لماذا يتعذر على إيران تلبية آمال أوباما

لماذا يتعذر على إيران تلبية آمال أوباما؟!

لماذا يتعذر على إيران تلبية آمال أوباما؟!

 العرب اليوم -

لماذا يتعذر على إيران تلبية آمال أوباما

أمير طاهري

من المقرر أن يستضيف الرئيس أوباما، في غضون أسبوعين، قمة في كامب ديفيد مع قادة الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. ويأتي هذا الحدث في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط اضطرابات متعددة المستويات ومن نوع لم يمر بالمنطقة مثله منذ قرن من الزمان.

ولتلك الاضطرابات، أو كما يروق للبعض تسميتها الفوضى، العديد من الأسباب ومن بينها انهيار الأنظمة الاستبدادية العسكرية، التي ذهبت إلى ما هو أبعد من تاريخ صلاحيتها سياسيًا. كما أن هناك حقيقة مفادها، ولأول مرة منذ قرنين من الزمان على الأقل، وجود تلك الجرعة العاتية من النزعات الطائفية التي اختمرت بمزيج قاتل من الخصومات السياسية والآيديولوجية.

ومع ذلك، فإن السبب الرئيسي لتلك الفوضى العارمة الحالية قد يعزى بصورة جيدة إلى تفكيك حالة توازن القوى التقليدية التي ضمنت للمنطقة قدرًا من الاستقرار الاستراتيجي منذ عشرينات القرن الماضي.

كان ذلك التوازن مضمونًا، في بداية الأمر، بواسطة بريطانيا العظمى، وإلى حد أدنى، فرنسا كذلك. ومنذ فترة الخمسينات فصاعدًا، ضمنت الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفياتي السابق تلك الحالة الراهنة في سياق الحرب الباردة. ومع تفكك الاتحاد السوفياتي، تولت الولايات المتحدة مسؤولية تلك المهمة بمفردها برفقة الاتحاد الأوروبي، الذي لا تزال مساهماته في ذلك المضمار قيد العمل والتطور.

تعزز ذلك التوازن، في جزء منه، بوصول مجلس التعاون الخليجي إلى مشهد الأحداث السياسية بالمنطقة، باعتباره في بادئ الأمر تحالفًا سياسيًا، ولكن مع إمكانات اقتصادية ودفاعية لا يسهل تجاهلها. ولزيادة تعزيز ميزان القوى في المنطقة رتبت واشنطن في عام 2005 ارتباطات لسبع من دول الشرق الأوسط مع منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في حين العمل على إطلاق عملية السلام ذات التركيز على القضية الفلسطينية - الإسرائيلية. وبحلول عام 2008، بدا ميزان القوى الجديد في المنطقة راسخًا بما فيه الكفاية ليخدم أغراضه لعقود قادمة.

ورغم ذلك، ولأسباب يمكن لأحدنا فقط التكهن بفحواها، ومع سلسلة مذهلة من أخطاء تقدير الأمور، قرر الرئيس أوباما تفكيك ذلك التوازن؛ من انسحابه السابق لأوانه من العراق، وعبثه بعملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية، وانحيازه مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر دون الاستعداد لمساعدتهم إذا ما تعثروا في طريقهم، ثم تخبطه الواضح حيال الأزمة السورية لمن الجدير بذكره هنا كذلك.

ربما، أن إدراكه للعواقب الكارثية لسياساته، هو ما دفع أوباما بمحاولة التواصل مع النظام الخميني في طهران أملاً منه في تحويله من معسكر الأعداء إلى معسكر الأصدقاء، واعدًا إياهم بوضعية «القوة الإقليمية»، وحتى قبوله، فوق ذلك، بوضعية «العتبة» الإيرانية على الجبهة النووية.

وتكمن المشكلة في أن سعي أوباما لعقد حلف «ما» بين إدارته ونظام الخميني يستند إلى أوهام محضة. فاضطلاع نظام الخميني الإيراني بدور المناهض لحالة الوضع الراهن في الشرق الأوسط لفترة تزيد على ثلاثة عقود يحول بينه وبين إعادة صياغة الذات الفجائية والبروز على حين غرة كضامن أمين لاستقرار المنطقة الذي يعتبره النظام بمثابة السم الزعاف لطموحاته الثورية.

يتحتم على نظام الخميني، لكي يتحول إلى «زعيم إقليمي» كما يحلم أوباما، إما أن يحول دول المنطقة إلى صورة منه أو يتحول هو إلى صورة تتناسب مع دول المنطقة. تمامًا مثل أحجية القطع المتناثرة، يتألف توازن القوى في المنطقة من الكثير من الأجزاء التي تتشابه بدرجة تزيد أو تقل فقط لأنها تتساوق مع نمط كبير يجمعها. والآن في منطقة الشرق الأوسط، لا يتناسب نظام الخميني مع أي نمط يمكنه أن يعبر عن وقائع أو حقائق الدول العشرين الأخرى من حوله، أو تلك الدول التي يتشكل منها ما يسمى الشرق الأوسط الكبير.

ليس من المرجح أن ينجح النظام الخميني في أن يحول دول المنطقة إلى صورة منه. فإنفاق الأموال واستخدام الدعاية مع الإرهاب قد يساعد النظام الإيراني على استقطاب عناصر معينة داخل سوريا، ولبنان، وحتى داخل العراق واليمن من بين أماكن أخرى. ورغم ذلك، ليس أمام النظام الخميني من فرصة قط لتأمين ما يكفيه من الدعم الشعبي لتشييد نظام إقليمي جديد، فإن آيديولوجية «ولاية الفقيه» في نهاية الأمر لا تتمتع بالجاذبية المطلوبة من حيث التسويق لها أكثر مما كان يمتلكه مفهوم «الديكتاتورية البروليتارية» في أيام ازدهاره.

قد يأمل أوباما بانتصار الفصيل الموالي لرفسنجاني في صراع السلطة في طهران، والتخلص من علي خامنئي، وتحويل الجمهورية الإسلامية إلى قطعة كبيرة من قطع الأحجية تتناسب، أخيرًا، مع توازن القوى الجديد في منطقة الشرق الأوسط.

غير أن الأمل، رغم كل شيء، لا يعد أساسًا راسخًا لبناء الاستراتيجيات.

على أي حال، فأولئك القريبون بشكل وثيق من دوائر صنع القرار في إيران يعلمون جيدًا أن الفصيل الموالي لرفسنجاني لا يعبر إلا عن أقلية داخل مؤسسة علي خامنئي الحاكمة، وليس لديه إلا فرصة ضئيلة للنجاة سياسيًا إذا ما اشتبك في صراع مباشر ومفتوح مع الفصيل الذي يقوده خامنئي. والأسوأ من ذلك، فإن إيران التي تعصف بها الأزمات الاقتصادية، وحالة عارمة من السخط الاجتماعي، مع صراع مرير على السلطة داخل أركان نظام ليست في وضعية تمكنها من توفير «الاستقرار»، الذي تفتقده داخليًا، للآخرين.

يعتقد أوباما أنه من خلال السماح لإيران بالاحتفاظ بالقدرة على صناعة القنبلة النووية سوف يقدم مساعدة للفصيل الموالي لرفسنجاني الذي يعد الرئيس روحاني أحد أركانه. وفي حقيقة الأمر، قد يحدث العكس تمامًا: بمجرد إحساس الجمهورية الإسلامية بالأمان من مزيد من ضغوط الولايات المتحدة وحلفائها، فستتاح لها كل الأسباب لاستئناف مشروعها من «تصدير الثورة» وبقوة وعزيمة أمضى.

ليست لدينا معلومات حتى الآن على أي مستوى سوف تعقد قمة كامب ديفيد المرتقبة أو ما هو جدول أعمالها المطروح على الطاولة. غير أن هناك أمرًا وحيدًا واضحًا، حيث إن تلك القمة تنعقد بعد أسابيع من بداية المحادثات النهائية حول الاتفاق النووي مع إيران، فمن غير المرجح أن أوباما يريد أن يعرف وجهة نظر الحلفاء حيال المواقف التي يتخذونها في مفاوضات فيينا. قد لا يبحث الرئيس الأميركي عن أكثر من مجرد التقاط صورة تذكارية ليزعم بأنه تشاور مع الحلفاء قبل ابتياعه للبساط الذي تعزم طهران بيعه.

أقصى ما يمكن لأحدنا توقعه هو حدوث سلسلة من التحركات الهادفة إلى الحد من الأضرار.

يمتلئ أوباما ثقة بذاته عن أي وقت مضى بأنه قد ارتكب أي خطأ إزاء أي قضية، ناهيكم بالوضع في منطقة الشرق الأوسط.

لعل الأمر الوحيد الواجب فعله هو التريث معه، ونتذكر أنه على الرغم من أن الأشهر المتبقية من فترة ولايته قد تكون محفوفة بالمخاطر، فإن احتمال استدراك الإدارة الأميركية الجديدة، بأي صورة كانت، لأخطاء أوباما الحالية، هو أمر لا يمكن استبعاده.

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يتعذر على إيران تلبية آمال أوباما لماذا يتعذر على إيران تلبية آمال أوباما



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 العرب اليوم - الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab