف المستمر تجاهله المجتمعون في فيينا، واختاروا أن يقرروا ما ينفع الشعب السوري، وأن يتركوا لهذا الشعب التنفيذ.
لو كانت الأطراف في فيينا على رأي واحد لكان التنفيذ سهلاً، إلا أنها في النهاية على خلاف من حجم الخلاف بين النظام السوري وخصومه، ما يجعل التنفيذ صعباً، وربما مستحيلاً.
أتمنى لو أكون مخطئاً، بل أنظر إلى السماء وأدعو أن أكون مخطئاً، إلا أنني أعرف أنه سواء اتفقت الدول الأجنبية أو اختلفت، فالسوريون ضحية ونحن جميعاً ندفع الثمن.