إنّهم يلعبون بالنار في العراق

إنّهم يلعبون بالنار في العراق...

إنّهم يلعبون بالنار في العراق...

 العرب اليوم -

إنّهم يلعبون بالنار في العراق

حازم صاغيّة

يرى باحثون سياسيّون واجتماعيّون أنّ من شروط التوصّل إلى حياة سياسيّة مستقرّة في بلد ما، قيام «طبقة سياسيّين» تنشأ عنها تقاليد تترسّخ مع الزمن ومع المراس. ولهذا فإنّ تبديد مثل هذه الطبقة، أو منع قيامها أصلاً، من الأمور التي لا تتكاسل الأنظمة الديكتاتوريّة والتوتاليتاريّة فيها. هكذا، مثلاً، رأى العراقيّون أنفسهم، مع إطاحة صدّام حسين في 2003، مضطرّين إلى إنشاء طبقة سياسيّة بشروط صعبة جدّاً. ذاك أنّه في ظلّ الحرمان المديد من السياسة، والذي يرجع إلى عقود، جيء بالسياسيّين الجدد من المنافي ومن أوكار العمل السرّيّ. هؤلاء لم يقدّموا نموذجاً ناصعاً عن السياسة وطبقتها المرجوّة. لكنّ ما يحصل الآن في بغداد يرقى إلى تبديد هذا القليل السيّئ الذي سبق أن تحقّق على صعيد إنتاج «الطبقة السياسيّة». وقد كان المؤمّل أن تمهّد رعاية السياسيّين إلى تحسين نسلهم، إن صحّ التعبير، بمعنى أن تستقرّ الأحوال وتتطوّر اللعبة البرلمانيّة فيؤتى في الغد بسياسيّين أفضل، وهكذا دواليك مع الزمن. لكنّ الاتّهامات بالإرهاب التي طالت نائب رئيس الجمهوريّة طارق الهاشمي، وتطال الآن وزير المال والقياديّ «المعتدل» في القائمة «العراقيّة» رافع العيساوي، لا تندرج إلاّ في باب يدعو إلى التشاؤم. وهذا مُقلق للغاية، خصوصاً حين يتضافر التشنّج مع تلوّن هذه الإجراءات الاتّهاميّة بلون طائفيّ معيّن، سنّيّ تحديداً. ففضلاً عن سنّيّة السياسيّين المستهدَفين، جاءت تظاهرات الاحتجاج المستنكرة في الأنبار وسامرّاء والفلّوجة، لا سيّما في الأولى حيث يتحوّل الاعتصام إلى انتفاض، تؤكّد على تضامن ذي طبيعة طائفيّة واضحة. وإذ بدأ مطلب إقامة الدولة السنّيّة في غرب العراق يشقّ طريقه، صبّت في المنحى نفسه البيانات والمواقف التي صدرت عن هيئات دينيّة سنّيّة كالمفتي الشيخ رافع العاني، وعن قيادات سياسيّة كأسامة النجيفي وصالح المطلك. وهذا فضلاً عن تهديد ائتلاف «العراقيّة» بالانسحاب من العمليّة السياسيّة برمّتها. إنّ في هذا الوضع، وفي السلوك الذي تسبّب به، لعباً بالنار، خصوصاً أنّ العلاقات ليست على ما يرام بين بغداد وأربيل أصلاً، فيما مرض رئيس الجمهوريّة جلال طالباني يزيل أحد صمّامات الأمان، على نسبيّتها الشديدة، في علاقات الجماعات والطوائف والإثنيّات العراقيّة. وهذا من غير أن نشير إلى الأجواء السنّيّة – الشيعيّة المحتقنة في المنطقة الأعرض، أي في الرقعة الممتدّة من باكستان إلى لبنان، ومن البحرين إلى سوريّة. وهو ما كان ليستدعي جهداً عراقيّاً خاصّاً واستثنائيّاً في وجهة تأتي عكس الوجهة المبذولة. وحين نسمع سياسيّاً كرئيس الحكومة التركيّة رجب طيّب أردوغان وهو يحذّر من أنّ العراق «قد يصبح مثل سوريّة»، فهذا سبب إضافيّ للقلق، بغضّ النظر عن نوايا أردوغان. والحال أنّ الخروج من الحالة المقلقة هذه لا يكون بنفي الطائفيّة عن النفس، على ما يفعل المالكي، ولا باتّهام الآخرين بأنّهم هم وحدهم الطائفيّون. ذاك أنّ القتل التدريجيّ للسياسة، والتبديد المتصاعد للطبقة السياسيّة، هما أقصر الطرق إلى تطييف كلّ شيء وترك الطوائف المحتقنة تتحكّم بكلّ ما يقع تحت يدها. وهذا للأسف ما يحصل الآن في بلاد الرافدين. نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنّهم يلعبون بالنار في العراق إنّهم يلعبون بالنار في العراق



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab