استعلاء واستجداء بلا كبرياء

استعلاء واستجداء بلا كبرياء

استعلاء واستجداء بلا كبرياء

 العرب اليوم -

استعلاء واستجداء بلا كبرياء

غسان الإمام

كنت أَوَدُّ أن أصدِّق خطاب «الاستجداء» الذي قدم به الرئيس الإيراني حسن روحاني نفسه إلى أميركا والعالم، لولا خطاب «الاستعلاء» الذي أطل به حسن نصر الله على شاشة مسرحه التلفزيوني المنصوب في عاصمة دويلته في الضاحية الجنوبية لبيروت. ازدواجية التناوب على الاستجداء والاستعلاء طبعت استراتيجية النظام الديني الإيراني، في التعامل مع العرب والعالم منذ 34 سنة. وهي السبب في تصنيف إيران كدولة مارقة، كإسرائيل التي لا تلتزم هي أيضا بالقانون الدولي. وإيران ندٌّ لها في زلزلة الأمن. والاستقرار، في المنطقة العربية. صرفت أميركا الشاه من الخدمة (1979). واستقدمت الخميني اللاجئ إلى أوروبا. فأعدم رموز الجناح الأميركي في نظامه. وأمر أتباعه باجتياح السفارة الأميركية. والإقامة فيها 444 يوما. ثم اشتبك في حرب عبثية مع الدولة المارقة التي أقامها بعث صدام في العراق. أخفقت «قادسية صدام» في غزو إيران. فعلق الخميني مفتاح القدس البلاستيكي الذي صنعته له شركة بريطانية، في أعناق أجيال شابّة إيرانية. ودفعها إلى اجتياح العراق، مدعيا أنها في الطريق إلى «تحرير» القدس، فمات مئات ألوف الإيرانيين والعراقيين، على الأسلاك الشائكة في ميادين القتال. لا قيمة للإنسان في هذين العالمين العربي والإسلامي! تجرع الخميني «السم» عندما أقنعه الداهية رفسنجاني بأنه خسر الحرب. فتوفي فور انتهائها. من يومها أصبح رفسنجاني رئيس «هيئة تشخيص مصلحة إيران». لكن سياسة الاستعلاء على العرب الموروثة من الشاه، ظلت مستمرة من خلال حكومة حسين موسوي المحتجز منذ سنين في منزله، هو وزميله مهدي كَرُّوبي، بعدما أيقنا أن سياسة الاستعلاء أتلفت إيران. بعد موسوي، استنجد خامنئي وكيل «غودو» المنتظر، برفسنجاني، فَرَأَّسَهُ ليصلح ما أتلفه استعلاء الخميني. ثم سمح خامنئي لجناح الاعتدال بالإتيان بمحمد خاتمي رئيسا. فبشَّر العرب والعالم بسلام الحضارات والأديان، بعدما أشاع المستشرقان برنارد لويس وصموئيل هانتينغتون حكاية صراع الحضارات والثقافات. مع التناوب على ثنائية الاستعلاء والاستجداء، استقدم خامنئي محمود أحمدي نجاد. فبشَّر نجاد الإيرانيين الفقراء بنعيم الدولة الدينية. وأعاد إيران إلى «خانة» الدولة المارقة مرة أخرى. لم يطلق نجاد رصاصة على إسرائيل. إنما «اخترع» مبدأ الممانعة للمزايدة والاستعلاء على العرب، مستفيدا من سذاجة دابليو بوش، في بيع إيران عروبة العراق. فاخترقت إيران المشرق العربي، من خلال استئجار نظام بشار في سوريا. وإقامة دويلة طائفية مسلحة في لبنان. استعاد خامنئي سلطته من الجناح الميليشيوي (الحرس الثوري وفيلق القدس). و«أعلن» على الغرب سياسة الاستجداء. رسم ابتسامة شاحبة على وجه حسن روحاني. ورفَّعه إلى رتبة رئيس. وكلفه ممارسة سحر أميركا وأوروبا، مستجديا إلغاء العقوبات التي أفلست إيران. ومنعتها من مواصلة صنع قنبلتها النووية، وتمويل حرب بشار على مجتمعه وأمته. سلفا، أعلن روحاني تخصيب اليورانيوم خطا أحمر. ونظام بشار خطا أحمر. واختراق إيران للمشرق العربي خطا أحمر. وحسن نصر الله ودويلته خطا أحمر. ولم ينس الممانعة فهي أيضا خط أحمر. ثم استغنى عن كبرياء الدولة والنظام. فاعترف بـ«الهولوكوست». وهنأ إسرائيل ويهود أميركا برأس السنة العبرية. واستجدى خامنئي الإفراج عن حفنة من المعتقلين السياسيين، من بين مئات، وربما الألوف الذين ترزح بهم السجون. كل ذلك من أجل إغراء أميركا بالتوصل إلى اتفاق نووي. ثم نزل روحاني إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة. فحوّلها إلى مسرح ميلودرامي، مبالغةً في الاستجداء، بعد المبالغة في الخطوط الحمر للاستعلاء. فرك العالم عيونه، وهو مبهور. ومذهول، بمتابعة المهزلة الدولية المتسارعة: أوباما يستأذن نتنياهو بمفاوضة الساحر روحاني. ويأمر وزير خارجيته جون كيري بفتح مزاد تفاوض حول تصفية المشروع النووي الإيراني. وربما على صفقة تتناول سرا مصير نظام الأسد. ماذا تريد إيران من استجداء أميركا والغرب؟ تريد انتزاع اعتراف بدورها كدولة إقليمية كبرى، لها استعلاؤها على المشرق العربي اليوم. وغدا ربما الهيمنة على الخليج العربي، وعزل دوله عن العالم العربي، فيما يستعجل روحاني ووزير خارجيته ظريف إلغاء العقوبات التي خنقت الاقتصاد. وسببت التضخم. وأشاعت البطالة. لا يصدِّق العالم أذنيه وهو يسمع ما يقول أوباما إن تهديده بشار باستخدام القوة هو الذي أجبر الأخير على التخلي عن السلاح الكيماوي. السوريون الذين رأَوْا أوباما يتراجع عن تأديب بشار. ويعقد اتفاقا ناقصا مع بوتين، لا ينص على تحريم كافة أنواع أسلحة الدمار الشامل. هؤلاء مات منهم أكثر من مائة ألف إنسان (حسب إحصاءات بان كي مون الذي نسي تحويل نظام بشار إلى محكمة الجرائم الدولية) بالصواريخ والمدافع. ومات نحو ألفين فقط بالغاز! ولولا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وسامنتا باور سفيرة أميركا لدى مجلس الأمن، لما أصر أوباما على تضمين الاتفاق نصا ملزما للأسد بالتخلي عن سلاحه الكيماوي، تحت طائلة التهديد بضرب قواته. هناك تشكيك كبير في العالم، وهو يسمع تهديد أوباما باستخدام القوة للدفاع، عن الديمقراطية. وعن حلفاء أميركا في الشرق الأوسط، ضد أي هجوم (إيراني). ثم يضيف أن لأميركا «دورا استثنائيا» في المنطقة لا يمكن لأي دولة «كإيران» القيام به! نتنياهو لم يأخذه «السحر الروحاني» بعد، هو الآن في أميركا لـ«توبيخ» أوباما. ولتذكيره بوعده بعدم السماح لإيران بامتلاك القنبلة. ماذا سيقول أوباما لنتنياهو؟ سيحاول إقناعه بصواب استيعاب إيران بالسياسة والدبلوماسية، بدلا من ضربها. و«بهدلتها» عسكريا. لماذا؟ لأن ضربها، في تقدير مؤيدي أوباما، سيؤدي إلى رد فعل. كقصف إسرائيل بصواريخ حسن نصر الله. أو قصف إيران لقواعد أميركية في الخليج. والقيام بعمليات «إرهابية» ضد الأميركيين والإسرائيليين في العالم. غطى سحر روحاني على تفاصيل وتعقيدات الأزمة السورية. أميركا وعدت بعقد جنيف - 2، لتنفيذ جنيف - 1 الذي ينص على حكومة انتقالية في سوريا. المشكلة أن لا بشار يقبل بحكومة انتقالية تستغني عنه، وتفكك دولته البوليسية. وليست هناك معارضة موحدة قادرة على التفاوض بصوت واحد. من هنا، فالأزمة السورية مرشحة للاستمرار، ربما لسنين، بلونها الأحمر القاني. أعود لحسن نصر الله. فقد أقنعت دويلة الطائفة دولة الطوائف بالقيام بدور «شرطي المرور» في ضاحية بيروت الجنوبية (عاصمة الحزب). الهدف تفرغ الحزب لحربه في سوريا. وتسهيل مرور «جيوش» الشيعة لنجدة بشار. ولإنقاذ ضريح السيدة زينب. ولإخضاع 23 مليون سوري «متمرد» على بشار وإيران. مسكين الرئيس ميشال سليمان! عاد من رحلة «تدويله» بحفنة من الفستق قيمتها 8.7 مليون دولار. قال له أوباما إنها لتسليح جيش لبنان بالطيران. والدبابات. والغواصات، لمواجهة جيشين. جيش إسرائيل. وجيش الطائفة. طالب الرئيس سليمان بإعادة النازحين السوريين إلى «جزر آمنة» داخل بلدهم. فأخذت شهامة النخوة بهمة أوباما. فتبرع بـ74 مليون دولار، لإبقاء 750 «مليون» نازح سوري ضاق بهم لبنان. ميشال سليمان يملك كبرياء رئيس دولة. يرفض التجديد والتمديد. فيترك لنبيه بري. وحسن نصر الله. واللواء عباس إبراهيم شرطي الشيعة، مهمة البحث عن رئيس ماروني للبنان، شرط أن لا يكون ميشال عون حليف إيران. وبشار. وشيعة لبنان. نقلا عن جريدة الشرق الاوسط  

arabstoday

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:27 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 10:16 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استعلاء واستجداء بلا كبرياء استعلاء واستجداء بلا كبرياء



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab