ترمب وعودة الجمهوريين

ترمب وعودة الجمهوريين

ترمب وعودة الجمهوريين

 العرب اليوم -

ترمب وعودة الجمهوريين

بقلم : أمير طاهري

الأسبوع الماضي، عاد الجمهوريون إلى دائرة الضوء أثناء مؤتمر الحزب الجمهوري في ميلووكي. هذه المرة، بدوا عاقدي العزم على إرسال دونالد جيه ترمب إلى البيت الأبيض في نوفمبر (تشرين الثاني)، مثلما كانت الحال لديهم عام 2016.

قبل 8 سنوات، بدا ترمب وكأنه صاعقة انفلتت من السماء، وإن كان تهديده صفاء الأجواء السياسية الأميركية بدا مصدر إزعاج عابر. والواضح أن ترمب لم يتناسب مع القالب الذي تشكل على امتداد نحو قرنين من تاريخ الأمة الأميركية، ويعدّ أول رجل أعمال يدخل الدائرة الضيقة للطامحين إلى الرئاسة.

وعلى عكس الرؤساء الـ44 السابقين، لم يكن لديه سجل بمجال الخدمة العامة، مدنية أو عسكرية، ولم يشغل أي منصب عام على الإطلاق. كما أنه لم يتخرج في جامعات النخبة، ولم يكن حائزاً على كثير من المنح الدراسية الأنيقة.

بكل المقاييس، كانت فترة ولاية ترمب التي دامت 4 سنوات بمثابة المشاركة في مغامرة تحبس الأنفاس، إن لم تكن مدمرة للأعصاب. وكانت المفاجأة التي عقدت ألسنة الجميع أنها لم تسفر عن أي من الكوارث التي تنبأ بها المتشائمون المحترفون. كان أداء الاقتصاد جيداً، مع انحسار للبطالة، بينما ظل التضخم تحت السيطرة. ولدى مغادرته البيت الأبيض بعد 4 سنوات، كان ترمب الرئيس الأميركي الوحيد منذ أكثر من قرن، الذي لم يورط الولايات المتحدة في حرب.

ومع أن ثورة «اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، التي أطلقها ترمب لم تتمخض عن إعادة الإحياء التي وعدت بها، فإنها في الوقت ذاته لم تسفر عن الكوارث المدمرة التي حذّرت منها النخبة الحاكمة.

وهذه المرة، يقود ترمب، الذي يرتدي هالة الشخص الذي نجا من الموت، أنصاره المبتهجين نحو افتراض أنه في طريقه نحو النصر في نوفمبر المقبل.

وظل رافعاً شعار «اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، لكن بعد محاولة الاغتيال، قدّم ترمب كذلك برنامجاً يتألف من 16 صفحة، مدعوماً بمشروع 2025، الذي يقع في 922 صفحة، وأعدّه أكثر عن 230 «مفكراً وخبيراً ومتخصصاً» من أكثر من 100 مركز فكري وجماعة ضغط.

ويمكن أن نضيف إلى هذه المستجدات التي لا تشبه عادة ترمب، وجود عشرات من الجمهوريين «العاديين»، الذين سبق أن أقسم كثيرون منهم أنهم لن ينضموا إلى معسكره أبداً، بل وقع اختيار ترمب على واحد منهم، السيناتور جي دي فانس، من ولاية أوهايو، ليشاركه الانتخابات على منصب نائب الرئيس.

وقد ترك ترمب النص «الاستثنائي» الذي أعدّه للمؤتمر الانتخابي، وخرج بخطاب كان رغم نبرته النارية، يحمل طابعاً هادئاً.

ويتكهن بعض النقاد بالفعل بإمكانية وجود نموذج آخر من ترمب، قد يخفف من حدة مواقفه وتصرفاته، ويتصرف بطريقة أكثر انضباطاً، ويقبل قدراً أكبر من العمل الجماعي، بل ربما يرشح عضواً بالحزب الديمقراطي في عضوية حكومته المفترضة، تماشياً مع تقليد احترمه كثير من الرؤساء منذ الستينات. باختصار، نموذج آخر من ترمب أقل «ترمبية».

والتساؤل هنا: هل سيعزز هذا التحول فرص ترمب في الوصول مجدداً إلى البيت الأبيض؟

إجابتي عن ذلك، لا. قبل 8 سنوات، صوّت ملايين الأميركيين لصالح ترمب، لأنه لم يكن يبدو أو يتحدث مثل السياسيين العاديين. ووصف كثيرون ذلك بأنه تصويت احتجاجي، وهو كان كذلك بالتأكيد إلى حد ما.

إلا أنه هذه المرة، أصبح ترمب قادراً على اجتذاب التصويت بالانضمام إلى أجندة، رغم فوضويتها، تشير إلى بعض الإصلاحات، على الأقل التي يحتاجها النظام السياسي الأميركي. ومن بين هذه الإصلاحات إعادة التوازن لسلطات الحكومة الفيدرالية والولايات وسلطة الرئيس، باعتباره رئيس السلطة التنفيذية، في سياق النقاش الذي بدأ مع ولادة الأمة الجديدة.

ويتحدث معسكر ترمب كذلك عن إصلاح النظام التعليمي، خاصة على المستوى الجامعي، حيث يُنظر إلى حركة «ووك» باعتبارها بمثابة غرغرينا متفاقمة.

أما الوعد بإنهاء الحرب في أوكرانيا، وتصنيف الصين كعدو محتمل، فإنه قد يحتل العناوين الرئيسية، لكنه لا يرقى إلى مستوى سياسة خارجية متماسكة.

جدير بالذكر هنا أنه رغم مساوئها الكثيرة، فإن فترة ولاية ترمب في البيت الأبيض لم تنتهِ بشكل سيئ، ويرجع ذلك لأسباب، منها أنه تصرف على أساس غريزي، بدلاً عن «التفكير الاستراتيجي» المعقد الزائف. لقد أدرك ترمب، رجل الأعمال، أن الوقت عنصر أساسي في السعي لتحقيق الهدف، إن وجد، وأن إنجاز نجاحات صغيرة أفضل من السعي وراء أهداف كبيرة، لكنها بعيدة المنال.

في الواقع، إن مجرد قراءة واستيعاب «مشروع 2025» الواقع في 922 صفحة، والبرنامج المؤلف من 16 صفحة، بحاجة إلى السنوات الأربع التي يقضيها الرئيس في البيت الأبيض. وتحويل، ولو جزءاً زهيداً من هذه الصفحات المثقلة بالأماني، إلى واقع، يتطلب السيطرة على الكونغرس ومجلس الشيوخ. وهو أمر لا يضمنه كثير ممن أقاموا بالبيت الأبيض.

عام 2016، اعتقد قليل من النقاد أن الجمهوريين بمقدورهم الاستحواذ على البيت الأبيض. لقد ثبت خطؤهم تلك المرة، لكنّ مزيداً ومزيداً من النقاد يتوقعون فوز ترمب هذه المرة، خاصة أن الرئيس جو بايدن ليس في أفضل حالاته، بجانب أن ائتلاف الأقليات الذي شكّل العمود الفقري للحزب الديمقراطي منذ الخمسينات لم يعد قوياً.

ويكشف أحدث استطلاعات الرأي أن ما لا يقل عن 40 في المائة من ذوي الأصول اللاتينية قد ينضمون إلى الجمهوريين للتصويت لصالح ترمب هذه المرة. وقد يحصد كذلك نسبة مذهلة تبلغ 30 في المائة من أصوات الأميركيين من أصل أفريقي، ناهيك عن أكثر عن ربع أصوات اليهود.

ومع ذلك، تبقى المعركة الانتخابية غير محسومة حتى تنتهي الانتخابات تماماً. الواضح أن محاولة اغتيال ترمب زادت من فرص فوزه في نوفمبر المقبل، لكن أحداثاً أخرى قد تفعل العكس.

وكما كان هارولد ماكميلان يحب أن يقول: «في السياسة، يا ولدي، انتبه إلى الأحداث! الأحداث!».

 

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب وعودة الجمهوريين ترمب وعودة الجمهوريين



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab