حالة من التشاؤم تعم إيران في ظل احتدام الصراع على السلطة

حالة من التشاؤم تعم إيران في ظل احتدام الصراع على السلطة

حالة من التشاؤم تعم إيران في ظل احتدام الصراع على السلطة

 العرب اليوم -

حالة من التشاؤم تعم إيران في ظل احتدام الصراع على السلطة

أمير طاهري

على غرار كل الأنظمة التي ظلت في متاهات آيديولوجية، يواجه النظام الخميني، مجددا، أحد تناقضاته المحورية، المتمثل في سؤال: هل هو جمهورية، بعبارة أخرى، نظام سياسي قائم على إرادة الشعب كما تعبر عنها الانتخابات، أم «إمامة» يزعم فيها «المرشد الأعلى» أنه يحمل تفويضا إلهيا؟ تجلى ذلك التناقض في معارك الرسائل الشهر الماضي بين الرئيس محمود أحمدي نجاد والأخوين لاريجاني، اللذين يشغلان منصبي رئيس مجلس الشورى الإسلامي، بديل البرلمان، ورئيس القضاء. من الواضح أن الأخوين يسعيان للفوز بمنصب الرئاسة، جنبا إلى جنب مع علي أردشير، عضو مجلس الشورى الإسلامي، كمرشح رئاسي آخر. لكنهما على يقين من أنهما ما لم يبعدا المرشحين المؤهلين، فلن تكون أمامهما سوى فرصة ضئيلة للفوز. في المرة الأخيرة التي خاض فيها علي أردشير سباق الترشح للرئاسة، جمع قرابة نسبة 4 في المائة من الأصوات. من الواضح أن الأخوين قد بدآ حيلهما الخداعية بما هو أكثر من محاولة الحصول على دعم «المرشد الأعلى» علي خامنئي. بمفردهما، لم يكونا ليحظيان بقاعدة الدعم الكافية لتقديم هذا الطلب شديد الوقاحة بالترشح لأعلى المناصب المنتخبة في الدولة. إن الأخوين يشنان هجوما على جبهتين: من جهة، يحاولان الحط من شأن أحمدي نجاد مع استعداده لترك منصبه خلال ستة أشهر. لقد حشد علي أردشير أصدقاءه في مجلس الشورى الإسلامي لتمرير قوانين تتخطى الحكومة، بتحويل جزء من المسؤوليات إلى السلطة التنفيذية. أما أخوه الآخر، صادق، وهو ملا، فقد رفض إشراف الرئيس على السلطة القضائية. إذا ما تم إرساء هذا الإجراء كممارسة ممنهجة، فإن من شأن هذه الخطوات أن تقلص سلطات الرئاسة بشكل هائل. ومن جهة ثانية، يحاول الأخوان أن يجعلا من المستحيل بالنسبة لكثير من المرشحين المحتملين خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة في شهر يونيو (حزيران). يتطلب تعديل مقترح للقانون المنظم للانتخابات الرئاسية وضع شروط جديدة بشكل خاص لعرقلة منافسين بعينهم. فعلى سبيل المثال، هناك شرط ينص على أنه يجب ألا تزيد أعمار المرشحين على 75 عاما، وبالتالي سيتم استبعاد الرئيس السابق هاشمي رافسنجاني الذي يرغب في خوض السباق. ويتمثل شرط آخر في أن ضرورة أن يحمل المرشح المتوقع درجة الماجستير من إحدى الجامعات. وهذا الشرط بالتبعية سوف يقصي مرشحا محتملا آخر، هو الرئيس السابق محمد خاتمي، الذي يحمل درجة البكالوريوس في الكيمياء، ووزير الداخلية السابق عبد الله نوري الذي تدرب كرجل دين مبتدئ. فضلا عن ذلك، فإن من شأن التعديلات المقترحة أن تضع حدا لسيطرة الحكومة على الانتخابات عبر وزارة الداخلية. وتلك السيطرة يمكن أن تمكن حزب أحمدي نجاد من «ترتيب» انتصار لمرشحه، بفرض نجاحه في جعله يجتاز المعوقات التي وضعها الأخوان لاريجاني كحجر عثرة في طريقه. ومع إجراء الانتخابات من قبل لجنة تتألف من رجال تم تعيينهم من قبل الأخوين لاريجاني وخامنئي، سيتمكن الثلاثي من الدفع بمرشحهم إلى نقطة النهاية. ويتمثل أهم الشروط الجديدة في ضرورة حصول المرشحين على تصديق من 100 «قائد سياسي وديني رفيع المستوى» قبل إرسال طلب خوضهم الانتخابات الرئاسية إلى مجلس صيانة الدستور المؤلف من 12 عضوا لاتخاذ قرار أخير بشأنه. ليس من الواضح كيف سيتم اختيار «القادة السياسيين والدينيين رفيعي المستوى» المفترضين. غير أن الأخوين لاريجاني قد لمحا إلى أن القرار متروك لمجلس الشورى الإسلامي والسلطة القضائية، الهيئتين اللتين يفرضان سيطرتهما عليهما. ويعني هذا أن الأخوين يمكن أن يصوتا بالرفض على المرشحين الذين دفع بهم حزب أحمدي نجاد. لم يخف خامنئي رغبته في تقليل مكانة الرئيس إلى مجرد مستشار لـ«المرشد الأعلى». بالنسبة له، تعتبر إيران «إمامة» وليس جمهورية، وهو النظام الذي ابتكره «الملاحدة» الغربيون في القرن الثامن عشر. لقد لمح خامنئي إلى أنه ربما يتم إلغاء منصب الرئاسة لصالح نظام يقوم فيه «المرشد الأعلى» بتعيين رئيس وزراء يتولى إدارة الشؤون التنفيذية. ومع تبقي أقل من ستة أشهر على تركه منصبه، يبدو أن أحمدي نجاد قد قرر خوض المعركة من أجل الحفاظ على ما تبقى من مكانته كرئيس. لقد نشر نصوص الخطابات التي كتبها للأخوين لاريجاني وأيضا لخامنئي، مذكرا الثلاثة أن الرئيس، المنتخب من الشعب، يتمتع بشرعية لم يكن أي من المسؤولين الآخرين، بمن فيهم «المرشد الأعلى» غير المنتخب، ليطالب بأحقيته فيها. لقد ميز أحمدي نجاد نفسه بوصفه وصيا على الدستور، وأيضا، صدق أو لا تصدق، الصوت الديمقراطي للشعب. لا يترك أسلوب خطابات أحمدي نجاد سوى مساحة محدودة من الشك بشأن عزمه تفادي أن يزج به في غيابات النسيان من دون قتال. من الواضح جليا أيضا أنه يرغب في أن يكون حزبه حاضرا في الانتخابات المقبلة من خلال مرشح جدير بالثقة، حتى وإن كان ذلك يعني تحدي «المرشد الأعلى». وبعيدا عن المنافسات الشخصية، المتأصلة في معظم الأنظمة السياسية، يعاني نظام الخميني من أزمة هوية عميقة. إنه نظام استبدادي له مطامح ديكتاتورية واضحة. ومع ذلك، ففي الوقت نفسه، له سمات ديمقراطية. والنتيجة هي نسر ذو رأسين عاجز عن التحليق عاليا في أي اتجاه. إذا ما زاد النظام جرعته الاستبدادية بحرمان الرئاسة من أي سلطة ضئيلة متبقية، فربما تكون النتيجة خسارة كبيرة للدعم بين النخبة الضيقة قوية الإرادة من البيروقراطيين والتكنوقراطيين والأجهزة العسكرية والأمنية التي تبقي النظام عائما. على الجانب الآخر، في حالة ما إذا منح النظام مزيدا من الحرية لإظهار سماته الديمقراطية، فربما يشجع ذلك الأغلبية الصامتة التي لم يتودد إليها النظام الخميني مطلقا، على تحدي جوهر وجود النظام. وتأتي الجولة الأخيرة في الصراع الدائر على السلطة من أجل تشكيل المسار المستقبلي لإيران في وقت تتعمق فيه الأزمة الاقتصادية ويستمر فيه التهديد باندلاع نزاع عسكري مع الولايات المتحدة و/أو إسرائيل. في الوقت نفسه، يتغير المشهد السياسي في الشرق الأوسط بصور يمكن أن تزيد من عزلة الجمهورية الإسلامية. قد يعني التغيير في سوريا نهاية الفرع اللبناني لحزب الله وهيمنة إيران في لبنان. في الوقت نفسه، على الرغم من جهود رئيس الوزراء نوري المالكي، تعتبر العلاقات مع إيران على حافة الهاوية. إذن، فليس من المفاجئ أن تعم إيران هذه الأيام حالة من التشاؤم الشديد. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالة من التشاؤم تعم إيران في ظل احتدام الصراع على السلطة حالة من التشاؤم تعم إيران في ظل احتدام الصراع على السلطة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab