إيران احتضان الدب في النهاية

إيران: احتضان الدب في النهاية

إيران: احتضان الدب في النهاية

 العرب اليوم -

إيران احتضان الدب في النهاية

أمير طاهري

خلال الأسبوع الماضي، وفيما قد يصبح آخر تحرك مهم لإدارته في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وقع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على اتفاقية أمنية مهمة مع روسيا. وتعد هذه الاتفاقية، التي تم التوقيع عليها من قبل وزير الداخلية الإيراني محمد مصطفى نجار ونظيره الروسي فلاديمير كولوكولتسيف، بمثابة انتهاك لمبدأ قديم في العقيدة الأمنية والدفاعية الإيرانية. دائما ما كانت روسيا، منذ القرن الثامن عشر عندما ظهرت بوصفها دولة منظمة، مصدر خوف وإعجاب في الوقت نفسه من جانب جيرانها الإيرانيين. وبينما كانت إيران قادرة على التعامل مع الهجمات التي تتعرض لها من الجحافل التركية من جهة الغرب على مدار قرون، كانت تنظر إلى روسيا أيضا على أنها تهديد جديد من ناحية الشمال. وقد ثبت صحة هذا الطرح من خلال الحروب العديدة التي نشبت بين الطرفين، على اختلاف حدتها. ومن حيث المساحة، باتت روسيا أكبر إمبراطورية في التاريخ. ونظرا لأنها تطل على بحار متجمدة، مما يجعلها تبدو وكأنها دولة حبيسة، فلم تتمكن روسيا من بناء قوة بحرية ضخمة، وهي الأداة الرئيسية للهيمنة على العالم، ولذا كان القياصرة يحلمون بالسيطرة على المياه الدافئة للمحيط الهندي، وهو ما يعني ضم إيران أو السيطرة عليها. في الفولكلور السياسي الإيراني، يتم تصوير روسيا على أنها دب قد يخنقك إذا ما حاولت احتضانه، حتى لو بطريقة ودية. وقد أكد الصدر الأعظم في إيران خلال القرن التاسع عشر حاج مرزا آقاس على أنه لا يتعين الاقتراب كثيرا أو الابتعاد كثيرا عن هذا الدب، لأنك لو اقتربت كثيرا فسوف ينقض عليك ويقتلك، ولو ابتعدت كثيرا فسوف ينصب لك كمينا قاتلا. وخلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، كانت إيران تحاول الوقوف على الحياد، وهي السياسة التي أثارت عداوة وكراهية «الدب» وأدت إلى احتلالها من قبل روسيا وحلفائها. وقد تعلم الشاه الراحل فن التعايش مع الدب، حيث دخل في تحالف مع «العالم الحر» ولكنه حرص في الوقت نفسه على أن لا يثير غضب الاتحاد السوفياتي، ولذا لم يسمح للمصالح التجارية الغربية، بما في ذلك شركات النفط، بالعمل في المناطق القريبة من الحدود السوفياتية. وفي الوقت نفسه، قاوم الضغوط كافة للدخول في تعاون أمني مع الاتحاد السوفياتي، والسماح للبحرية السوفياتية بالبقاء في الخليج العربي، وشراء أسلحة سوفياتية على نطاق أوسع. وقد حاولت موسكو الالتفاف على إيران من خلال توقيع اتفاقيات مع العديد من البلدان العربية، لا سيما مصر والعراق، وأن يكون لها موطئ قدم في جنوب اليمن الذي كان يسيطر عليه الشيوعيون. وفي أعقاب سقوط الشاه وانهيار الاتحاد السوفياتي، استمرت إيران، في ظل نظام الخميني، في اتباع سياسة الابتعاد لمسافة ما عن الدب الروسي. وتهدف الاتفاقية الأمنية الجديدة بين إيران وروسيا إلى التعاون في مجال جمع المعلومات الاستخباراتية حول العالم ومكافحة الإرهاب وتجارة البشر وتهريب المخدرات. والأهم من ذلك أنها تُلزم روسيا بتدريب وتسليح القوات الأمنية الإيرانية للسيطرة على الحشود والتعامل مع الاضطرابات المدنية، وهو ما يعكس قلق كل من طهران وموسكو من أن يتعرضا لاحتجاجات على غرار «الربيع العربي». وبموجب هذه الاتفاقية، سوف تساعد موسكو طهران على تكوين وحدات شرطية خاصة على غرار «الجيش الداخلي» المكون من 500 ألف شخص والذي يخضع لسيطرة وزارة الداخلية الروسية. ولطالما كانت وزارة الداخلية الروسية، التي أنشئت عام 1802، هي الذراع الأمنية الرئيسية للدولة. وفي البداية، كانت وحدة الاستخبارات التابعة لوزارة الداخلية الروسية تعرف اختصارا بـ«إم في دي»، قبل أن يتغير اسمها في عهد ستالين إلى «إن كيه في دي». وفي عام 1953، تم دمجها في الشبكة الأمنية التي يسيطر عليها لافرينتي بيريا الذي كان يعد العضو الأكثر دموية في النخبة السوفياتية الحاكمة. ونجح نيكيتا خروتشوف في تحويل الـ«إن كيه في دي» إلى ما بات يعرف بـ«كيه جي بي»، الذي أثر في ما بعد على السياسات المحلية والخارجية على حد سواء. وعلى خلاف التوقعات، لم يكن سقوط الاتحاد السوفياتي نهاية للأجهزة الأمنية المرعبة، فقد ساعدت بوريس يلتسن في سحق بقايا الحزب الشيوعي السابق، ومنذ عام 2004 وما تلاه، استخدمها فلاديمير بوتين سلّما للصعود إلى سدة السلطة في الكرملين. وقد شهد العام الماضي إقالة رشيد نورغالييف، ذي الأصول المسلمة، الذي لعب دورا أساسيا في حملة بوتين لسحق الانتفاضة الإسلامية في الشيشان، أونغوشيا، وداغستان، الرجل الذي قادة الوزارة طيلة ثماني سنوات، بسبب ما أشيع عن تنامي سلطاته. الاتفاق الأمني الروسي - الإيراني هو أحدث الإشارات إلى أن شيئا ما يتغير في العلاقات بين موسكو وطهران، فقد استضافت إيران السفن الحربية الروسية التي زارت ميناء بندر عباس على مضيق هرمز في ما يبدو أشبه ببدء الوجود البحري الروسي في الممر المائي الاستراتيجي. كما ستشارك إيران في التدريبات البحرية التي سيجريها الأسطول الروسي في المياه الإقليمية السورية الأسبوع المقبل حول طرطوس حيث تمتلك طهران وموسكو حق الوجود هناك. كان أحمدي نجاد دائما ما يبدو حريصا على تقارب الجمهورية الإسلامية مع موسكو كجزء من حلم لمحور طهران - موسكو - بكين. لكن روسيا لم تبد رغبة في ذلك على الأغلب، لأن يلتسن، ومن بعده بوتين، كانا يأملان في عقد اتفاق مع الولايات المتحدة، وهو ما جعل يلتسن وبوتين يرفضان الدعوات المتكررة من قبل الملالي لزيارة طهران. ويقول المراقبون إن التغير في العلاقات الإيرانية - الروسية كان سببه عدة عوامل؛ أهمها تورط كلا النظامين في الحرب السورية ومناصرة نظام بشار الأسد، كما يعتقد كلاهما أن الربيع العربي هو نتاج مؤامرات دبرتها واشنطن في ظل إدارة بوش قبل عشر سنوات.. ويخشى كلاهما من إمكانية استغلال وصفة الثورة المخملية لتغيير النظام في بلديهما، ويتمنيان أن لا يطالهما «ربيع عربي» يغير النظام في دولتيهما. إضافة إلى ذلك، تعتبر موسكو وطهران ما تريانه تراجعا استراتيجيا أميركيا لإدارة أوباما، فرصة. ويعتقدان، أنه بخروج الولايات المتحدة، لا تملك قوة أخرى القدرة على الوقوف في وجه طموحاتهما الإقليمية. ويتقاسم أحمدي نجاد وبوتين الرغبة في كبح شهية المسلمين السنة، التي يمكن أن تهدد نظاميهما. لكن إجمالا، فإن الرقص مع الدب لن يحظى بالقبول في كلتا الدولتين؛ فكثير من الإيرانيين ينظرون إلى روسيا بعين الشك، فيما يفضل كثير من الروس رؤية بلدهم جزءا من الغرب وأن لا تكون حليفا لنظام محبوس في نسيج الزمن. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران احتضان الدب في النهاية إيران احتضان الدب في النهاية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab