هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

 العرب اليوم -

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة

بقلم : أمير طاهري

في أغلب المكاتب الحكومية في طهران، أول ما يصادفه الزائر هو صورة من الورق المقوى للجنرال الراحل قاسم سليماني الذي قُدّم باعتباره «أعظم قائد عسكري في التاريخ الإسلامي». ويُعرَف أيضاً باسم «الشهيد الحاج قاسم»، ويزين تمثاله النصفي الشهير الميادين العامة والملاعب الرياضية في أكثر من 100 مدينة وبلدة إيرانية.

يعتبر «الحاج قاسم» الذي يحظى بتقدير كبير باعتباره القائد الذي هزم الولايات المتحدة، وأذل إسرائيل، وغزا العراق وسوريا ولبنان وأجزاء من اليمن، واحداً من الثلاثة الذين يسيطرون على الميثولوجيا (الأساطير) الخمينية، والآخران هما الخميني، وخامنئي. لكن ماذا لو تحول المد ضد «الحاج قاسم»؟

لقد «تأجلت» بهدوء، خلال الأيام الأخيرة، الخطط الرامية إلى تثبيت تمثاله النصفي في أكثر من 1000 بلدة ومدينة في إيران، كما تراجع الحديث عن مغامراته الجريئة في مختلف وسائل الإعلام الرسمية وخطب الجمعة. وبدلاً من ذلك، بدأ شبح سيد جديد من أسياد الشجاعة، هذه المرة يُعتبر عدواً لإيران، يتسلل إلى الخطاب الوطني والدعاية الرسمية: «مُحرر دمشق» أحمد الشرع، الشهير بأبو محمد الجولاني.

دعونا نطرح اقتراحاً استفزازياً: قد يستحق الشرع لقب «بطل إيران»، إن لم يكن بالضرورة لقب «بطل الإسلام»، أكثر من لقب «الحاج قاسم». لماذا؟

أولاً لأن «الحاج قاسم» كان نوعاً من «الوكلاء المؤقتين» الذين أنفقوا ما بين 30 و50 مليار دولار من أموال إيران لخلق إمبراطورية من الأحلام الخيالية في العراق وسوريا ولبنان وغزة وأجزاء من اليمن، والتي تتلاشى كالدخان في الهواء. وفي افتتاحية نُشرت يوم الاثنين، أشارت صحيفة «كيهان» اليومية التي تعكس آراء المرشد، إلى أن «الشعور العميق بالألم» الذي يشعر به المرء لفقدان إمبراطورية «الحاج قاسم» يشبه ما شعر به العالم الإسلامي بعد خسارة الأندلس (إسبانيا).

من خلال إثبات أنه لا يمكن بناء إمبراطورية مع «الوكلاء المؤقتين»، ربما يكون الشرع أو الجولاني قد خرق الوهم بأن إيران، على حد تعبير وزير خارجيتها السابق جواد ظريف، أصبحت «القوة الإقليمية العظمى». وهذا قد يقنع الحكام في إيران بالتخلي عن غرورهم، الأمر الذي من شأنه أن يفيد الجميع بما في ذلك «الملالي».

ربما يكون الشرع قد خدم مصالح إيران بطرق أخرى. من خلال إرغام الإيرانيين على الفرار من سوريا، يساعد الشرع إيران على تجنب المزيد من الخسائر البشرية التي تقدر بما بين 5000 و6000 قتيل، وأكثر من 30 ألف جريح منذ عام 2011. بعد ذلك، يمنح الشرع طهران الفرصة للتخلص من نحو 80 ألف مرتزق من الأفغان، والباكستانيين، واللبنانيين، والسوريين، الذين قاتلوا من أجل «الحاج قاسم» في سوريا (قد يكون من الصعب تنفيذ هذا الأمر، ولكن هذه مسألة أخرى). كما أن الشرع يقطع الطريق على طهران للوصول المباشر إلى بيروت عن طريق البر؛ مما يزيد من صعوبة شحن الأموال والأسلحة إلى ما تبقى من الفرع اللبناني لـ«حزب الله» الذي يكلف إيران ما يقدر بنحو 800 مليون دولار سنوياً.

في الوقت نفسه، فإن إغلاق سوريا أمام نصف مليون حاج إيراني، والذين يذهبون لزيارة ضريح السيدة زينب، شقيقة الإمام الحسين، من شأنه أن يوفر على إيران مليار دولار أخرى من الدولارات الباردة. وهذا بدوره يمكن أن يساعد جزئياً على إطفاء العطش إلى الدولارات الذي ابتُلي به الاقتصاد الإيراني منذ أن شرع «الحاج قاسم» في بناء إمبراطوريته.

وبما أن الحكومة في إيران - بفضل صادرات النفط - هي المصدر الرئيس للدولارات، فإن خفض الإنفاق النقدي في سوريا ولبنان قد يؤدي إلى خفض قيمة الدولار الأميركي من خلال زيادة المعروض منه في السوق المحلية.

وهذا بدوره من شأنه أن يُقلل من التضخم، أو على الأقل يُبطِّئ من الاندفاع الحالي نحو التضخم المفرط. وفي الوقت الحالي، تعمل الأسرة الحضرية الإيرانية المتوسطة على تحويل جزء كبير من مدخراتها إلى عملات أجنبية لا تزال قيمتها في ارتفاع بسبب عدم كفاية المعروض منها.

ربما يكون الشرع قد ساعد إيران بطرق عدة أخرى. قبل أربع سنوات، طلب الجنرال محمد باقري رئيس أركان الجيش الإيراني تخصيص مبلغ مليار دولار سنوياً لنشر 4000 من حرس الحدود الإضافيين لإنهاء هجمات نحو 80 جماعة إرهابية تعمل من قواعد في باكستان. ولكن طلبه قوبل بالرفض بهدوء؛ لأن «الدفاع عن الضريح» في دمشق كان يشكل أولوية أكبر. فبفضل الشرع، ربما يحصل باقري الآن على 4000 من حرس الحدود.

كما أن أكثر من 15 ألف عائلة تُعرف بالفارسية باسم «مال باختيغان»، تم القضاء على مدخراتها طيلة حياتها مع انهيار مشاريع «الاستثمار الاحتيالي» الوهمية التي أقرتها الدولة، يمكن أن تكون ممتنة للجولاني أيضاً. وقد تم تأجيل خطة لتعويضهم جزئياً عام 2018؛ نظراً إلى أن الحكومة لم تتمكن من توفير 500 مليون دولار مطلوبة.

بفضل الشرع، قد تتمكن إدارة الرئيس مسعود بزشكيان أيضاً من معالجة المشاكل الأخرى التي يتم تجاهلها بسبب نقص الأموال. على سبيل المثال، لماذا لا نعيد بناء أرصفة المواني التي دُمرت في الحرب الإيرانية - العراقية قبل عقود، والتي كانت في السابق تجعل من «خرامشهر» الميناء البحري الأكبر في إيران؟ وغيره الكثير من الاستثمارات الأخرى التي أصبح ممكناً تحقيقها.

ربما يكون الشرع قد قدم لإيران معروفَين آخرَين: أولاً، أظهر أن إنفاق المال والدماء على قتل الشعوب الأخرى للحفاظ على الطاغية المكروه في السلطة، ليس سياسة جيدة أو اقتصاداً جيداً. وربما أدرك حتى أدنى صانعي القرار فطنةً في طهران هذه الرسالة. وثانياً، إذا كانت تركيا في عهد الرئيس رجب طيب إردوغان راغبة في تغيير عصابة الخمينيين باعتبارهم مدّعين لقيادة العالم الإسلامي، فدعها تتذوق بعضاً من حساء «الساحرات» الذي جلبه «الحاج قاسم» وسيده إلى إيران.

arabstoday

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 17:40 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

حلّ «إخوان الأردن»... بين السياسة والفكر

GMT 17:38 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

دارفور وعرب الشتات وأحاديث الانفصال

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 17:35 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بعثة الملكة حتشبسوت إلى بونت... عودة أخرى

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 17:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الهادئ كولر والموسيقار يوروتشيتش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab