إيران أهي نموذج أم تحذير

إيران... أهي نموذج أم تحذير؟

إيران... أهي نموذج أم تحذير؟

 العرب اليوم -

إيران أهي نموذج أم تحذير

بقلم:أمير طاهري

هل تساءلتم: لماذا يتظاهر هذا العدد الهائل من الإيرانيين ضد الجمهورية الإسلامية منذ أكثر من ثلاثة أشهر؟

إليكم إجابتان:
1- يقول المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي: «تحدث الاضطرابات الحالية لأن الشيطان الأميركي الأكبر يغار من إنجازات ثورتنا الإسلامية».
2- يقول آية الله كاظم صديقي، إمام صلاة الجمعة في طهران: «الجمهورية الإسلامية هي القوة الأولى في العالم اليوم. والعالم الخارجي ليس على دراية كافية بإنجازاتنا المحيرة للعقول».
حسناً، ما تلك الإنجازات التي لا يعلم العالم عنها شيئاً؟
لا شك أنه منذ استيلاء الزمرة الخمينية على السلطة قبل نحو 43 سنة، شهدت إيران تغييرات جذرية.
في عام 1977، عشية الثورة، كان عدد سكان إيران يبلغ 38 مليون نسمة، ويقترب العدد اليوم من 88 مليون نسمة. وفي عام 1977 كان هناك ما يقدَّر بـ35 ألف إيراني يعيشون في الخارج، ويقدر العدد اليوم بنحو 8 ملايين شخص.
في العقد السابق على الثورة، شهدت إيران معدل نمو اقتصادي سنوي بلغ 7 في المائة في المتوسط، غير أن هذا المعدل بلغ في العقود الأربعة الماضية نحو 3.5 في المائة في المتوسط. وفي العقد الماضي وحده، كان المعدل صفراً تقريباً، وحسب الإحصاءات الإيرانية الرسمية، فقد تقلص الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 40 في المائة.
في العقدين السابقين على الثورة، كان معدل التضخم الإيراني يبلغ نحو 2.2 سنوياً، ومنذ اندلاع الثورة تُحلق نسبة التضخم حول 20 في المائة، ووصلت إلى نحو 45 في المائة عام 2022. في عام 1977، انتشرت التجارة الخارجية الإيرانية بين 72 دولة، وبحلول عام 1990 كان 80 في المائة من التجارة الإيرانية الخارجية مع 23 بلداً فقط. وفي عام 2022 كان أكثر من 56 في المائة من التجارة الإيرانية الخارجية مع 3 بلدان فقط: العراق، والإمارات، والصين.
منذ اندلاع الثورة ارتفعت نسبة الإيرانيين الذين يعيشون تحت مستوى «الفقر المدقع» من 7 في المائة عام 1977 إلى 18.4 في المائة عام 2022. وفي الأثناء ذاتها اتسعت الهوة بين الأغنياء والفقراء. فقد أصبح الأثرياء أكثر ثراءً من الفقراء بنحو 14 ضعفاً مقارنةً بنحو 10 أضعاف في عام 2000.
انحدر سوق العمل في البلاد من أزمة إلى أخرى. فقد «علّق» الملالي قانون العمل الذي كان معمولاً به قبل الثورة، زاعمين أنهم سوف يقدمون قانوناً إسلامياً جديداً، ذلك الذي أخفقوا في طرحه حتى الآن. نتيجة لذلك، يفتقر نحو 60 في المائة من العمال الإيرانيين إلى التغطية المعيارية للبطالة والتأمين الصحي. وقد ارتفع معدل البطالة، الذي قُدّر بنحو 4 في المائة عام 1977، إلى 12.5 في المائة عام 2021، حسب الأرقام الرسمية. غير أن معدل البطالة بين الشباب بلغ نحو 22 في المائة، وبين الشابات لما يزيد على 30 في المائة.
خلال العقود الأربعة الماضية، ارتفع عدد الملتحقين بالتعليم العالي من مليون مواطن عام 1977 إلى أكثر من 2.1 مليون مواطن، وهي قفزة مثيرة للإعجاب، غير أنها في واقع الأمر تعكس حالة من الركود لا سيما عندما نتذكر أن عدد سكان إيران قد زاد بأكثر من الضعف.
مما يثير الإعجاب أيضاً أن النساء يمثلن أكثر من 50 في المائة من الملتحقين بالتعليم العالي. ورغم ذلك، يصبح الرقم أقل إثارةً للإعجاب عندما ندرك أن المشاركة النشطة للنساء في الاقتصاد الوطني تساوي خُمس مشاركة الرجال من ذوي التعليم المماثل.
هناك الكثير من المجالات التي تحتلّ فيها إيران المركز الأول عالمياً؛ إذ حسب صندوق النقد الدولي، هناك أكثر من 150 ألف إيراني من ذوي التعليم العالي يختارون الحياة في المنفى في كل عام، ومن ثم فإن هذا يُعد المركز الأول في عصبة هجرة العقول عالمياً.
كما أن إيران هي رقم واحد، بالنسبة إلى عدد السكان، من حيث عدد عمليات الإعدام كل عام.
كما تحتل إيران المراكز المتقدمة عالمياً من حيث عدد السجناء السياسيين، وسجناء الرأي، والرهائن الأجانب.
عطفاً على ذلك، فإن إيران هي الدولة الوحيدة التي صنّفتها أكثر من 40 دولة بوصفها «راعية للإرهاب الدولي».
بصرف النظر عن جنوب أفريقيا تحت نظام الفصل العنصري، فإن إيران أيضاً هي الدولة الوحيدة بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي سوف تُطرد رسمياً من إحدى لجانها.
حسب منظمة الشفافية الدولية، تُعد إيران من أكثر الأنظمة الحاكمة فساداً في العالم، حيث تحتل المرتبة 150 بين 180 دولة.
وفي حين ارتفع متوسط العمر المتوقع من 62 سنة عام 1977 إلى 78.6 سنة عام 2021، انخفض معدل المواليد في إيران من 6.24 في المائة إلى 2.15 في المائة، في ظل اتجاه متسارع يمكن أن يسفر، وفقاً للدراسات الرسمية، عن تقلص عدد السكان بحلول عام 2030.
تحتل إيران أيضاً المركز الأول على العالم في الفرق العمري بين عامة السكان وبين أولئك الذين يديرون الحكومة. وفي حين أن متوسط عمر الإيرانيين كان 31 عاماً عام 2021، فإن متوسط عمر الحكام، الذين يشغلون أعلى المناصب المدنية والعسكرية البالغ عددها 5000 منصب، يزيد على 60 عاماً.
كما أن النخبة الحاكمة، التي تتألف بشكل رئيسي من رجال الدين الشيعة والأجهزة الأمنية العسكرية، هي أيضاً أقل تعليماً وتثقيفاً من المواطنين الإيرانيين العاديين في المناطق الحضرية.
ويدرك الإيرانيون تمام الإدراك حقيقة أن النخبة الحاكمة لا تشبههم ولا تمثلهم.
بالمقارنة مع لقطة من كبار المسؤولين الذين يلتقون «المرشد الأعلى»، تُظهر لقطة الإيرانيين في أيٍّ من البلدات والمدن الـ900 أو نحوها في البلاد اختلافات بالغة الحدة في المظهر واللباس ولغة الجسد، وحتى في المفردات واللهجات، إذا أُضيفت إليها الأصوات.
ومما يعزز الشعور بالغربة أن المواطن الإيراني العادي يقرأ المزيد من الكتب، ويشاهد المزيد من الأفلام، ويستمع إلى المزيد من المواد الموسيقية المتنوعة، كما أنه أكثر علماً ودراية من الناحية التقنية، وأقل تشدداً بكثير، ويتمتع بالفنون والثقافة أكثر من النخبة الحاكمة.
لعل الأهم من ذلك، أن النخبة الحاكمة تتألف إلى حد كبير من شبكة مكونة من نحو 200 أسرة ذات خلفيات دينية وعسكرية وأمنية وتجارية.
ربما لا يوجد بلد آخر تكون فيه النخبة الحاكمة، وهي الطبقة المنفصلة، مختلفة إلى هذا الحد المفزع عن الشعب الذي تهيمن عليه بالقوة وبالدعاية.
كما تذكر دراسة مثيرة للجدل أجراها أحد أساتذة جامعة طهران أن متوسط معدل ذكاء النخبة الحاكمة أقل من متوسط معدل الذكاء لدى المواطنين الإيرانيين.
وفي حين أن هناك الكثير من الإيرانيين الذين يحققون تميزاً دولياً في الفنون، والآداب، والسينما، والإعلام، والعلوم، والأعمال، إلا أن أياً من كبار أعضاء النخبة الحاكمة لا يستطيع أن يقدم سيرة ذاتية مماثلة.
كما لم ينتصر قادة جيوشهم في أي معركة على الإطلاق، ولم يُفلح ساستهم في حل أي مشكلة، كما لم يتمكن دبلوماسيوهم من تحويل أي خصم إلى صديق أبداً.
ومما يثير الاهتمام، أو بالأحرى يدعو للأسف، أن الصفين الأوسط والأدنى من هذا النظام الغريب يضمّان الكثير من الرجال والنساء من ذوي التعليم العالي، والخبرة المهنية، والنزاهة الفكرية الذين يُستبعدون بصورة ممنهجة من عملية صناعة القرار.
يؤمن آية الله خامنئي، أو لعله يتظاهر، بأن نظامه يُعد نموذجاً «للأمم كافة»... غير أن الكثير من الإيرانيين الذين يحتجون الآن في تمرد صريح يعتقدون أن النظام الراهن ليس إلا لعنة على أمتهم، وتحذير واضح لمن سواهم.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران أهي نموذج أم تحذير إيران أهي نموذج أم تحذير



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 08:54 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان
 العرب اليوم - محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي

GMT 04:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب تشيلي

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات

GMT 19:57 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أبل تدفع 95 مليون دولار في دعوى لانتهاك الخصوصية

GMT 14:07 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

المجر تخسر مليار يورو من مساعدات الاتحاد الأوروبي

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab