النظام إلى السلاح الكيماوي و«جبهة النصرة» إلى «القاعدة»

النظام إلى السلاح الكيماوي... و«جبهة النصرة» إلى «القاعدة»

النظام إلى السلاح الكيماوي... و«جبهة النصرة» إلى «القاعدة»

 العرب اليوم -

النظام إلى السلاح الكيماوي و«جبهة النصرة» إلى «القاعدة»

عبدالوهاب بدرخان

يمضي النظام السوري في ما يسميه «إنجازات استراتيجية»، معتبراً أنه أُعطي فرصة جديدة تمتد لنحو شهرين، فالكل يتحدث حالياً عن حزيران (يونيو) بأنه سيكون حداً فاصلاً في الأزمة. في الوقت نفسه عادت المعارضة تشكو من أن تسليح «الجيش الحر» لم يشهد تطويراً ملموساً، رغم التحسن الذي طرأ عليه أخيراً. ومن غير المتصوّر أن يرقى التسليح إلى المستوى الصاروخي والكيماوي الذي أدخله النظام في الصراع. لا شك في أن أي فرصة جديدة للنظام تعني مزيداً من التهجير للسكان والتدمير لمناطق أخرى لا يزال فيها بعض معالم الحياة. إذاً، فهي اللعبة السقيمة نفسها تتكرر بلا نهاية، ذاك أن تسليح المقاتلين الثوار لن يرقى، ولن تسمح روسيا وإيران بأن يرقى، أبداً إلى مستوى ما توفرانه للنظام، الذي يضاعف فاعليته بإجرامه اللامتناهي. ففي أكثر من مكان نفذ سياسة «الأرض المحروقة» التي ينزلها حالياً في داريّا، لأنه يريد أن يحمي مطار المزّة العسكري وتأمين الطريق إلى المطار الدولي. وفي أكثر من مكان في الشمال والوسط اتّبع القصف المنهجي الكثيف، كما يفعل مع الغوطة الشرقية، خصوصاً برزة وحي جوبر ودوما لإبعاد مقاتلي «الجيش الحرّ» عن دمشق التي يتولّى الإيرانيون أمـرها الآن وأصبحوا مرئيين في أحيائها كافة وليس فقط في الست زينب. فيما لا يزال «أصدقاء الشعب السوري» يثرثرون في مجادلات عقيمة حول «المساعدات غير القاتلة» التي يرغبون في تزويد المعارضة بها، يمكن أجهزتهم أن تسجّل يومياً أن قوات النظام قصفت بالطيران عشرات المناطق، وأنزلت مئات البراميل المتفجرة فوق أماكن سكنية، واستخدمت صواريخ «ســـكود» و«تـــوشكا» في أكثر من موقع، وبدأت استخداماً موضعياً للسلاح الكيماوي حيث تحاول الردع كما في درعا ومحيطها أو تحاول إحداث اختراقات كما في حلب وحمص أو القيام بالتفافات على الغوطة كما في العتيبة والبلالية والنشائية جنوب شرقي دمشق. فأين تسليح المعارضة من كل ذلك؟ ما يذهل حقاً هو أن المشهد مختلف تماماً على الأرض، ويكفي التحدّث إلى أي مقاتل أو ناشط في المعارضة في أي موقع لاستنتاج أن السلاح ليس كل شيء في هذه المعركة، بدليل أن التكافؤ فيها مستمر، رغم عدم تكافؤ الإمكانات. وفي كل مرحلة استطاع الشعب أن يستوعب بسرعة ما هي التضحيات المطلوبة منه للاستمرار، لأن التراجع غير وارد، ولأنها فعلاً معركة مصير، كما لو أن هذا الشعب لم يختزن نـــقمته فحــسب طــــوال عقـــود وإنما اختزن كذلك إدراكه لما سيكلّفه التخلص من أحد أسوأ الأنظمة التي عرفتها البشرية. لم يتوقف النظام كثيراً عند الأنباء عن القوة التي قيل إن الأميركيين درّبوها في الأردن لتنتشر على الحدود وتحول دون انسلال «المتطرفين» إلى الأردن وإسرائيل. استنكرها لكنه لم يعرها اهتماماً، ربما لأنه يراها في إطار «استراتيجيته»، أي أنه يضــعها في سياق محاربته لـ «الإرهابيين». ولعل أخبار «جبهة النصرة» عادت فجمعت شمل المتباغضين، النظام والأطراف التي يعتبرها متآمرة عليه، فعندما يكون الخيار بين بشار الأسد وأيمن الظواهري يعتقد الأسد أنه يكسب الرهان في حين أن الآخر يعتبر نفسه دائماً خارج لعبة الأنظمة. لا شك في أن الأسد والظواهري كانا، بشكل أو آخر، حليفين لدودين في كثير من الأحيان، استخدم أحدهما الآخر بل استغّله، تبادلا الفرص والفخاخ عندما كانا في خندق واحد، وإذ تفترق طريقهما الآن - إذا افترقت - بات كلٌ منهما يقاتل الآخر: الأسد لاستعادة «شرعيته» والظواهري لإثبات «مشروعيته»، والاثنان مع القتال العبثي المفتوح وضد الشعب وثورته. وقد انكشفت عقيدتا النظام و»القاعدة» بالوقائع فليس لدى هذا ولا ذاك أي وازع قومي أو ديني. ولأن مقاتلي «النصرة» سوريون بالأساس، كان بإمكان الجبهة برهنة عدم تناقض الوطنية مع فكر «القاعدة»، أقلّه في حال سورية، لكن «مبايعة» الظواهري أضاعت منها هذه الفرصة إلى غير رجعة. أما النظام فلم يكن متوقعاً منه أن يبرهن شيئاً، بعدما استعرض على مرّ السنين تخريبه للقيم كافة، فلا قومية استقامت معه ولا عروبة ولا «ممانعة» ولا نأيه المخادع عن الطائفية، فلم يبقَ لديه سوى الإرهاب، مثله مثل «القاعدة». تستمر المعارضة في القتال، إذاً، وقد أُرغمت في لحظة حرجة من حربها على مراكمة عبء زائد على كاهلها، هو «قاعدية النُصرة»، وحتى هذه قد يختلّ زخمها بسبب الخلاف الذي دبّ بينها وبين الفرع العراقي لـ «القاعدة» الذي رعاها منذ بدء انطلاقتها السورية. فخلال الشهرين المقبلين سيكون على قوى المعارضة أن تبدي أعلى مستويات التضامن والتنسيق، وأن تدرك لمرة أولى وأخيرة أن تنافسها على النفوذ في سورية الغد سيقضي على طموحات الجميع. ذاك أن النظام بدأ، إزاء استحالة الحسم، مرحلة تحسين أوضاعه الميدانية لتحسين وضعه التفاوضي على شكل الحل السياسي ومضمونه. وطالما أنه لا يزال يقاتل ويقتل ويدمّر وينفذ خططه في معظم الأنحاء فلا بدّ أنه سيفرض نفسه على هذا الحل، مستنداً تحديداً إلى أن القوة التي يستطيع ترجمتها على الأرض ستشكّل ضغطاً على القوى الدولية التي رفضت طروحاته وأرادت ممارسة ضغط مضاد لإجباره على تغييرها، لكنها لم تتخذ الإجراءات ولا الخطوات المناسبة لا لتسليح المعارضة ولا لزيادة نوعية تدخلها، وبالتالي لم تتمكّن بعد من إقلاقه، ما يشجعه على الاعتقاد بأنه لم ولن يخرج من المعادلة. كان اجتماع وزراء مجموعة الدول الثماني في لندن فرصة لقياس أي «تغيير» قد يكون طرأ على التحليل الروسي للأزمة. وإذ دلّ بيانهم الختامي مجدّداً إلى استمرار تباعد المواقف، لكن على قاعدة توافق الـ 8 على مراعاة مصالحهم، كان لافتاً أن الدول الغربية لم تشأ استثمار قضية «القاعدة» - «جبهة النُصرة» ضد المعارضة لكنها ستأخذها في الاعتبار عند تنفيذ الوعود. لذلك يبدو التحضير لمؤتمر «أصدقاء سورية» في إسطنبول وكأنه مقبل على تركيز الاتجاه إلى الحل السياسي لمواكبة مشاورات يجريها باراك اوباما خلال الأسابيع المقبلة وينهيها بلقاء مع فلاديمير بوتين في قمة الدول الثماني منتصف حزيران في إرلندا الشمالية. أما لقاؤهما التالي فسيكون في أيلول (سبتمبر) في موسكو. وتحاول الدولتان «إزالة التوتر» في علاقاتهما بسبب سورية وملفات أخرى. وإذا كانت الأزمة الكورية قرّبت بينهما أخيراً إلا أن ذلك لم ينعكس على سورية التي تنطوي على حمولات مشابهة وتقتضي تقارباً آن أوانه. وفقاً للأجندة المعروفة للاتصالات الدولية سيمضي عام على صدور «اتفاق جنيف» من إحراز أي تقدم في تطبيقه، أو حتى الاتفاق على تفسيره، فتارة تبدو واشنطن وموسكو متوافقتين على الخطوات الأولى المطلوبة وطوراً يظهر تناقض بينهما. لكن موسكو لم تحد ولا في أي لحظة عن موقف النظام، كما لم تحاول دفع أي تطور داخلي بالتفاهم مع إيران، رغم إدراكهما أن لا سبيل إلى إبقاء نظام الأسد في الحكم. إذا كان «اتفاق جنيف» لا يزال أساساً صالحاً للحل، ففي ذكراه السنوية الأولى قد تبرز الحاجة إلى مراجعته وجعله قراراً صادرا عن مجلس الأمن ليصبح قابلاً للتنفيذ. نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام إلى السلاح الكيماوي و«جبهة النصرة» إلى «القاعدة» النظام إلى السلاح الكيماوي و«جبهة النصرة» إلى «القاعدة»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab