مشوار خليجي في ضباب «الربيع العربي»

مشوار خليجي في ضباب «الربيع العربي»

مشوار خليجي في ضباب «الربيع العربي»

 العرب اليوم -

مشوار خليجي في ضباب «الربيع العربي»

غسان الإمام

هل للدولة الخليجية أن تمارس «حق التدخل» في شؤون العالم العربي؟ ولماذا لا؟ مارست الدولة القومية التدخل في شؤون الدول العربية جميعا: ابتكر جمال عبد الناصر دبلوماسية التدخل الشعبية. تدخل عفلق. صدام. الأسد، في شؤون العرب، عبر «القيادة القومية»، وعبر منطق «شؤون العرب للعرب». رفعت جامعة الدول العربية شعار «التضامن» ضد شعار «التدخل». لكن الجامعة ذاتها كانت أداة وقناة لتدخل العرب في العرب، منذ جامعة الباشا عزام وحسونة، إلى جامعة نبيل العربي. وسواء كان هذا التدخل نبيلا. أو كارثة، فلم يصل العرب، بعد، إلى مستوى الاتحاد الأوروبي، في تجنب التدخل الأمني والمخابراتي، والاكتفاء بالتدخل من خلال «التفاهم» المشترك، في غرف الحوار، وقمم القرار. الطارئ الجديد هو أن الدولة الخليجية التي كانت تستخدم الدبلوماسية الهامة، في التعامل والتفاهم، مع الدول العربية، انتقلت إلى التدخل المباشر، في شؤون العالم العربي. وهو أمر بديهي فرضه صعود الدور السياسي والمادي للدولة الخليجية، في مقابل انكفاء وتراجع الدور المصري، والمشرقي (العراق. سوريا. الأردن. لبنان). بعض العرب يتجاهل هذا الصعود الخليجي. فما زال الصحافي هيكل يعيش في وهم تصفية الحساب مع الدولة الخليجية. أما بشار، في تجاهله التام لمصالح ونفوذ الدولة الخليجية، فقد وضع نفسه متعمدا في خدمة الدور الإيراني، فيما كان أبوه أكثر ذكاء. ومراعاة للدور الخليجي. هل هناك «حلف سنّي جديد» في المنطقة العربية؟ يتحدث بعض مساعدي الرئيس الأميركي أوباما إلى «نيويورك تايمز»، قائلين إن أميركا اعتمدت الحلف في تفجير الانتفاضة العربية، ضد النظام الجمهوري القديم؟ ومن دون أي تحديد واضح، يُدرج هؤلاء المساعدون في «عضوية» الحلف الجديد: مصر. تونس. تركيا. قطر. لا أعتقد أن هناك حلفا سنيا جديدا ضد حلف سني قديم. فالدولة الخليجية هي. هي، في التنسيق مع إدارة أوباما في تحريك الانتفاضة العربية. ينطبق ذلك، أولا، على الدولة القطرية. والإمارات العربية المتحدة ثانيا. مع تحفظ سعودي ملحوظ، يأخذ طابعا استقلاليا، في التعامل مع الانتفاضات. إذا كان من جديد سنيا، فهو الدور التركي. تركيا أردوغان لعبت وتلعب، بحكم الجغرافيا، دورا فاعلا في تحريك الثورة السورية، وذلك بتنسيق كبير مع أميركا. وقطر، لإسقاط النظام السوري المتوكل على إيران. إذا كان من جديد أيضا، فهو الدور المصري. النظام الإخواني الذي تشكل، في رحم أميركي/ قطري، سجل نجاحا في تحييد حماس غزة، وعقد هدنة بينها وبين إسرائيل. وقد أرسل وفدا إخوانيا إلى واشنطن، ربما لإقناعها بالسماح للنظام، «بسحق» المعارضة الليبرالية التي حركت الشارع الشعبي ضد الرئيس مرسي. دليلي على عدم وجود «حلف سني جديد»، هو الأزمة الصامتة بين إدارة أوباما وقطر ذاتها. «نيويورك تايمز» التي بشرت بهذا الحلف، عادت بعد أيام قليلة، لتكشف النقاب، عن العتب الأميركي على قطر. لماذا؟ هنا، يتهم مساعدو أوباما قطر بتسليح خلايا وتنظيمات في «الإسلام الجهادي» و«القاعدي»، في ليبيا. سوريا. ويقولون إن السلاح القطري تسرب، عبر ليبيا، إلى «القاعديين» في «المغرب الإسلامي» الذين استولوا على شمال مالي مع الطوارق، وأقاموا نظاما «طالبانيا» متزمتا هناك. ولعل هذا «الزعل» الأميركي من قطر، هو السبب في تلكؤ أميركا، في تبادل «الاعتراف» الدبلوماسي، مع الائتلاف السوري المعارض الذي جرى «تركيبه» في الدوحة القطرية في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بمباركة أميركية ومشاركة إخوانية سورية. بعد تشكيله، اكتفت أميركا بأخذ «العلم والخبر». وقالت إنها لن تسلح المعارضة السورية المسلحة، كي لا يصل السلاح، إلى التنظيمات «الجهادية. والقاعدية» في الداخل السوري. غير أن هذا «الدَلَع» الأميركي المتردد، قد ينحسم ربما، أمام متغيرين اثنين: نجاح المغرب «الذي يبدو أنه ينسق أكثر فأكثر مع الدولة الخليجية» في تشكيل حكومة انتقالية سورية، خلال مؤتمر الائتلاف المعارض، مع «أصدقاء سوريا»، إذا لم يتأجل عقده غدا (الأربعاء) في الربوع المغربية. أما المتغير الثاني والأهم، فهو احتمال إقدام النظام السوري، على استخدام السلاح الكيماوي ضد شعبه، أو جيرانه، الأمر الذي قد يستدعي تدخلا عسكريا دوليا تقوده أميركا. وبالتالي فهي مضطرة إلى الاعتراف بالائتلاف، أو بدولته الانتقالية التي يتعيَّن عليها الانتقال السريع إلى سوريا، لملء الفراغ الذي سوف يحدثه انهيار النظام السوري تحت المطرقة الدولية. أتوقف عند هذه الاحتمالات الطارئة، لأعود إلى المشوار الخليجي، في ضباب «الربيع العربي»، فأسأل: لماذا امتزج الضباب بالدخان؟ لماذا تواجه الدولة الخليجية، وبالذات الدولة القطرية الشابة، هذا التعثر السريع لنظام الإسلام السياسي الذي شاركت، مع أميركا، في إقامته في بلدان «الربيع العربي»؟ أقول إن المشروع السياسي الخارجي، لأية دولة، يفرض الاعتماد على أكثر من «ورقة» واحدة. قطر في نزهتها الربيعية راهنت على ورقة واحدة. اختارت فقط ورقة الإسلام السياسي الشبيه بالإسلام الإخواني. فشل الإسلام السياسي. أو الإخواني، غير المتوقع بهذه السرعة، أمر مذهل حقا. أُحرقت مقار الإخوان في مصر، بما فيها مقر مكتب الإرشاد. ارتكب راشد الغنوشي خطأ إنزال ميليشياته للصدام مع الفيدرالية النقابية الليبرالية في تونس التي لها تاريخ في النضال ضد الاستعمار. وضد النظام الاستغلالي القهري. وغدا في سوريا، حيث يتهاوى نظام أخرق ذبح شعبه، فسوف يواجه الإسلام الإخواني و«الجهادي» مأزقا حادا. سوريا غير العراق. المجتمع السوري محافظ. لكنه مطل على بحر متوسطي متسامح. المجتمع السوري لن يقبل بالتضييق على حرياته التي دفع ثمنا غاليا لاستعادتها. أو بعمليات انتحارية «قاعدية» لتهجير. أو إبادة أقلياته. وإقامة نظام «طالباني» متزمت. ما العمل إذن؟ هل بالإمكان عقد مؤتمر في الخليج للحوار. للتوسط. وللمصالحة، مع قوى الانتفاضة الليبرالية، وبينها وبين قوى الإسلام السياسي والإخواني؟ ليست كل مؤتمرات الحوار التي عقدت في الدوحة القطرية كانت ناجحة. فقد أوصل أحدها «حزب الله» إلى السلطة في لبنان، عبر الحكومة الميقاتية. لذلك، ربما كان عقد هذا المؤتمر في السعودية هو الأنسب، وإذا رأت القيادة السياسية هناك أملا كبيرا في نجاحه. على أن يتعهد قادة الانتفاضة الجديدة، بإبعاد عناصر الشغب المسيئة للتحرك الشعبي. هذا المؤتمر يمكن أن يكون إلزاميا. كما كان مؤتمر الطائف بشأن لبنان، أي أن تتخلى القوى الإسلامية والإخوانية الحاكمة عن «أسلمة» المجتمع بالتدريج. أو بالفرض بالإكراه، للقضاء على كل ما هو ليبرالي في الثقافة. والسياسة. ثم الكف عن فرض دساتير منقوصة. غامضة. ومتناقضة، عبر استفتاءات صورية. وعدم حقن الرئيس بالتعاويذ والفرمانات لحمايته من القضاء. ثم أخيرا، إقناع مشايخ ومرشدي نظام الإسلام السياسي بأن ممارستهم القصيرة للحكم لا تخولهم الاعتقاد بأنهم أتقنوا التجربة. وامتلكوا الخبرة، في التعامل مع المعارضة. السياسة. المجتمع. والإنسان المدني العادي. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشوار خليجي في ضباب «الربيع العربي» مشوار خليجي في ضباب «الربيع العربي»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab