الهجوم على مجلة ساخرة فرنسية وقتل 12 شخصاً وجرح 11 آخرين كان طعنة في صدر الحرية وإرهاباً فظيعاً يستحق إدانة شاملة فلا مبرر له إطلاقاً. إذا كانت المجلة نشرت رسوماً كاريكاتورية تسيء إلى نبي الإسلام فالنبي محمد فوق الشمس موضعه، وليس يرفعه شيء ولا يضع.
كان يجب أن تكون إدارة المجلة «شارلي ايبدو» أكثر حذراً مع وجود إرهابيين يبحثون عن سبب لقتل الناس، ومع ذلك تقصيرها لا يُقاس شيئاً مع جريمة الإرهاب التي راح ضحيتها ناس أبرياء. كنت أتمنى لو أن فرنسا لم تلغِ عقوبة الإعدام لأن أعواد المشانق هي ما يستحق المجرمون.
في فرنسا سقط 23 قتيلاً وجريحاً ولكن في سورية تجاوز عدد القتلى مئتي ألف، والإرهابيون في العراق يعملون جهدهم ليتجاوزوا الرقم السوري.
داعش منظمة إرهابية ومثلها النصرة والقاعدة بكل فروعها وبوكو حرام وطالبان وأنصار بيت المقدس. لو أن إسرائيل أرادت أن توجِد منظمة إرهابية تصرف أنظار العالم عن إرهابها ضد النساء والأطفال لما وجدت أفضل من هذه المنظمات التي تدّعي الإسلام وهي أخطر عدو للإسلام والمؤمنين.
الإدانة لا تكفي ويجب العمل لقمع الإرهاب في بلادنا وحول العالم، وأطالب بأن يقود الأزهر الشريف الحملة الفكرية ضد الإرهاب، وأن تقود مصر بالتعاون مع دول عربية أخرى الحملة الأمنية للقضاء على الإرهاب قبل أن يقضي على مستقبل الأمة.
في العراق وسورية هناك ضحايا كل يوم إلا أنهم لا يحظون بالتغطية الإعلامية المتوافرة في فرنسا. والقتلى أيضاً في اليمن وليبيا حيث الإرهاب فالت من كل عقال. مصر تستطيع لعب دور أكبر في الجارة ليبيا، ومضى يوم كان لها وجود عسكري وسياسي في اليمن.
لا أطلب أن تحمل مصر وحدها عبء قمع الإرهاب، وإنما أطلب أن تقود العملية وأن تساعدها كل دولة عربية قادرة لأن على العرب والمسلمين أن يثبتوا للعالم كله بالفعل لا مجرد الكلام أنهم ضد الإرهاب والإرهابيين، وأن القتلة أعداء كل عربي ومسلم وقبل أي عدو آخر.
قبل 14 سنة كان هناك إرهاب 11/9 في نيويورك وواشنطن، وقبل 11 سنة كان إرهاب 11/3 في مدريد، وقبل تسع سنوات كان هناك إرهاب 7/7 في لندن، والآن هناك إرهاب 7/1/2015 في باريس. وبين هذا وذاك قبل ثلاثة أيام قتل إرهابيون ثلاثة عسكريين سعوديين على الحدود مع العراق، ووقعت بعد ذلك مجزرة في كلية الشرطة اليمنية.
أدين كل إرهاب، ولكن أزيد أن الإرهابيين في سيناء، أو العراق أو سورية أو السعودية، يدّعون الإسلام ثم يقتلون مسلمين. هم إرهابيون وأراهم وحوشاً بشرية عندما يجيزون خطف بنات قاصرات وإرغامهن على الزواج أو بيعهن بيع الجواري.
لو كان عند الإرهابيين ذرّة من الإنسانية لما قتلوا رسامي كاريكاتور وموظفين ورجال شرطة، ولو كان عندهم ذرّة من عقل لأدركوا أن عملهم هذا لا يغير شيئاً وإنما يزيد شعبية الجبهة الوطنية المتطرفة، كما يزيد توزيع المجلة الضحية أضعافاً، فلا يفيد الإرهاب أحداً سوى إسرائيل وجماعات معادية أصلاً للمسلمين في أوروبا وتبحث عن أسباب تبرر تطرفها فيقدمها الإرهابيون لها هدية على طبق.
ليس عندي سوى أمنية أن أرى قمة عربية تختار قيادة سياسية وعسكرية مشتركة لشن حرب على الإرهاب في كل بلد، فهذا واجبنا قبل أي فرنسي أو أميركي أو إسباني أو بريطاني.
في غضون ذلك، أنا مع فرنسا والفرنسيين ضد الإرهاب.