سليماني وإغراء «الحشد الشعبيّ»

سليماني وإغراء «الحشد الشعبيّ»

سليماني وإغراء «الحشد الشعبيّ»

 العرب اليوم -

سليماني وإغراء «الحشد الشعبيّ»

حازم صاغية

ظهرت دعوات جدّيّة في لبنان، في بيئة «حزب الله»، إلى تعميم «الحشد الشعبيّ» عربيّاً. ويبدو أنّ ثمّة من أوحى بهذه الدعوات من خارج لبنان، وأرفقها بحشد الميليشيات الألفيّة المصحوبة بجنود إيرانيّين حول شمال سوريّة الغربيّ، والهدف تكرار ما حصل في تكريت العراقيّة في أدلب السوريّة وجوارها. وطبعاً فالجنرال جْيَاب الإيرانيّ، قاسم سليماني، موجود هنا وهناك وهنالك، يعد بـ «المفاجآت الكبرى» حيث يحلّ.

ما من شكّ في أنّ تمجيد «الحشد الشعبيّ» مُغرٍ. فهو يحاكي الغلبة التي تفرضها الميليشيات على الجيوش ويتوّجها. وفي غلبة صريحة كهذه غلبةٌ مبطّنة على الدول والأوطان نفسها. وفعلاً تبدّى الجيش العراقيّ تفاهةً محضة بقياس «داعش» كما بقياس «الحشد»، وبدا حوثيّو اليمن قوّة قاهرة فيما الجيش السوريّ يستجدي دعم الميليشيات اللبنانيّة والعراقيّة. أمّا في لبنان، فالجيش الأوّل بلا منازع، ومنذ عقود، هو «حزب الله». وليست ليبيا، في اختلاط أحوالها، أقلّ استعراضاً لمتانة الميليشيات وصعوبات الجيوش.

ويصعب، في النهاية، أن تكون هناك ميليشيات «جيّدة». فالولايات المتّحدة ذاتها ورثت عن تركتها الميليشياويّة تقليد اقتناء السلاح، المعيق لاحتكار الدولة وسائل العنف، وهذا علماً أنّ ميليشياتٍ هي التي خاضت حرب الاستقلال في أميركا عن إنكلترا، وميليشياتٍ هي التي قاتلت ملاّك العبيد في الجنوب الأميركيّ، ومن ثمّ وحّدت البلد بعد حربه الأهليّة. فكيف الحال مع تجربة كتجربة «حماس»، وهي الميليشيا التي فصلت قطاع غزّة عن الضفّة الغربيّة وأضعفت مفهوم الوطن الفلسطينيّ الضعيف أصلاً. وما يقال في «حماس»، لجهة انعدام الفضائل، يقال في بقية ميليشياتنا التي قطّعت أوصال بلدانها، أو توالي تقطيعها، كما أقامت بين جماعاتها أنظمة صارمة في مراتبيّتها وغنيّة في معازلها.

وهذا كلّه يخاطب بالتأكيد نوازع قديمة، طالما عاشت ضامرة، ضدّ الدولة فكراً وواقعاً، مثلما يخاطب نوازع أخرى تُحلّ الغلبة العصبيّة لجماعة على جماعة محلّ التعايش التوافقيّ بينهما. ومفهومٌ أن تقوى نوازع كهذه في ظلّ دول مختلّة البناء كدولنا، وتعايش كاذب كتعايشنا.

والواقع أنّ للتحلّل دائماً سحره كما أنّ للغلبة سحرها، والمسحور بهما إنّما يجهر برغبته هذه في الظروف التي يظنّها مصيريّة أو ربّما رؤيويّة. فبعد هزيمة حزيران (يونيو) 1967، مثلاً، وهي بدت لنا هزيمة استثنائيّة، ارتفعت في أوساط أقصى اليسار الأصوات القائلة بتسريح الجيوش وباعتماد حروب العصابات وقواها التي تمارس وحدها «التحرير الشعبيّ». وهذا لم يكن يومذاك نطقاً بلسان طائفة دينيّة أو جماعة إثنيّة، لكنّه كان نطقاً بلسان «طائفة» عدميّة لا تمانع في انهيار الدول والأوطان الذي يأتي بنصر في فلسطين. وكان أصحاب هذا القول ممّن يراهنون على إتيان السياسة لا من سياسات بلدانهم وقضاياها، بل من الموضوع الفلسطينيّ - الإسرائيليّ في لحظة كان فيها هذا الموضوع المعادلَ الأوحد للمصير، بل للمعنى.

لكنّ أحد الفوارق بين أولئك وهؤلاء يشبه الفارق بين السذاجة والخبث، أو بين بُعد هوشي منه وتشي غيفارا وماوتسي تونغ، وقُرب قاسم سليماني وإيران وسائر ميليشياتها التي يُفترض بها أن تُغرينا، لا سيّما منها «الحشد الشعبيّ».

وهذه اليوم، وكما كان الشيوعيّون يقولون، «سمة العصر»، حيث يجتمع تفتّتنا الميليشياويّ وعظمة إيران. وفي أمر كهذا شيء من الصلعاء إذ تتباهى بشَعر جارتها، غير مدركةٍ أنّ الشَعر هذا سيطول كثيراً، لأنّ المتباهين به يحضّون على إطالته، وسيمضون في ذلك إلى أن يكمل التفافه حول أعناقهم.

arabstoday

GMT 19:33 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

لا لتعريب الطب

GMT 19:29 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

اللبنانيون واستقبال الجديد

GMT 14:05 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

شاعر الإسلام

GMT 14:02 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 14:00 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 13:56 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين!

GMT 13:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أين مقبرة كليوبترا ومارك أنطوني؟

GMT 13:52 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سليماني وإغراء «الحشد الشعبيّ» سليماني وإغراء «الحشد الشعبيّ»



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب
 العرب اليوم - أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab