إشكالية الكاتب مع العلاقات العربية المتوترة

إشكالية الكاتب مع العلاقات العربية المتوترة

إشكالية الكاتب مع العلاقات العربية المتوترة

 العرب اليوم -

إشكالية الكاتب مع العلاقات العربية المتوترة

بقلم : غسان الإمام

قبل أن أستغرق في موضوع اليوم، أود القول إن الأستاذ الباحث يعقوب يوسف الإبراهيم أفادني بأن الفريق عزيز المصري الذي تحدثت عنه في الثلاثاء الفائت، هو في الأصل من أسرة مهاجرة من البصرة إلى القفقاس في القرن الثامن عشر. ليس في معلوماتي ما يؤكد ذلك. لكن إذا كان صحيحاً ما يقول الأستاذ الإبراهيم، فيكون له فضل السبق في «تعريب» الفريق المصري.

أما الخلاف حول مَنْ المسؤول بين باشوات حزب «الاتحاد والترقي» عن نفي الفارس الجليل إلى مصر، فلا يعنيني في شيء. والمهم عندي أن الفريق عزيز المصري نصح جمال عبد الناصر ورفاقه الضباط الأحرار، بتبني عروبة مصر. والإيمان بالوحدة القومية العربية، كطريق لخلاص العرب من توجهات أضيق، كالطائفية. والمذهبية. والفارسية. والعنصرية. و«الإخوانية». و«الداعشية». و«القاعدية»... التي باتت اليوم تهدد عروبتهم. وكيانهم. ووجودهم. ودورهم الذي يجب أن يكون إنسانياً وحضارياً.

أترك للأستاذ الفاضل الإبراهيم والمؤرخين العرب فضل التنقيب في التاريخ العربي الحديث والقديم. فأنا مجرد كاتب صحافي يقف، أحياناً، كشاهد عيان، عند محطات في هذا التاريخ، لتعريف الأجيال العربية المتعاقبة بما جهلت به. فقد ساهمت الأنظمة في شطب تاريخ وأداء بعضها بعضاً.

ولعل القارئ المتابع لما ينشر في صفحات «الرأي» قد لاحظ أني ابتعدت منذ أسابيع عن التعليق على الأحداث والحاليات العربية الساخنة، ليس عجزاً عن متابعتها، أو إغفالاً لما قد ينجم عنها من تطورات ومفاجآت أكثر سخونة وخطراً، إنما لأتجنب الحساسية الإعلامية المتزايدة لدى بعض الأنظمة، إزاء ما يكتبه الكتّاب والمعلقون.

بعض هؤلاء الكتّاب - وأنا منهم - يلتزمون سياسات ومواقف الصحف التي يعملون فيها. فهم يرون فيها المواقف الأنسب لخدمة العرب ومصالحهم وقضاياهم. لكنهم يعتقدون أن بالإمكان الافتراق قليلاً عنها في أسلوب عرض وتقديم آرائهم.

لماذا أرى هذا الافتراق الضئيل ضرورياً؟ لأن الإعلام المباشر لم يعد مناسباً لخدمة السياسات العربية. فقد باتت التعليقات الصحافية والتحليلات السياسية، مطابقة تماماً للتصريحات والبيانات الرسمية!

هذا التطابق التام لم يعد مقنعاً للقارئ العربي المتردد. فهو اليوم أكثر وعياً. وأشد انتباهاً للمواقف الرسمية المتناقضة. وإذا لم يجد الكاتب الملتزم الذي يقدم له رأياً مختلفاً من حيث تقنية العرض والأسلوب، فهو يتحول إلى صحيفة أخرى أكثر تحرراً من القيود. أو يغرق بمتعة التسلية المتوفرة في التلفزيون. والفيديو. ومواقع الوصال الاجتماعي التي تقدم له شرذمة من الآراء السامة المضادة لمصلحة الرأي العربي العام.

كنت من بين الصحافيين والكتّاب الذين كتبوا وانتقدوا ما أقدم عليه صدام وهو في ذروة قوته. ليس لأني أعمل في «الشرق الأوسط»، لكن لإيماني بأن الوحدة لا يمكن فرضها بالقوة. والغدر. ونقض العهد والوعد الذي بذله صدام للعرب. ولعرب الخليج بالذات، بعدم الغدر بهم، قبل أن يقدم على شن حربه ضد إيران في عام 1980.

عملت في «الشرق الأوسط» منذ 28 عاماً كاتباً مواظباً، مع ذلك لم يحدث أن تسببت بمشكلة للصحيفة مع أية دولة عربية. بل لم يسبق لي أن زرت مكاتبها في لندن. ولم أعرف إلى الآن أحداً من الزملاء العاملين فيها.

مع انطفاء الصحافة اللبنانية المستقلة، تبدو إشكالية سائر «الصحافات» العربية في الدعم الرسمي المتزايد لتمويلها. وبالتالي تأثرت حريتها بحرص المسؤول السياسي على عدم توريط الصحف له بمشكلات وأزمات مع أي دولة عربية أو أي دولة أجنبية كبرى، لا سيما في هذه المرحلة السياسية المتوترة التي تجتازها العلاقات العربية والإقليمية.

وكلما ازدادت هذه العلاقات توتراً وخطراً، فقدت الصحافة شبه الرسمية والحكومية جانباً متزايداً من قدرتها على الحركة. وتناول القضايا العربية الشائكة والمتشابكة بحرية أوسع. وعلى سبيل المثال، اضطرت الصحيفة التي كنت أعمل فيها إلى حجب الزاوية الناقدة والساخرة التي كنت أقدمها أسبوعياً. ولم يعد رسام الكاريكاتير العربي فيها قادراً على رسم الشخصيات السياسية والعامة، لأنها أصبحت أكثر تعالياً. وأشد إمساكاً بالسلطات والصلاحيات بقبضاتها. وأوسع جرأة على التهديد. والاحتجاج. وإثارة الأزمات، ضد أي نقد أو دُعابة توجهها أية صحيفة في دولة شقيقة قريبة أو بعيدة.

ثمة أنظمة رأت حلاً وسطاً لتدخل المسؤول السياسي مباشرةً في الصحف التي تصدرها وتمولها، وذلك بتكليف شخصيات سياسية أو إعلامية. أو هيئات تحرير، لتتحمل مسؤولية النشر، من دون رقابة صارمة على الإعلام.

لا أدري إذا كان هذا الحل الوسط سينجح في تجنب الحذف. والشطب. والتعديل في النص. والتدخل في أسلوب الكاتب، لتغيير مفرداته التي ألف استخدامها، منذ عشرات السنين.

أكرر الشكر للأستاذ الإبراهيم، في حرصه على تعريب الفريق عزيز المصري. وآمل أن تنشر «الشرق الأوسط» تفاصيل بحثه عن الأصول العربية لهذه الشخصية الفريدة المناضلة. وخلافه مع باشوات «الاتحاد والترقي» الذين حاولوا تتريك العرب واللغة العربية.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

arabstoday

GMT 00:57 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الـ«روبوت» ينافس الصين في هذا القرن

GMT 05:21 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السلطة والإدارة والتنمية

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

GMT 06:22 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شخصيات وراثية

GMT 06:14 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رؤية للمستقبل من خلال الحاضر العربي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشكالية الكاتب مع العلاقات العربية المتوترة إشكالية الكاتب مع العلاقات العربية المتوترة



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:27 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني
 العرب اليوم - ترامب يطالب بإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني

GMT 07:45 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل
 العرب اليوم - حزب الله يطلق صواريخ من لبنان ويصيب 19 شخصًا في وسط إسرائيل

GMT 10:43 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية
 العرب اليوم - ميس حمدان تتحدث عن تطور السينما السعودية

GMT 03:26 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 12:54 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان

GMT 17:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تكشف عن طريقة خروجها من الكآبة

GMT 03:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن إسقاط طائرة مسيرة قادمة من لبنان

GMT 00:13 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرة مجهولة المصدر تسقط في الأراضي الأردنية

GMT 00:06 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية جديدة على النبطية في لبنان

GMT 02:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158

GMT 03:40 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يتبرع بمليون يورو لضحايا إعصار دانا في إسبانيا

GMT 01:37 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية

GMT 03:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 08:15 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يكشف سبب حذف أغانيه

GMT 20:15 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

انتخاب محمود المشهداني رئيسا للبرلمان العراقي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab