العنصرية وذاك اليأس البعيد

العنصرية وذاك اليأس البعيد

العنصرية وذاك اليأس البعيد

 العرب اليوم -

العنصرية وذاك اليأس البعيد

حازم صاغية

مع تتالي الثورات العربية انطلاقاً من تونس، تسرّع البعض مستنتجين انبعاث عروبة، أو وحدوية عربية ما. وإذا كان مفهوماً الكلام على قضايا وهموم مشتركة بين بلدان العالم العربي (علماً بأن ثلاثة أرباع تلك البلدان لم تشهد ثورات)، بقي استنتاج الانبعاث العروبي غير مفهوم. ذاك أن أوروبا، مثلاً، تزامنت ثوراتها التي اندلعت في 1848 فانفجرت في فرنسا لتمتد منها إلى إمارات ألمانيا وإيطاليا، وتتجه شرقاً إلى بولندا وشمالاً إلى الدانمرك، من دون أن يعني ذاك التزامن أي انبعاث وحدوي أوروبي. على العكس تماماً، فإن تزامن الثورات الكثيرة في وسط أوروبا وشرقها إبان 1989 – 1991، كان تمهيداً لكسر تلك الدرجة القائمة من الوحدوية كما عبرت عنها الروابط السوفياتية الأمنية والعسكرية والاقتصادية. لقد ساروا معاً من أجل أن يفترقوا. يقال هذا الكلام وفي البال الممارسات العنصرية التي سُجلت في مصر مؤخراً ضد السوريين والفلسطينيين، والتي هي في الحقيقة تكرار لما سبق أن فعله كل واحد من الشعوب العربية بشعب آخر في ظل الاتفاق اللفظي حول العروبة والأخوة. بيد أن الذين سارعوا إلى اكتشاف الأفق العربي الجامع للثورات لا بد أن يكونوا الأكثر عجزاً عن فهم «الانتكاسة» العنصرية في ما بين عرب وعرب ظُن أنهم يتجهون إلى شيء من الوحدة! بطبيعة الحال تكشف المجتمعات، في الخضات الكبيرة التي تعيشها، عن كل ما تحتويه في الطبقات غير المرئية منها. وفعلاً جاءت الثورات تنم إلى الطلب الكبير على الحرية والخبز والكرامة الإنسانية بقدر ما تنم عن عمق التدين شبه السحري وعن العصبيات الأهلية المكبوتة والمعتملة. هكذا تجاورت الرغبة في تحصيل الفرد كرامته مع الرغبة في تحصيل المؤمن كرامة الدين وفي تحصيل ابن الطائفة والعائلة والعشيرة كرامة هذه التراكيب الاجتماعية. ولما كانت العنصرية، في معظم تجاربنا، تنهل من مياه التكسر الأهلي، باتت المهمة المطروحة على شعوبنا ونُخبنا مركبة: كيف تُكافَح العنصرية فيما تُبنى الأوطان والمجتمعات على نحو لا يوحده القسر المركزي وحده؟ وغني عن القول إن هذه مسألة لا علاقة لها بالانبعاث العروبي إلا بالمعنى الضدي للكلمة، أي بوصف الانبعاث المزعوم تلويحاً بالقسر في بناء المجتمعات وإنزالاً للضعف في هذه المجتمعات إياها. والواقع أن ذاك المشهد العنصري القبيح كما رأيناه في القاهرة يعيد علينا طرح المشكلة التي انفجرت مع ثورات «الربيع العربي»، والتي يبدو أن تلك الثورات لا تزال تقف أمامها خرساء بكماء. فقد لا يكون من المبالغة أن يقال إن كل النوازع الإيديولوجية الحديثة، يمينية كانت أم يسارية، تبقى أقرب إلى أمزجة شخصية ما لم تُحل مسألة الدولة والمجتمع عبر تسويات تاريخية صلبة. حتى الليبرالية، وهي في تعريف عام وعريض لها، إضعاف للدولة وتوسيع لحدود الحرية، مدعوة لأن تتضمن لحظة تقوية الدولة، الديموقراطية طبعاً، قبل أن تكون جديرة بزعمها الليبرالي. وحين تطالعنا المشاهد العربية الثورية بـ «ليبراليين» و «يساريين»، جنباً إلى جنب العسكر، وجنباً إلى جنب التصدعات الأهلية وتفشي الممارسات العنصرية، فهذا على عمومه مدعاة يأس بعيد بالواقع وبالأفكار في وقت واحد! نقلاً عن "الحياة"

arabstoday

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إيران بدأت تشعر لاول مرة بأن ورقة لبنان بدأت تفلت من يدها

GMT 05:20 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الكتابة في كابوس

GMT 05:18 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان ليس «حزب الله»... وفلسطين ليست «حماس»!

GMT 05:17 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

جرائم حوادث السير في شوارعنا

GMT 05:15 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

نعم... وقت القرارات المؤلمة

GMT 05:14 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

حماية لبنان ليست في «القوّة»... أيّة «قوّة»

GMT 05:13 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مرّة أخرى... الحنين للملكية في ليبيا وغيرها

GMT 05:10 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل السنوار... هل يوقف الدمار؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العنصرية وذاك اليأس البعيد العنصرية وذاك اليأس البعيد



هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:56 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
 العرب اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 13:10 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
 العرب اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 13:17 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
 العرب اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 07:45 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

آثار التدخين تظل في عظام الشخص حتى بعد موته بـ 100 سنة

GMT 07:21 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

وقف إطلاق النار... سباق مع الوقت

GMT 23:03 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

حريق كبير في قسم الغاز بمصفاة حمص في سوريا

GMT 01:28 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مستشفى في شمال غزة تطالب بفتح ممر إنساني عاجل لإدخال الطعام

GMT 09:39 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

"طيران الإمارات" تطلب شراء 5 طائرات شحن من "بوينغ"

GMT 19:37 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

برشلونة يعرض 42 مليون يورو لضم ألكسندر أرنولد

GMT 19:45 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رجب يعود للسينما بعد غياب 6 سنوات

GMT 05:55 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إيقاف لاعب إيراني 6 أشهر بسبب وشم "شيطاني"

GMT 06:48 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة رجل الدين المقيم في أميركا فتح الله غولن
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab