مَـن المعلم الحقيقي لخامنئي الخميني أم كيم

مَـن المعلم الحقيقي لخامنئي... الخميني أم كيم؟

مَـن المعلم الحقيقي لخامنئي... الخميني أم كيم؟

 العرب اليوم -

مَـن المعلم الحقيقي لخامنئي الخميني أم كيم

بقلم - أمير طاهري

وفقاً للسرد الأولي للآيديولوجيا الخمينية، فإن «الدولة المثالية» التي يجب أن يطمح إليها المسلمون هي تلك الفترة الوجيزة التي تولى خلالها علي بن أبي طالب الخلافة. ومع ذلك، يبدو أن أنصار الخميني قد عثروا على «نموذج مثالي» آخر خارج حدود عالم الإسلام.

وهذا النموذج هو جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، والمعروفة دولياً باسم كوريا الشمالية، والتي يعتبرها أنصار الخميني «المثل الحي على المقاومة البطولية ضد الشيطان الأميركي الأكبر». وأشادت صحيفة «كيهان» اليومية الإيرانية، والمقربة للغاية من دوائر المرشد الأعلى علي خامنئي، في مقالة افتتاحية بكوريا الشمالية، وتحديها الجسور لـ«الغطرسة والصلف الأميركي» عن طريق تجارب الصواريخ بعيدة المدى في مواجهة التهديدات الخانعة من جانب الولايات المتحدة. وفي مقالة افتتاحية أخرى نشرت الشهر الماضي، دعت الصحيفة الإيرانية أولئك الذين يدعون إلى إجراء الحوار مع الولايات المتحدة لكي يتعلموا الدرس من كوريا الشمالية ونجاحها في «إذلال الشيطان الأكبر» على الصعيد الدولي.

ولقد أثارت المقالة الافتتاحية بعد ردود الفعل الحرجة لدى جناح التيار الإصلاحي في النخبة الإيرانية الحاكمة مع المتحدث غير الرسمي باسم الرئيس حسن روحاني الذي أعرب عن أسفه أن تُطالب إيران بالتدني لمستوى الدولة المنبوذة الطريدة في أقصى الطرف النائي من قارة آسيا.

وعلى الرغم من ذلك، تم استقبال السيد كيم يونغ – نان، رئيس مجلس الشعب في كوريا الشمالية، بحفاوة بالغة خلال زيارته التي استغرقت 10 أيام إلى طهران على رأس وفد يضم 30 رجلاً من المؤسستين العسكرية والسياسية في كوريا الشمالية. ولقد اجتمع اجتماعاً نادراً ما يحدث لمدة ساعتين كاملتين مع السيد علي خامنئي. وتمكن خلال إقامته من افتتاح سفارة كوريا الشمالية الجديدة في طهران والتي تضم قسماً موسعاً للتعاون العسكري بين البلدين.

وللوهلة الأولى، يبدو أن هناك قدراً من القواسم المشتركة التي تجمع بين الجمهورية الخمينية في إيران ونظام آل كيم في كوريا الشمالية.

فالنظام الخميني يستمد شرعيته من مسمى الإمام الغائب، الذي يعتقد في استعداده للعودة في ميعاد وتاريخ غير محدد أو معروف. أما نظام آل كيم، من ناحية أخرى، يستند في شرعيته إلى الانتصارات البطولية للزعيم كيم إيل سونغ، الزعيم الشيوعي البروتوكي الذي، إثر تأييد من الاتحاد السوفياتي والصين الشيوعية، تمكن من اقتطاع جزء أقام عليه دولته في شبه الجزيرة الكورية. وقد يبدو للوهلة الأولى كذلك أن الشيء الوحيد الذي يتقاسمه النظامان الإيراني والكوري الشمالي هو النسخة البدائية من العداء للولايات المتحدة، وهي الصدمة التي تؤثر على عدد غير قليل حتى في الديمقراطيات الغربية، وإن كانت بدرجات أدنى.

ويرى أنصار الخميني، الذين يزعمون حراستهم الحصرية للدين الحقيقي الوحيد، أن نظام آل كيم، الذي يعتبر الدين مجموعة من الترهات المرتبكة الكبيرة، يجب اعتبار رجاله من جملة الخصوم إن لم يكونوا من الأعداء المباشرين. ومع ذلك، ومع النظر إلى الجاذبية المتبادلة بين الطرفين، يبدو أن مسألة الدين ليس لها التأثير المتوقع على مهرجان المودة بين البلدين، حتى أن نظام آل كيم قد سمح لأنصار الخميني بإقامة مسجد في بيونغ يانغ شريطة ألا يحاولوا دعوة مواطني البلاد لاعتناق الإسلام.

وفي صيف عام 1979، كان الرئيس كيم إيل سونغ، الأب المؤسس للأسرة والجد الأكبر للزعيم الحالي كيم جونغ أون، أول من هنأ آية الله روح الله الخميني بالاستيلاء على السلطة من قبل الملالي.

وبعد بضعة أسابيع، كسر الخميني، الذي كان مقيماً في مدينة قم، قاعدته بعدم التحدث إلى المبعوثين الأجانب واستقبل تشابيونغ أوك سفير كوريا الشمالية في جلسة مطولة أملى خلالها الخميني رسالة صداقة إلى الرئيس كيم إيل سونغ، ودعا في جموع الشعب الكوري الشمالي إلى طرد القوات الأميركية من شبه الجزيرة الكورية.

وعندما غزا صدام حسين إيران في سبتمبر (أيلول) من عام 1980، كان الرئيس كيم إيل سونغ أول من عرض المساعدة على الجمهورية الإسلامية من خلال إمدادها بنسخة من صواريخ سكود السوفياتية الصنع. وفي يناير (كانون الثاني) من عام 1981. وإثر دعوة مباشرة من إيران، أقامت كوريا الشمالية بعثة استشارية عسكرية في طهران لمساعدة الحرس الثوري الإيراني، حديث التشكيل، على تطوير تكتيكات واستراتيجيات الحرب ضد العراق. ومن بين التكتيكات التي اعتمدها الجانب الإيراني سريعاً كان إرسال الآلاف من المراهقين الإيرانيين في هجمات حاشدة على حقول الألغام العراقية لتطهيرها بأجسادهم؛ مما أسفر عن خسائر بشرية فادحة، وهو التكتيك الذي وضعه الرئيس كيم إيل سونغ خلال الحرب الكورية ضد الولايات المتحدة.

وأصبحت كوريا الشمالية واحدة من دولتين فقط وقّعتا على اتفاق عسكري نوعي مع إيران، بما في ذلك إجراء المحادثات العسكرية على مستوى هيئات الأركان المشتركة مع طهران (وكان الاتفاق الثاني مع سوريا والموقع في عام 2007).

وكان علي خامنئي هو رجل الاتصالات الأول في إيران مع البعثة العسكرية الكورية الشمالية إلى البلاد، وكان يشغل وقتها منصب نائب وزير الدفاع. وبدأ التعاون العسكري بين الأصدقاء الجدد اعتباراً من عام 1982، مع التركيز الخاص على مساعدة إيران في تطوير مجموعة من الصواريخ.

ومن واقع تجربته مع كوريا الشمالية، أعجب خامنئي كثيراً بانضباطهم واستعدادهم للتضحية من أجل نضالهم. ولكن بعد مرور ست سنوات كان خامنئي، الذي كان آنذاك رئيساً للجمهورية الإسلامية، قد أعرب عن هذا الإعجاب المتزايد من خلال زيارة رسمية إلى بيونغ يانغ.

ووفقاً للشخصيات التي رافقت خامنئي في زيارته الرسمية، كان المرشد الأعلى المقبل يعتبر كوريا الشمالية «الدولة المثالية» التي كان ينقصها الإيمان الديني فقط. يقول حسن نامي، أحد أعضاء الوفد الرسمي الإيراني خلال الزيارة: «أعجب خامنئي كثيراً بالطريق المنظمة والمنضبطة التي تسير بها الأمور في كوريا الشمالية. وحقيقة أن الفرد في كوريا الشمالية يذوب تماماً في الجماعة التي يُرمز إليها بشخص القائد الأعلى، قد طغت على مشاعر خامنئي أكثر من أي شيء آخر».

وكانت زيارة خامنئي إلى كوريا الشمالية في عام 1989، المصدر الذي منحه الشعور بأنه الزعيم القادم لقوة صاعدة وناشئة جديدة على المسرح العالمي. ولقد أعلنت حكومة كوريا الشمالية العطلة للمدارس والمصانع لحشد مليون مواطن يصطفون على طول الطريق لتحية الرئيس الإيراني علي خامنئي. وفي بادرة نادرة، ذهب الرئيس كيم إيل سونغ بنفسه إلى المطار لاستقبال خامنئي. ثم عقد الطاغية الكوري الشمالي جلسة خاصة لمجلس الشعب ترأسها بنفسه للاستماع إلى كلمة خامنئي، والتي تضمنت دعوة خفية مقنعة موجهة إلى الشعب الكوري للعودة إلى الإيمان الديني.

لكن في النهاية، ورغم كل شيء، لم يتبنَ الشعب الكوري الشمالي شيئاً مما تدعو إليه الآيديولوجيا الخمينية، في حين أن علي خامنئي قد تبنى الكثير من آيديولوجيا الرئيس كيم إيل سونغ.
وسرعان ما تحولت سياسة الاعتماد على الذات للرئيس كيم إيل سونغ إلى اقتصاد المقاومة لدى علي خامنئي. كما تبنى خامنئي أيضاً اعتماد الرئيس كيم إيل سونغ على الصواريخ، استناداً إلى حقيقة أن كوريا الشمالية لم تتمكن من الحصول على الطائرات الحربية الحديثة، وفق الدعامة الأساسية للعقيدة الدفاعية في البلاد. وكان إحياء البرنامج النووي الإيراني في عهد الشاه، الذي قضى عليه الخميني وأعاده خامنئي للحياة من جديد، كان مستلهماً أيضاً من الرئيس كيم إيل سونغ الذي اعتقد أن الدولة الضعيفة تعزز من موقفها على الصعيد الدولي من خلال امتلاك «السلاح النهائي».

وعندما يتعلق الأمر برفض خامنئي المستمر للتسوية مع الخصوم المحليين أو الأجانب، كان الرئيس كيم إيل سونغ هو المعلم للمرة الثانية.

فلقد كان من دعاوى الرئيس كيم إيل سونغ «الاستقلال المطلق» والذي يعني التجاهل التام للقانون الدولي؛ الأمر الذي جعله علي خامنئي من ركائز الإيمان في الجمهورية الإسلامية.
ومع تتبع القائمة المطولة من معتقدات خامنئي، بما في ذلك الاعتماد على الجيش في صمود وبقاء النظام الحاكم، يمكن للمرء أن يرى صورة المعلم الحقيقي في غير حالة من الحالات، وأنه كان الرئيس الكوري الشمالي كيم إيل سونغ وليس آية الله الخميني.

المصدر - الشرق الأوسط

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَـن المعلم الحقيقي لخامنئي الخميني أم كيم مَـن المعلم الحقيقي لخامنئي الخميني أم كيم



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 20:30 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن إسقاط مسيرة تحمل أسلحة عبرت من مصر
 العرب اليوم - الجيش الإسرائيلي يعلن إسقاط مسيرة تحمل أسلحة عبرت من مصر

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه
 العرب اليوم - العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab