أربعة لاعبين ونتيجة واحدة في سوريا

أربعة لاعبين ونتيجة واحدة في سوريا

أربعة لاعبين ونتيجة واحدة في سوريا

 العرب اليوم -

أربعة لاعبين ونتيجة واحدة في سوريا

أمير طاهري

تأكدت المخاوف التي راودت البعض منذ فترة طويلة حيال سعي إدارة أوباما لتغيير سياستها تجاه سوريا بتسريبات راهنة لوسائل الإعلام في واشنطن تدور حول فكرة أن «بشار الأسد ربما يشكل جزءا من الحل».

من جانبها، لمحت صحيفة «نيويورك تايمز»، الداعمة لأوباما بقوة، إلى أن الإطاحة بالأسد، وهو الشرط الذي حدده الرئيس منذ سنوات، لم يعد مناسبا لأن أحدا لا يرغب في خلق «ليبيا جديدة».

في تلك الأثناء، يحاول وزير الخارجية جون كيري التحول من خصم لدود للأسد إلى ناصح حسن النية للطاغية السوري. وفيما يلي نص ما صرح به الأسبوع الماضي: «حان الوقت للرئيس الأسد ولنظامه أن يضعوا مصلحة الشعب أولا ويفكروا في عواقب أفعالهم التي تجتذب المزيد والمزيد من الإرهابيين لسوريا، وذلك بصورة أساسية بهدف الإطاحة بالأسد».

يذكر أنه حتى عام مضى، كانت الذريعة الرئيسية لأوباما بعدم مساعدته المسلحين المناوئين للأسد هي أنهم «منقسمون». بيد أنه الآن ظهر مبرر آخر، وهو وجود جماعات إرهابية مثل «داعش» تسيطر على ربع الأراضي السورية.

في الوقت ذاته، تروّج مصادر داخل الإدارة الأميركية لسبب آخر لضرورة عمل واشنطن على الخروج من المأزق السوري، حيث يقولون: «ستبقى سوريا في حالة فوضى لسنوات، وربما عقود. لذا، لماذا لا نترك روسيا وإيران، المساندين الأساسيين للأسد، تتحملان هذا العبء؟».

ورغم غرابة منطق هذه الحجة التي ترى أن روسيا وإيران، اللتين تعانيان من أزمة مالية حادة جراء تراجع أسعار النفط، من الأفضل تركهما بمفردهما لسد الفواتير السورية، فإنها قد تكسب بعض التأييد داخل دوائر معينة.

وتتمثل ذريعة أخرى طرحها أوباما في أن «الطريق الدبلوماسي» الذي اقترحته موسكو ربما، عبر معجزة ما، يثمر حلا. عن ذلك، قال أحد المسؤولين المعاونين لأوباما: «لا يمكنك أن تسقط الروس من حساباتك ببساطة. إن العمل مع الروس بخصوص هذه القضية قد يعاون في حل قضايا أخرى، منها الملف النووي الإيراني».

وتدور الحجة الرئيسية المطروحة في هذا الصدد حول أن إبرام اتفاق مع موسكو ربما يعطي بعضا من خصوم الأسد نصيبا في السلطة داخل دمشق. ومن بين الصيغ المقترحة عقد انتخابات برلمانية لمنح المعارضة «المعتدلة» وجودا داخل المجلس التشريعي.

إلا أن هذا التحليل الذي يعتمد عليه أوباما ينطوي على عدة مشكلات؛ أولها أنه ليست هناك ثقة مؤكدة في تمتع موسكو بنفوذ حقيقي كافٍ داخل الدائرة المحيطة بالأسد. على خلاف الحال مع إيران التي بنت شبكات على جميع المستويات داخل نظام الأسد، بما في ذلك الجيش والخدمات الأمنية، ظلت روسيا على الهامش منذ سقوط الاتحاد السوفياتي.

المعروف أن لإيران وجودا عسكريا مباشرا في صورة قرابة 10.000 مقاتل يتمثلون في «حزب الله» ويقودهم ضباط من الحرس الثوري الإيراني. على النقيض نجد أن الوجود العسكري الروسي في سوريا يقتصر على 230 فنيا يتولون تدريس كيفية استخدام الأسلحة المقدمة لقوات الأسد.

من بين التخمينات القائمة في هذا الصدد أن الخطة الإيرانية متوسطة، وربما طويلة الأمد، هي التخلي عن الأسد لدى توافر أول فرصة لذلك، واستبدال شخص أو مجموعة أخرى أقرب صلة بالجمهورية الإسلامية به.

أما كيري وأوباما فعلى نفس القدر من الخطأ بتفكيرهما، أو تظاهرهما بالتفكير، في أن معاونة الأسد على البقاء في دمشق قد تسهم في إلحاق الضعف بـ«داعش» والجماعات الأخرى المشابهة.

في الواقع أن الأسد و«داعش» حلفاء. في الواقع، ليس من قبيل المصادفة أن نجد قوات الأسد تقصف أهدافا مدنية في المناطق التي يسيطر عليها «داعش»، بما في ذلك الرقة، بينما تتجنب مناطق تمركز قوات وعتاد «داعش». وبالمثل، يولي «داعش» وقتا ومجهودا أكبر في محاربة الجماعات المناهضة للأسد وإثارة الفوضى بالعراق عن توجيه ضربات لقوات الطاغية السوري.

ويحاول أوباما وكيري تفسير، إن لم يكن تبرير، تراجعهما الأخلاقي والدبلوماسي باسم السياسات الواقعية، وذلك رغم أنه بفضل جبنهما قد ينتهي الحال بالولايات المتحدة خاسرة في أي تسوية، بينما يبقى من المحتوم على السوريين سداد تكلفة أعلى في صورة مزيد من المآسي الإنسانية.

ومع ذلك، ربما لا يكون هذا التراجع في موقفي كيري وأوباما سلبيا تماما، فإنه على أي حال ينهي خرافة اهتمام أوباما بما يتكبده الشعب السوري. ومع نأي الولايات المتحدة بنفسها عن الوضع السوري، يتبقى لنا أربعة لاعبين أساسيين في المعادلة السورية، التي اكتسبت بالفعل وصف «المأساة العظمى في القرن الجديد».

ويضم هؤلاء الأربعة روسيا وإيران، بصورة فردية ومن خلال تعاونهما معا. ومن المعتقد أن المعارضة الديمقراطية السورية لديها اهتمام بفتح قنوات مباشرة مع كل من روسيا وإيران من دون التخلي عن الهدف الأكبر المتمثل في إسقاط الأسد. أما روسيا وإيران فستمضيان في دعم الأسد طالما أن تكاليف ذلك لا تتجاوز حدا معينا. وباعتبارهما قوتين انتهازيتين، فإنهما بالتأكيد لن ترغبا في سد الطريق أمام خيارات أخرى.

أما اللاعب الثاني فهو تركيا التي تبدي اهتماما أكبر بمنع ظهور دولة كردية صغيرة على حدودها بمعاونة الأسد وروسيا وإيران. وهنا، نقف بمواجهة موقف مثير قد تجد في إطاره تركيا والولايات المتحدة، وكلاهما عضو في حلف الناتو، في مواجهة بعضهما البعض على الصعيد السوري.

ويتمثل اللاعب الثالث في الدول الأوروبية والعربية القلقة بشأن انتشار الجماعات المتطرفة الدموية لما وراء الحدود السورية. ورغم مؤشرات التقارب الحذر التي صدرت عن دولتين من هذا المعسكر تجاه الأسد، فإن الجميع يعي أن مستقبل الطاغية أبعد ما يكون عن كونه براقا. وإذا كانت هناك رغبة حقيقية في الحفاظ على سوريا كدولة، فإنه يتحتم رحيل الأسد. والأهم من ذلك أن الرأي العام في أوروبا والدول العربية ما يزال معاديا للأسد بقوة.

وأخيرا وليس آخرا نصل للعامل الرابع وهو الشعب السوري، فرغم كل ما ألم به من مآسٍ وآلام، فإنه ليس من السهل إخراجه من المعادلة. وكلنا نعرف بصورة مباشرة أو غير مباشرة أشخاصا داخل ما تبقى من النظام يعون أن الحكم عبر ممارسة القتل الجماعي ليس الخيار الأمثل لسوريا.

وبغض النظر عن الشائعات التي ينشرها كيري، فإن الأسد لم يفز، ولم ينته بعد النضال من أجل سوريا حرة.

arabstoday

GMT 01:35 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

« جورنيكا » الفلسطينية

GMT 01:33 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

روسيا اتهزمت يا رجالة!

GMT 01:31 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

رئيس فى 9 يناير؟!

GMT 01:29 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

مدبولى ورجال الأعمال

GMT 09:18 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

عن تحولات الجولاني وموسم الحجيج إلى دمشق

GMT 07:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«في قبضة الماضي»

GMT 07:48 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

السوشيال كريديت وانتهاك الخصوصية

GMT 07:40 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أربعة لاعبين ونتيجة واحدة في سوريا أربعة لاعبين ونتيجة واحدة في سوريا



فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:44 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة
 العرب اليوم - كنوز السياحة في الاردن تروي تاريخ حضارات قديمة

GMT 10:33 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض
 العرب اليوم - تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض

GMT 02:31 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال قوي يضرب جزر الكوريل الروسية ولا أنباء عن خسائر

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 05:53 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أكبر معمرة في إيطاليا عمرها 114 عاما

GMT 08:49 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 05:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

محكمة روسية تصادر ممتلكات شركة لتجارة الحبوب

GMT 07:55 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي يودي بحياة 9 فلسطينيين بينهم 3 أطفال في غزة

GMT 05:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر في البرازيل لـ10 قتلى

GMT 12:22 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

مدير منظمة الصحة العالمية ينجو من استهداف مطار صنعاء

GMT 02:29 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب الفلبين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab