جهاد الخازن
من هنا وهناك وهنالك.
مؤشر الفساد العالمي الصادر عن مؤسسة الشفافية الدولية يشمل 175 دولة، وليس في المراكز العشرة الأولى أو العشرين أي بلد عربي، ولكن الإمارات العربية المتحدة في المركز 25 وقطر في المركز 26، وكلتاهما تتقدم على إسرائيل ومركزها 37 (يبدو أن قتل الأطفال جنحة لا جناية).
الدول العربية الأخرى، على التوالي، البحرين والمملكة العربية السعودية والأردن (56) وعُمان (64) والكويت (67) وتونس (79) والمغرب (80)، ومصر (94) والجزائر (100) ولبنان (136 وهو مركز إيران أيضاً)، وسورية (159) واليمن (161) وليبيا (166) والعراق (170) والسودان (173) والصومال (174، أو آخر القائمة مع كوريا الشمالية).
هل يلاحظ القارئ أن دولنا الثرية حيث يوجد ما يستحق السرقة تحتل مراكز جيدة في مؤشر الفساد، أما دولنا الفقيرة أو التي نكبتها حروب ففي مراكز متأخرة؟ أرجو أن يغفر لي القارئ جهلي ولكن أسأل هل أن لبنان وإيران في مركز متخلف واحد، نوع من التحالف؟ وماذا بقي ليُسرَق في العراق وسورية واليمن والسودان؟
من حسن الحظ أن المؤشر يتناول الدول لا الأفراد، فلا أحد يسبقنا في الفساد الفردي، وهناك شرفاء عرب بالتأكيد، إلا أن كثيرين من مدّعي النزاهة لم يجدوا فرصة للفساد.
أنتقل إلى شيء آخر، فقد كنت تلقيت دعوة لحضور مؤتمر في عمّان لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، ومقرها فيينا، ولم أرد. فوجئت وأنا أقرأ عن المؤتمر أن دوري غولد، المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، تكلم في المؤتمر، وقال إن إسرائيل تحافظ على «الوضع الراهن» في القدس وتحدث عن الحاجة إلى وقف التحريض.
هو يقف إذا ترك اليهود المستوطنون الاشكناز فلسطين لأهلها وعادوا من حيث أتوا. إذا حدث هذا، يعود غولد إلى الولايات المتحدة فهو أميركي المولد، أعرف اسمه من تمثيله إسرائيل في الأمم المتحدة.
اليوم أسجل احتجاجي على وزيري خارجية الأردن ومصر، فقد جلس غولد إلى جانبهما في المؤتمر، وأنا أرفض أن أتنفس الهواء نفسه الذي يتنفسه رجل يدافع عن حكومة احتلال وقتل وتدمير.
أفضل من غولد والإرهاب الإسرائيلي دعوة تلقيتها لسماع محاضرة يلقيها البروفسور جون جوزف موكلي، من جامعة مساتشوستس، في البرلمان البريطاني اليوم الخميس عن النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل. للمحاضر كتاب هو «وهم الدولتين في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني وعملية السلام في الشرق الأوسط».
ربما القارئ يقرأ هذه السطور وأنا أستمع إلى محاضرة البروفسور موكلي، وسواء اتفقت معه أو اختلفت، فإنني لن أتهمه بتأييد الاحتلال وجيشه والمستوطنين والإرهابيين الآخرين.
أختتم بتقرير اللجنة الأميركية عن الحريات الدينية حول العالم، وعندي جزء منه يتحدث عن 16 دولة تسبب «قلقاً» أميركياً بينها مصر والعراق والمملكة العربية السعودية والسودان وسورية.
لا أدافع عن أي بلد عربي، وإنما أقول إن البلدان العربية المذكورة لا تحتل بلداً آخر ولا تقتل أصحاب الأرض، ولا تشن حروباً دورية على الفلسطينيين، وهي لم تخضْ حروباً حول العالم مثل الولايات المتحدة. ولم تؤيد أنظمة دكتاتورية من أميركا اللاتينية إلى الشرق الأقصى. وأهم مما سبق أن أي تقرير لا يذكر جرائم إسرائيل ضد المسلمين والمسيحيين في فلسطين هو تقرير ناقص حتى لا أقول زائف. يجب على الولايات المتحدة أن تنظر إلى نفسها قبل أن تحاسب الآخرين.