يوم الأرض فرصة لتجديد الوعي بقيمة الوطن

(يوم الأرض).. فرصة لتجديد الوعي بقيمة (الوطن)

(يوم الأرض).. فرصة لتجديد الوعي بقيمة (الوطن)

 العرب اليوم -

يوم الأرض فرصة لتجديد الوعي بقيمة الوطن

زين العابدين الركابي

لم يكُ عادلا ولا منصفا جون كيري وزير الخارجية الأميركي حين قال: إن سلام الشرق الأوسط يتعثر بسبب التصرفات (الأحادية) من كلا الطرفين: الفلسطيني والإسرائيلي. فهذه مساواة ملؤها الظلم والجور؛ فالواقع يقول: إن الذين يمارسون الإجراءات الانفرادية هم الإسرائيليون لا الفلسطينيون. فإذا سألنا: من الذي يواصل قضم الأرض الفلسطينية عبر ما عرف بـ(التوسع الاستيطاني)؟ فإن الجواب القاطع هو أن الإسرائيليين يفعلون ذلك وفق خطة منهجية تزيد ولا تنقص، وتستمر دوما ولا تنقطع قط.. وإذا سألنا من الذي يتصرف - بانفراد - في المقدسات الإسلامية في القدس؟ ومن الذي يريد تبديل معالمها وطمس هويتها؟ فإن الجواب القاطع هو أن الإسرائيليين هم الذين يفعلون ذلك.. إذن لماذا يساوي جون كيري بين الطرفين؟! ثم يطالب الأميركيون الطرفين بتقديم تنازلات كبيرة أو مؤلمة.. وهذه - كذلك - مطالبة تجردت من معايير العدل والإنصاف؛ فحقيقة الأمر أن الفلسطينيين قدموا من التنازلات ما يشبه (التفريط) في الحقوق الأساسية: اعترفوا بإسرائيل من خلال الرسالة التي بعث بها ياسر عرفات - رحمه الله - إلى إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل يومئذ.. وهذا التنازل وحده يكفي، لو كان لدى إسرائيل ذرة واحدة من إرادة السلام.. ثم وافق الفلسطينيون على ما عرف بـ(خارطة الطريق) بيد أن الرد الإسرائيلي عليها أفرغها من مضامينها، وأبطل أهدافها (طالع ص 207 من كتاب جيمي كارتر: «فلسطين: السلام لا التمييز العنصري»). ماذا يريد الأميركيون أن يقدمه الفلسطينيون من تنازلات كبيرة أو مؤلمة؟ لم يبق أمام الفلسطينيين إلا: 1- أن يكتبوا وثيقة جماعية يعلنون فيها عبوديتهم لإسرائيل إلى الأبد!! 2- أو يعلنوا الامتناع المؤبد عن الزواج بهدف ألا تنجب النساء الفلسطينيات في المستقبل لا بنين ولا بنات (قد يلدن صبيانا في المستقبل)!! 3- أو يتعهدوا في حالة الزواج بتعقيم العرائس الفلسطينيات تعقيما كاملا وأبديا وفق خطة علمية منهجية يشرف عليها متخصصون في التعقيم البشري من غلاة الصهاينة!! أي هزل هذا الذي يتفوه به الأميركيون حين يطالبون الفلسطينيين بمزيد من التنازلات؟ نقول هذا بمناسبة ذكرى (يوم الأرض) الذي يتوجب أن يتجدد فيه الإحساس بقيمة (الوطن) لدى الفلسطينيين، ولدى العرب والمسلمين أجمعين. فحقيقة الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي على (الأرض).. ولسنا نقبل من متنطع أن يقول: وهل نسيت (القدس)؟ ذلك أن القدس ذاتها (أرض).. أرض مباركة.. نعم. لكنها أرض!! ووثائق التاريخ والجغرافيا تثبت أن هذه الأرض هي لأهل فلسطين (إن شئت توسعا فاقرأ كتاب: «الأساطير المؤسسة لإسرائيل» لروجيه جارودي). فجاءت الحركة الصهيونية فاحتلت جزءا ضخما منها عام 1948، ثم التهمت المزيد منها عام 1967.. ثم ها هي تقضم ما تبقى بواسطة التوسع الاستيطاني. ثم.. ثم ابتدعت فكرة (الدولة اليهودية الخالصة) وهي فكرة تعني 100 في المائة نبذ كل من هو غير يهودي من فلسطين بحجة أن (الدولة اليهودية) لا تتسع إلا لليهود وحدهم!! ثم هي فكرة تلغي - بطبيعتها - حق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم ووطنهم.. وهل يجوز أن يكون لهم وطن في دولة يهودية خالصة؟ إنه توكيد للواقع - في يوم الأرض - إذا قلنا: إن إسرائيل تعيش فرحة غامرة، ليس بجهدها الذاتي، فهم في داخلهم يعانون أزمات مركبة: معيشية وأمنية وسياسية، لكن مصدر فرحتهم هو (غرق) العرب في مشكلاتهم الذاتية البينية المتناسلة دوما، غرقا أذهلهم عن فلسطين وما يجري فيها من استباحة صهيونية لكل شيء: الإنسان والأرض والمقدس والماضي والحاضر والمستقبل. أما المنتشون بالربيع العربي الذين عاشوا دهرا على شعار (تحرير فلسطين) واسترداد القدس.. هؤلاء لا يبدو أنهم قد استطاعوا التوفيق بين نزوعهم إلى (التمكن) وبين حمل هم القضية الفلسطينية بصدق وجد يتمثلان في (فعل) يحافظ - على الأقل - على المتفق عليه في القضية الفلسطينية.. ومن الإفك المفترى ترويج وهم مخدر للشعوب، وهم أن إسرائيل قد خافت - إلى درجة الرعب والهلع - من (الربيع العربي) هذا!! وهل يخاف الناس - في العادة - مما هو مصدر طمأنينة لوجودهم؟! نعود فنقول: إن الصراع الحقيقي إنما هو على (الأرض)، وما دفع الحركة الصهيونية يهود العالم - بالترغيب والترهيب - ما دفعتهم للهجرة إلى فلسطين إلا للاستيلاء على أرض فلسطين.. يقول إسحاق شامير: «إن الاستيطان هو جوهر الصهيونية».. ومعنى هذه العبارة الموجزة أن وظيفة الصهيونية الأولى، وهدفها الأسمى هو (الاستيطان)، أي الاستيلاء على أرض الفلسطينيين بعد طرد أهلها منها.. وبهذا المقياس تعيش إسرائيل أحلى أيامها من حيث إنها أيام شهدت أكبر توسع استيطاني في القدس وغيرها. ونطرق قضية (يوم الأرض) من زاوية أخرى فنقول: ثمة نزعة في الثقافة العربية الإسلامية أو الفكر العربي الإسلامي حاولت إضعاف الإحساس والوعي بـ(قيمة الوطن) أو الأرض من خلال شعارات (الأممية الإسلامية) أو الخلافة الإسلامية العالمية.. مثلا منذ سنوات وقف زعيم لجماعة إسلامية يخطب في جماهيره فاستهل خطبته بهذه العبارة: «الحمد لله الذي جمعنا على العقيدة والدين، ولم يجمعنا على آصرة التراب والطين».. وفي هذه العبارة مضامين لا علاقة لها بمنهج الإسلام نفسه، أي المنهج الذي يدعو إليه ذلك الخطيب. إن الإسلام نفسه قد أعلى من شأن قيمة الأرض بحسبانها مسرح حياة الإنسان، وساحة عمله وكفاحه وإبداعه وعبادته ومستقره ومأواه: أ- «هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها»، أي جعلكم عمارها، وانتدبكم وأهلكم لذلك. ب- «ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش». ج- «والأرض وضعها للأنام». ثم إن الإسلام نفسه يتطلب وجود أرض أو وطن، وإلا فكيف وأين تقام شعائره، وتطبق شعائره: في الأجواء أو فوق السماوات؟ يضم إلى ذلك أن التناقض المتوهم بين آصرة الدين وآصرة الطين، لا وجود له في حقيقة الأمر؛ فالناس جميعا خلقوا من طين.. وهؤلاء الناس المخلوقون من طين مطلوب منهم أن يتعارفوا على أساس نسبهم الإنساني المشترك: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا».. ومطلوب منهم التآخي في الله: «واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا».. إن الناس منذ وجد أبيهم الأول آدم - عليه السلام - على الأرض وهم يجتمعون على الطين أو الأرض، لا في الجو ولا فوق السماوات، ويجتمعون على العقيدة والدين إن هم اختاروا عقيدة ودينا. غريب جدا أن نضطر إلى مناقشة البدهيات، ولكن ما الحيلة - غير هذه - مع أناس يخوضون دوما غمار الجدل حول البدهيات؟!

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم الأرض فرصة لتجديد الوعي بقيمة الوطن يوم الأرض فرصة لتجديد الوعي بقيمة الوطن



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab