كنت في جلسة تناوب على إدارتها ثلاث سيدات وسئِلتُ: أين يقع أكثر الحوادث؟ قلت: في غرفة النوم. ضحكت «المحققة» وقالت: هذا ليس موضوعنا اليوم، أين؟ قلت: في المطبخ.
الجلسة استمرت أربع ساعات وشاركت فيها بعد أن تجاوزت بسيارتي الحد الأعلى للسرعة في لندن، وتلقيت بالبريد مخالفة مع غرامة بحوالى مئة جنيه، وتخييري بين ثلاث نقاط على دفتر السواقة، أو أحضر جلسة عن أخطار السرعة وعفا الله عمّا مضى.
اخترت الجلسة التي ضمت حوالى 45 رجلاً وخمس نساء، ما ينفي العبارة «سواقة نسوان»، فلا يبقى سوى أن أحاول انتزاع بسمة من القارىء على حسابي.
كنت أعتقد أنني سأحصل على وسام بعد 40 سنة من السواقة في لندن من دون مخالفة واحدة، ولكن تقدرون فتضحك الأقدار. الجلسة كانت في إحدى ضواحي لندن، وضمت محاضرات وأفلاماً وأسئلة.
سئلنا: لماذا نُسرِع؟ قلت: لأننا نعتقد أنه لا توجد كاميرات تسجل السرعة في الشارع. وسئلنا: ما هي نتائج السرعة؟ وكان ردي: الوصول الى العمل في الوقت المحدد. وسئلنا: ماذا ستفعل في المستقبل؟ وقلت: أحاول ألا أضبَط مسرعاً.
ما سبق وكثير غيره كان على أوراق مطبوعة، وحاولت جهدي ان أركز على الجلسة، ووجدت ذلك صعباً، وتذكرت قصة عن سائق مسرع في الخليج أوقفه شرطي المرور ليحرر له مخالفة، وسأله عن اسمه. قال: المفضل بن عويران الزعبلاوي القعداني. الشرطي طوى دفتر المخالفات وقال للسائق: ثاني مرة لا تسرع.
سئلت: إذا حاولت أن تتجاوز سيارة أمامك بسيارتك، وهناك منحى في الطريق، واكتشفت سيارة مقبلة بسرعة كبيرة من الاتجاه الآخر ماذا تفعل؟ قلت: أصلي.
سمعت أرقاماً مخيفة، ففي السنة الماضية في انكلترا كان هناك 183.670 حادث سير، منها 21.657 حادثاً خطراً، وتوفي 1.713 شخصاً في حوادث السير، والشرطة تقول إن 69 في المئة من السائقين تجاوز الحد الأعلى للسرعة، وهو 30 ميلاً في الساعة داخل المدن، أو حوالى 50 كيلومتراً.
تعاقب على الحديث مع المخالفين السيدات الثلاث، كل منهن خبيرة في جزء من الموضوع، وكنت أحاول الاستماع ثم أضيع في أفكاري الأخرى، فالسرعة ليست هوايتي، وتذكرت ذلك الذي قال إن كل امرأة يجب أن تلتصق بزوجها... ولكن ليس وهو يسوق سيارة العائلة.
وبدأت أسترجع ما سمعت من طرَف عن السواقة، وتذكرت:
- السائق يقول للقاضي: هذا كذب. لم أكن أسوق بسرعة مئة كيلومتر في الساعة، أو حتى 50 كيلومتراً في الساعة، أو عشرة كيلومترات. وقال القاضي: حسناً، سنحرر لك مخالفة الوقوف في مكان ممنوع.
- الزوج محتجاً: كيف تسوقين السيارة فوق البسكليت المفضّل عندي وتدمرينه؟ ردت محتجة: لماذا أوقفت البسكليت في الحديقة؟
- الشرطي يسأل السائق: ألم تقرأ ممنوع الدخول وسط دائرة حمراء، وأنت تقود سيارتك عكس السير؟ السائق: أنا لا أصدق كل ما أقرأ.
- الزوج: أعتقد أنني لم أتوقف على الضوء الأحمر. الزوجة: ولا يهمَّك. سيارة الشرطة وراءنا لم تتوقف على الضوء الأحمر أيضاً.
أخيراً، أعرف رجلاً محدِث نعمة يعتقد أنه هبة ربنا إلى عباده، وإلى درجة رفضه أن يركب في سيارة واحدة مع سائقه.