ترمب والداء الأوروبي الغربي
أخر الأخبار

ترمب والداء الأوروبي الغربي

ترمب والداء الأوروبي الغربي

 العرب اليوم -

ترمب والداء الأوروبي الغربي

بقلم : أمير طاهري

قبل أربع سنوات، عندما أخفق دونالد جيه. ترمب في الفوز بولاية ثانية في منصب رئيس الولايات المتحدة، افترض الكثيرون من أعضاء النخبة العالمية، في بداية الأمر، أنه رحل دون عودة.

وقد نظر إليه البعض باعتباره روحاً مؤذية، مثل «شبح ريدجواي في ويسكونسن»، محكوم عليه بالتلاشي والاختفاء مع مرور الوقت. إلا أنه عاد من جديد، الاثنين الماضي، لفترة رئاسية جديدة، أو كما يخشى البعض في أوروبا، لثماني سنوات أخرى.

والملاحظ وجود انقسام في صفوف النخبة الأوروبية تجاه ما يجب عمله مع ترمب. وفي الوقت الذي يوصي البعض بالتزام نهج الابتسام والصبر، وتجرع ولاية ترمب والابتهال إلى الله أن تمر بسلام، يميل آخرون إلى تكتيك «إذا لم تتمكن من هزيمتهم، فانضم إليهم!». ومع ذلك، اختار البعض، مثل المستشار الألماني المنتهية ولايته أولاف شولتس، رغم أنه يقف على قدميه بالكاد، التصدي لشخصية يتعذر عليهم فهم أبعادها تماماً.

وهنا، تساءل أحد المعلقين الفرنسيين البارزين: كيف يمكن لشخص يتسم بسمعة ترمب أن يحرز فوزاً انتخابياً مقنعاً بمجرد قول أول ما يخطر بباله، غالباً عبر موقع «إكس» («تويتر» سابقاً)، في حين فشل الساسة الأوروبيون المخضرمون الذين يصوغون رسائلهم بعناية، في إنجاز مثل هذا الفوز لأكثر من نصف قرن؟

في الواقع، لقد تحولت النخبة الأوروبية الحاكمة إلى طبقة ذاتية الاستمرار، تقدم نفس الشخصيات الدرامية في أشكال مختلفة، ترتدي قناعاً سياسياً ساخراً لا هدف له سوى الفوز بمقعد، أو على الأقل، مكان صغير على الطاولة المرتفعة.

كما طورت النخبة الحاكمة خطاباً منسوجاً حول عدد من الأكاذيب، بما في ذلك الادعاء بأنك تستطيع إنفاق الأموال التي لا تملكها للحصول على ما تريده، لكنك لا تحتاج إليه حقاً.

ويحتوي الخطاب ذاته على الكثير من الخدع وأنصاف الحقائق. تزعم النخبة أنك تستطيع العمل لساعات أقل ولسنوات أقل، في حين لا تزال تتمتع بأجور أعلى ومعاشات تقاعدية أكثر سخاءً. ويولي نفس الخطاب قيمة عالية للاختلافات، لكن بمجرد قبول ذلك، فإنه يندفع للمطالبة بالتماثل باسم المساواة. كما تعلمك طبقة الساسة إعادة صياغة كل شيء، عبر استبدال بالحقائق أنصاف حقائق أو حتى أكاذيب صريحة، باسم الصوابية السياسية. واليوم، تعاد كتابة تاريخ أبطال الأمس باعتبارهم أشراراً.

على سبيل المثال، نجد اليوم أن فندق الرئيس ويلسون الشهير في جنيف، يتجه نحو تغيير اسمه ليبتعد عن الرئيس وودوارد ويلسون. وفي باريس، تجري حملة لتغيير اسم الشارع الذي يحمل اسم الرئيس ويلسون، بما يتماشى مع الصوابية السياسية.

من جهته، قال إريك دوبوند موريتي، المحامي الفرنسي البارز ووزير العدل السابق: «إذا لم نلتزم الصوابية السياسية، فإنهم سيطردوننا من الساحة الرئيسة. وحتى القضاة أنفسهم، يجدون أنفسهم مجبرين على التزام نهج اليقظة الاجتماعية، حتى على حساب إنجاز العدالة».

حالياً، تعاني أغلب الديمقراطيات الأوروبية من عجز ديمغرافي؛ ما يعني أنها بحاجة إلى تدفق ثابت من العمال. ومع ذلك، لا يرغب الأوروبيون في إنجاب الأطفال؛ لأن ذلك قد يربك خطط الاستمتاع بالحياة. وفي الوقت نفسه، يطالبون ببناء الجدران أو تعبئة الزوارق الحربية لوقف تدفق المهاجرين.

في الوقت ذاته، تواجه أغلب الدول الأوروبية اليوم بنية تحتية متداعية، لكن لا أحد في موقع قيادة يجرؤ على اقتراح فرض ضرائب أكثر لإعادة البناء، ولو حتى على فاحشي الثراء فقط! ذات مرة، قال رئيس الاتحاد الأوروبي السابق جان كلود يونكر: «يظن الناس أننا لا نعرف كيف نحل المشكلات. الحقيقة أننا ندرك تماماً ماهية المشكلات، وكذلك حلها، لكن إذا قدمنا الحلول فلن يعاد انتخابنا لتنفيذها».

ويذكّرنا هذا بالنكتة الشهيرة للأديب برتولت بريشت: «تبدأ الديمقراطية بحق الشعب في اختيار حكامه، لكنها قد تنتهي باختيار الحكام للناس الذين يرضونهم».

في المقابل، تدعي الدولة أن الشعب يستحق مدارس وجامعات، ومستشفيات، وطرقاً وجسوراً، وتأمينات اجتماعية، وآلات حرب، وفناً وثقافة، من فئة خمس النجوم، ولا يحتاج إلى دفع الثمن كاملاً.

من جهته، يعتقد الروائي جور فيدال أن النخب القيادية في أوروبا الغربية لا تستطيع الوفاء بوعودها بتوفير خدمات من فئة خمس النجوم، ويقترح أن يتولى مديرو فنادق سويسرية حكم أوروبا الغربية.

وأياً كانت الطريقة التي ننظر بها إلى الأمر، تبقى الحقيقة أن ديمقراطيات أوروبا الغربية تكابد أزمة سياسية، قد تتحول إلى أزمة ممنهجة.

اللافت أن فرنسا تعاقب عليها أربعة رؤساء وزراء عبر عام واحد، في حين تعاني معظم الدول الأعضاء الأخرى داخل الاتحاد الأوروبي من غياب مزمن للاستقرار. والدول التي لم يحدث فيها ذلك، مثل المجر، تجد نفسها في مرمى انتقادات باعتبارها «استبدادية» أو «شعبوية» أو «ترمبية».

في بعض الحالات، مثل بلجيكا وهولندا، تكشف التجربة في الفترة الأخيرة أن وجود برلمان معلق، نتيجة لنظام التمثيل النسبي المقيت، والذي يجعل المفاوضات الائتلافية الطويلة أمراً لا مفر منه، يمكن أن يوفر حكماً أفضل عبر وضع البلاد على وضعية الطيار الآلي.

الحقيقة أن التكنوقراطيين والموظفين الحكوميين الذين يتولون إدارة الأمور، في حين يساوم الساسة على من يحصل على أي منصب، لا ينبغي لهم أن يكذبوا على الناس؛ لأنهم حتى لو أخطأوا فإنهم لا يخاطرون بفقدان وظائفهم. لقد جرى تعليمهم التصرف بحذر أكبر والوعد بالأقل، حتى يتمكنوا من الحصول على مكافآت عندما يجري إنجاز المزيد.

arabstoday

GMT 08:46 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 08:44 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كيف ستكون علاقتنا مع ترمب؟

GMT 08:44 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

بين التسلط بالامتداد أو التسلط والانفراد

GMT 08:42 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

مناخر الفضول وحصائد «فيسبوك»

GMT 08:41 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كيف تفكر النسخة الجديدة من ترمب؟

GMT 08:39 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

لبنان... امتحان التشكيل

GMT 08:38 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

القراءة والكتابة أولاً

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب والداء الأوروبي الغربي ترمب والداء الأوروبي الغربي



ياسمين صبري أيقونة الموضة وأناقتها تجمع بين الجرأة والكلاسيكية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:49 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سامو زين يردّ على جدل تشابه لحن أغنيته مع أغنية تامر حسني
 العرب اليوم - سامو زين يردّ على جدل تشابه لحن أغنيته مع أغنية تامر حسني

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab