جهاد الخازن
أوقفوا الدعم الأميركي للنظام القمعي في مصر.
ما سبق كان عنوان افتتاحية أخرى لمجلس تحرير « واشنطن بوست ». مجلس التحرير يضم أسوأ أنواع الليكوديين الذين يؤيدون بنيامين نتانياهو في قتل الأطفال الفلسطينيين، و الجريدة ليبرالية راقية أخبارها صحيحة. وأختار الافتتاحية مثلاً على حملات أميركية ليكودية لا تريد لمصر أن تتعافى.
الافتتاحية تتحدث عن مقتل ألف شخص وسجن 16 ألفاً منذ تموز (يوليو) 2013.
أسأل هل كان قُتِلَ مصري واحد أو سُجِن لو لم يلجأ الإرهابيون إلى استعمال السلاح ضد مؤسسات مصر وجيشها؟ هل تحدث مجلس التحرير الليكودي عن مقتل الجنود المصريين في سيناء، أو دانَ مَنْ قتلهم؟ هل مجلس التحرير هذا يؤيد الإرهابيين لأنه يريد تدمير مصر؟
مصر أم الدنيا وأكبر من كتّاب ليكوديين في «واشنطن بوست» أو غيرها. أمثال جاكسون دييل، نائب رئيس مجلس التحرير، وتشارلز كراوتهامر وجنيفر روبن من كتّاب الجريدة حثالة أو «جزمة قديمة». يكفي أنهم يؤيدون دولة إرهاب واحتلال وقتل وأبارتهيد وعنصرية، وإلى درجة أن مسؤولين كباراً في الحكومة الأميركية شتموا بنيامين نتانياهو علناً كما أفعل أنا منذ سمعت اسمه أول مرة.
أسجل هنا أن الولايات المتحدة لا تساعد مصر. هناك معاهدة سلام تتلقى إسرائيل، وفيها ستة ملايين محتل، 3.5 بليون دولار في السنة ضمن صفقة المعاهدة، وتتلقى مصر، وفيها 90 مليون مواطن، 1.5 بليون دولار. المساعدة كلها لإسرائيل، فيما هناك مواطنون أميركيون من دون رعاية طبية، وما تتلقى مصر هو رشوة للبقاء في المعاهدة.
ماذا يبقى لإسرائيل من أمل بأن تكون جزءاً من الشرق الأوسط إذا انسحبت مصر من المعاهدة؟ ماذا سيحدث إذا أعلن عبدالفتاح السيسي تجميد المعاهدة أو الانسحاب منها؟ لو حدث هذا لخرج مئة مليون عربي يهتفون «الموت لإسرائيل».
مصر وهي ضعيفة ينتهشها الإرهاب أقوى من إسرائيل المجرمة. ومصر وهي قوية تقود الأمة، وستفعل قريباً عندما تطوي صفحة العنف.
الرئيس السيسي انتخبه الشعب المصري، وكل إجراءات حكومته التي يعتبرها أنصار إسرائيل قمعية هدفها وقف الإرهاب والتحريض. الطلاب الذين انتظروا بدء الدراسة ليتظاهروا ويخربوا ويكسروا ويعطلوا الدراسة، هل كانوا يريدون الدراسة أو تعطيلها؟ كم نسبتهم من طلاب مصر؟ مَنْ يمولهم ويدعمهم من الخارج؟ مَنْ يسلح الإرهابيين في سيناء ويمولهم ليستهدفوا جنود مصر؟ هل الديموقراطية تشمل احتضان الإرهابيين من القاهرة إلى الصعيد وحتى سيناء، أو السكوت عن جرائمهم؟
أقمت في واشنطن في الثمانينات، وكان مكتبي في مبنى مكاتب ماديسون الملاصق للفندق الذي يحمل الاسم نفسه. كان رئيس تحرير «واشنطن بوست» المجاورة هو بن برادلي، أحد أعظم الصحافيين في تاريخ الولايات المتحدة، وقد تقاعد وتوفي أخيراً عن 93 عاماً. كنت أراه عندما يتناول الغداء في مقهى الفندق وكان لطيفاً مع كل مَنْ يحييه أو يسأله سؤالاً. كان نموذجاً لنا جميعاً كمهني ومَثل يُحتذى. أقرأ ما يكتب عنه معاصروه الآن وأفكر هل كان سمح للأنذال بأن يلوثوا صفحات جريدته العظيمة؟
مرة أخرى، مصر أم الدنيا وعبدالفتاح السيسي وطني يريد الخير لشعبه وأمته، والإرهاب يخدم إسرائيل فهو وهي وجهان لعملة واحدة.