نظرة متفحصة على نظام لافروف العالمي الجديد

نظرة متفحصة على نظام لافروف العالمي الجديد

نظرة متفحصة على نظام لافروف العالمي الجديد

 العرب اليوم -

نظرة متفحصة على نظام لافروف العالمي الجديد

بقلم : أمير طاهري

في حملة تبدو شبيهة بالحملات الدعائية في عهد الاتحاد السوفياتي السابق٬ يعمد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الوقت الراهن إلى الترويج لفكرة جديدة مفادها أن النظام العالمي «الأميركي» انتهى. وتجري مناقشة الفكرة في الوقت الحاضر عبر البرامج الحوارية التلفزيونية الروسية٬ ويتناولها «خبراء» في مؤتمرات تعقد بمختلف أرجاء أوروبا. وقد جاء طرحها للمرة الأولى من قبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر الأمن الدولي الأخير في ميونيخ بألمانيا.

في الواقع٬ بوتين ولافروف على صواب؛ فالنظام العالمي الحالي القائم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية يعد نتاجاً٬ في الجزء الأكبر منه وليس حصرياً٬ لمبادرات أميركية تعكس الهيمنة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية الأميركية على الساحة الدولية التي باتت في حالة تخبط وارتباك جراء أكبر صراع مسلح مدمر في التاريخ البشري.

وعند إمعان النظر في مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة والمنظمات الكثيرة التابعة لها٬ ناهيك عن صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي٬ أو اتفاقية الـ«غات» التي تحمل خاتم «صنع في أميركا».

جاءت كمقدمة لبناء منظمة التجارة العالمية٬ ستجد أنها جميعاً في الواقع٬ تقريباً جميع جوانب الحياة الدولية يجري تنظيمها وإدارتها عبر أكثر من 000.10 معاهدة واتفاقية وميثاق وبروتوكول٬ جميعها تقريباً صنعت في أميركا٬ وشارك في صياغتها من حين لآخر حلفاء أوروبيون. ٬ بما في ذلك

كما أن العملة الأميركية كانت ولا تزال بدرجة كبيرة العملة الرسمية للتجارة العالمية٬ الأمر الذي يرجع في جزء منه إلى حرص أي شخص يملك مالاً الأفراد داخل الصين٬ على تحويلها إلى دولارات قدر المستطاع.

عسكرياً٬ ما تزال الولايات المتحدة القوة الوحيدة القادرة على نشر قواتها العسكرية في جميع قارات العالم٬ بجانب تمتعها بقدرات لوجيستية لا يمكن دونها شن عملية عسكرية قوية فيما وراء حدود أي دولة لفترة طويلة من الوقت.

للآراء هنا. ومع هذا٬ يبقى الأمر المؤكد أنه برغم عيوبه٬ نجح «النظام العالمي بالنسبة لمسألة ما إذا كانت هذه الهيمنة الأميركية قد أفادت العالم٬ فإن ثمة تبايناً ِن من حرب عالمية جديدة. كما مرت الأميركي» في العمل. ورغم أننا شهدنا اندلاع الكثير من الحروب الصغيرة والمتوسطة والكبيرة منذ عام ٬1945 فإن العالم لم يعا في الوجود الإنساني منذ فجر التاريخ٬ اختفت تقريباً٬ بينما جرت بتحول اقتصادي غير مسبوق. كما أن المجاعة٬ التي شكلت ملمحاً متكرراً جميع دول العالم تقريباً السيطرة على معظم الأوبئة التي لطالما كانت من الأسباب الرئيسية وراء الفتك بالإنسان لقرون. . الآن٬ ربما يكون بوتين ولافروف على حق

وبطبيعة الحال٬ لا يعود الفضل حصرياً وراء ذلك إلى الجهود الأميركية٬ لكن تظل الحقيقة أن النظام العالمي ظل صامداً في التلميح إلى أن النظام العالمي الأميركي القديم ربما أصبح بحاجة إلى تنقيحه٬ خاصة أن التاريخ لا يتجمد قط عند لحظة بعينها في الزمن٬ علاوة على أن سلسلة من التحديات والشكوك ألمت بالنظام العالمي الأميركي على امتداد العقد الماضي. الأهم من ذلك٬ أن توافر قدر أكبر من التنوع في الأفكار على الصعيد الإنساني سيجعل المستقبل أفضل للجميع.

إلا أن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا: ما البديل الذي يطرحه بوتين ولافروف؟ إن الزائر لروسيا سيندهش من أعداد الروس الذين يحاولون محاكاة الأميركيين٬ ليس في أسلوب حياتهم فحسب٬ بل حتى في الأسماء التي يستعيرونها من المسلسلات يحرصون على إخفاء أموالهم في مصارف خارج البلاد ويربطونها نهاية الأمر باستثمارات عقارية في
الأميركية. كما أن الكثير من الروس ممن بنوا ثرواتهم حديثاً نيويورك ولندن. كما تقدم أعداد كبيرة من الروس حالياً على شراء أجزاء كبيرة من فلوريدا٬ حيث أقام الرئيس ترمب البيت الأبيض البديل له. وتعكس الحياة اليومية للأسلوب الأميركي في الحياة٬ وليس التنديد بها مثلما يزعم بوتين ولافروف.

للطبقة الوسطى في روسيا إقراراً ويبقى التساؤل: هل تعرض الحكومة الروسية بديلاً جذاباً من خلال قصفها الأبرياء العزل في حلب؟ أم أن النظام العالمي الروسي البديل يتضمن تشويه الرياضة العالمية من خلال الغش في الأولمبياد؟ هل ينبغي قصر التجارة العالمية على النفط والغاز الطبيعي والأسلحة نظراً لأن روسيا ليس لديها شيء آخر لبيعه؟ أيضاً٬ يتضمن النظام العالمي الروسي البديل غزو الدول المجاورة الضعيفة وغير المسلحة في الغالب مثل جورجيا وأوكرانيا واختطاف أجزاء من أراضيها٬ أو على الأقل الضغط على هذه الدول لإجبارها على تقديم تنازلات مثلما حدث مع مولدوفا ودول البلطيق. كما يعني تدليل أشخاص مثل ملالي إيران و«طالبان» في أفغانستان وقيادات التيار اليميني المتطرف في أوروبا مثل ماري لوبان أو اليوتوبيين اليساريين مثل جان لوك ميلونشون. في الواقع٬ إن الأسلوب الذي تصرفت به موسكو على امتداد الأعوام القليلة الماضية يشير إلى أمر واحد فحسب: أن «النظام العالمي» الجديد الذي تتحدث عنه لا يعدو كونه نسخة كاريكاتيرية خطيرة من النظام الذي كان قائماً عام 1945.

في فتحه نقاشاً حول إن الحديث عن النظام العالمي متعدد الأقطاب ليس سوى هراء٬ فليس هناك نظام حقيقي يتجاوز عدد أقطابه الاثنين. وربما يكون لافروف محق الحاجة لمراجعة النظام «الأميركي» القائم وتنقيحه. ومع ذلك٬ فإنه في الوقت الراهن يبقى الخيار الأمثل٬ أو على الأقل الأدنى ضرراً٬ هو الأمل في استعادة أميركا٬ خاصة بعد رحيل أوباما وسياساته المتذبذبة٬ دورها القيادي العالمي

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

arabstoday

GMT 04:48 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 00:22 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بناء الجدران يصل إلى إيران

GMT 00:01 2024 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

فرنسا: نحو عام من الضباب؟

GMT 00:15 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

أوروبا بين الأمل والخوف

GMT 00:49 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

تداعيات خطة بايدن لوقف الحرب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نظرة متفحصة على نظام لافروف العالمي الجديد نظرة متفحصة على نظام لافروف العالمي الجديد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab