العراق لا يوجد فرسان لإنقاذه

العراق.. لا يوجد فرسان لإنقاذه

العراق.. لا يوجد فرسان لإنقاذه

 العرب اليوم -

العراق لا يوجد فرسان لإنقاذه

أمير طاهري

 يعلم محبو أفلام الويسترن الكلاسيكية أنه وقتما يوشك «الطيبون» على التعرض للقتل على يد «الأشرار»، يظهر فرسان أميركيون في اللحظة الأخيرة لإنقاذهم.
منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الثانية، تشكل نسخة واقعية من هذه الصورة السينمائية جزءا من الأوضاع الجغرافية السياسية، في الشرق الأوسط.
في كل مرة يقوم من يتصور أنهم «أشرار» بمحاصرة هؤلاء الذين يُعدون من «الطيبين»، ترسل قوة غربية (في البداية كانت بريطانيا العظمى، وبعد ذلك الولايات المتحدة) «فرسانها» للإنقاذ.
قامت فرق «الفرسان» بإنقاذ العديد من الأنظمة في مواجهة الاتحاد السوفياتي، كما حدث مع إيران في عهد الشاه، ولكنها أيضا أنقذت أنظمة أخرى من مضايقات قوى إمبريالية قديمة، كما حدث مع مصر في أزمة السويس. ومنعت أيضا الملالي الإيرانيين من الدخول إلى بغداد، وأخيرا أجبرت صدام على الخروج من الكويت. وأنقذ «الفرسان» الأنظمة في لبنان، مع تقديم تأمين إضافي على الحياة لإسرائيل. كما استطاعوا تغيير الأنظمة في كل من أفغانستان والعراق، في حين أمدوا في أعمار أنظمة تجاوزت مدة صلاحيتها.
ولكن الآن، لم يعد هناك فرسان!
هذه هي الرسالة التي يجب أن يتأملها قادة الشرق الأوسط.
في ظل تراجع الولايات المتحدة، يفتقد الغرب القيادة لاستخدام قوته في حل النزاعات التي تنتشر على الساحة السياسية في المنطقة.
قد يجادل المرء في صحة أو صواب هذا الموقف إلى يوم القيامة. ولكن الحقيقة هي أنه لن يأتي أي فرسان، وذلك لعدة أسباب.
في البداية، قللت نهاية الحرب الباردة من الأهمية الجيوسياسية التي تحظى بها المنطقة. وحتى إذا حاول فلاديمير بوتين تمثيل دور «القوة العظمى»، فلا يعتقد سوى قليلين أن روسيا يمكنها أن تشكل تحديا عالميا.
السبب الثاني هو أن القوى الغربية لم تعد تعتمد على النفط الخام المقبل من الشرق الأوسط منذ أكثر من جيل. في عام 1980، كانت المنطقة تمثل 43 في المائة من سوق النفط العالمية. وفي عام 2012، انخفض هذا الرقم إلى 20 في المائة. وحتى في ذلك الحين، ظهر مستهلكون جدد، مثل الصين والهند، ليشكلوا نسبة كبيرة من الإجمالي.
أما السبب الثالث، فهو انهيار التوافق الحزبي الذي اتسمت به السياسة الخارجية في الأنظمة الديمقراطية الغربية طوال عقود.
في الولايات المتحدة، أوباما مستعد لرؤية العراق مشتعلا لكي يثبت أن بوش كان على خطأ في الإطاحة بصدام حسين. وعلى النقيض، يستعد السيناتور جون ماكين ليرى الأدخنة تتصاعد في سماء المنطقة، لكي يثبت أن أوباما رئيس غير كفء. وفي بريطانيا، أصبح الهجوم على توني بلير بسبب العراق من الماضي الوطني، لذا من المستحيل أن يثار نقاش جاد بشأنه.
تكمن المشكلة في أنه لا أحد من القادة الغربيين أو الشرق أوسطيين على استعداد للاعتراف بهذه الحقائق الجديدة.
لا يزال القادة الغربيون يعززون وهم توليهم القيادة العالمية، وهو ما يمنح شعوبهم شعورا بالرضا عن الذات. ومن جانبهم، لا يزال قادة الشرق الأوسط يظنون أنه بغض النظر عما يفعلونه، سوف تكون القوى الغربية مجبرة على الحضور لإنقاذهم. وهم في ذلك مثل البنوك الكبرى التي تظن أنها أكبر كثيرا من أن تفلس.
أسفر هذا الإنكار الثنائي للواقع عن سحب كل من قادة الغرب والشرق الأوسط إلى عالم خيالي يبدون فيه وكأنهم يفعلون شيئا ما، بينما هم في الحقيقة لا يفعلون أي شيء.
نتيجة لذلك، نجد تعليقات مخادعة، مثل تلك التي أدلى بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري فيما يتعلق بالتعاون مع إيران ضد ما يسمى بتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش).
يقول كيري إن هذا الموضوع «أثير» على هامش المباحثات حول مشروع إيران النووي. وأضاف أن أي اتفاق قد يظهر يجب ألا يتضمن «التعاون العسكري».
تحمل تصريحات كيري رسالتين مهمتين:
الرسالة الأولى في تصريحاته هي أن التحدي الذي تمثله «داعش» أمر هامشي يمكن مناقشته على هامش مباحثات أخرى.
الأمر الثاني هو أن الولايات المتحدة على استعداد لأن تفعل أي شيء فيما عدا الأشياء الوحيدة التي قد تحقق اختلافا، أي استخدام القوة الجوية ضد «داعش»، في حين تساند إيران القوات البرية العراقية من أجل استعادة السيطرة على المدن العراقية التي فقدتها.
من جانبها، تعلم إيران أن إرسال أي قوات إيرانية قد يحول الموقف من سيئ إلى أسوأ. يحاول الملالي استخدام «داعش» مبررا لتملق «الشيطان الأعظم»، بينما يحمون مشروعهم النووي.
لا يبالي أي من الشريكين المفترضين بشأن العراق.
في طهران، أصبحوا يتحدثون فجأة عن معاهدة قصر شيرين (عام 1723) التي تمنح طهران «حق الإشراف» على المناطق الشيعية التي كانت في ذلك الوقت جزءا من الإمبراطورية العثمانية.
لنفكر في الأمر، ربما تكون مراوغة أوباما منحة خفية. ترجفني فكرة أن تدخل الولايات المتحدة في صراع كبير، في ظل وجود أوباما قائدا أعلى للقوات المسلحة. يفتقر أوباما، السياسي الماهر، وفقا للسياق الأميركي المتعلق بالفوز بالانتخابات بممارسة خداع بصري شعوبي، إلى القدرة الفكرية والمعرفة العملية والجلد الأخلاقي اللازمة لقيادة قوة عظمى في وسط أزمة كبرى.
ما ينقص موقفه هو الثبات. قد يصحح ذلك بأن يجعل كلماته تتفق مع ما يفعله (أو لا يفعله). قد تنطبق مقولة أبقراط: «أولا، لا تضر» على السياسة أيضا. وفي ظل عزم أوباما على عدم فعل أي شيء، من الأفضل له ألا يقول شيئا أيضا، لا سيما فيما يتعلق بوضع «خطوط حمراء».
إذا أمسك لسانه، فسوف يكون على قادة وشعوب المنطقة التطلع إلى الهاوية والبحث عن مخرج منها. إذا علموا أنه لا يوجد فرسان، فسيكونون مجبرين على أن يكبروا ويبدأوا في حل مشاكلهم بأنفسهم.
في الوقت الحالي، العراقيون فقط هم من يستطيعون إنقاذ العراق إذا كانوا يريدون عراقا.
لا يوجد من يستطيع أن يفعل ذلك لأجلهم.

 

 

arabstoday

GMT 09:18 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

عن تحولات الجولاني وموسم الحجيج إلى دمشق

GMT 07:50 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«في قبضة الماضي»

GMT 07:48 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

السوشيال كريديت وانتهاك الخصوصية

GMT 07:40 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

علاقات بشار التي قضت عليه

GMT 07:39 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كَذَا فلْيكُنِ الشّعرُ وإلَّا فلَا!

GMT 07:13 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

من باب المندب للسويس والعكس صحيح

GMT 07:10 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

«بيرل هاربر» التي لا تغيب

GMT 07:07 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

كرد سوريا وشيعة لبنان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق لا يوجد فرسان لإنقاذه العراق لا يوجد فرسان لإنقاذه



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:33 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض
 العرب اليوم - تامر حسني يتألق بحفله الأخير في موسم الرياض

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 08:59 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

خاسران في سورية... لكن لا تعويض لإيران

GMT 08:06 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«بنما لمن؟»

GMT 08:54 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab