فصول جديدة لا فصل واحد

فصول جديدة... لا فصل واحد!

فصول جديدة... لا فصل واحد!

 العرب اليوم -

فصول جديدة لا فصل واحد

حازم صاغية

«فصل جديد» هو التعبير المفتاحيّ اليوم، الذي يتشدّق به الإيرانيّون، ويسايرهم فيه الأميركيّون، لوصف علاقة طهران الجديدة بالغرب، وبالولايات المتّحدة تحديداً. وكمثل الوعود الافتتاحيّة الكبرى، يترافق التطبيل لـ «الفصل الجديد» مع تعهّدات يستدعي تصديقها محو الذاكرة وإحراق الأرشيف معاً. وإلاّ كيف يستقيم التعامل مع إعلان إيران أنّها مكرّسة لمكافحة الإرهاب؟!

لكنّ «الفصل الجديد» هذا لا يحتاج إلى منجّمين كي يلاحظوا أنّ فصولاً أخرى لا تقلّ جدّةً سترافقه وتكمّله.

فهناك فصل جديد ثانٍ هو العلاقة الروسيّة – السوريّة، في موازاة الدور الإيرانيّ المتصاعد وبمواكبته. هكذا يتبدّى بعد نشر الاتّفاق المبرم بين البلدين أنّ موسكو فرضت انتداباً محكماً على دمشق صارت بعده تنازلات عبد الناصر لموسكو أو تنازلات شاه إيران لواشنطن أقرب إلى التشدّد الوطنيّ.

وهناك فصل جديد ثالث يمكن أن نسمّيه تسلّح المنطقة حتّى الأسنان، بل سباق في تسلّحها يستنزف الموارد المتضائلة أصلاً، خصوصاً مع التراجع المتعاظم الذي يضرب سعر السلعة النفطيّة. وما تفعله حرب اليمن، في هذا الإطار، إنّما هو إشارة إلى وجهة قد تشقّ طريقها إلى معظم البلدان، جاعلة الهدوء توتّراً والتوتّرات حروباً.

وهناك فصل جديد رابع يُكتب معظمه في العراق من دون أن يقتصر عليه، وهو أنّ الأطراف السنّيّة الراديكاليّة، ستغدو أكثر سنّيّة وأكثر راديكاليّة. ذاك أنّ شعوراً متنامياً بالمظلوميّة سيعزّزه ما تسمّيه تلك القوى أحلافاً شيطانيّة بين «غرب صليبيّ» و «إيران فارسيّة». وفي سياق كهذا ستندفع جماعات أهليّة متعاظمة إلى تفهّم «داعش» و «النصرة» وأضرابهما، إن لم يكن التطابق معها.

وهناك فصل جديد خامس مؤدّاه أنّ القضيّة الكرديّة ستزداد، في العراق وسوريّة وتركيّا، حضوراً وتوكيداً، وإن كانت الوجهة التي ستسلكها في كلّ بلد عرضة للتضارب مع وجهتها في بلد آخر. وفي المقابل ستزداد القضيّة الفلسطينيّة غياباً وضموراً يوازيهما مزيد من الارتياح الإسرائيليّ إلى الحاضر والمستقبل، كما إلى الحدود والنموذج.

وهناك فصل جديد سادس اسمه موقع الغرب، وأميركا تحديداً، في خريطة الكراهيّة العربيّة. ذاك أنّ روسيا وإيران انتزعتا، أقلّه عند أكثريّات شعوبنا، الصفات الاستعماريّة والإمبرياليّة من الغرب الذي احتكرها طويلاً. وهذا من دون أن يخفّف الكراهيّة للغرب يجعلها نقمةً على عدم التدخّل، بعدما كانت نقمة على التدخّل. فـ «مؤامرة» الحضور الروسيّ – الإيرانيّ اليوم تتكامل مع «مؤامرة» الاحتجاب الغربيّ والأميركيّ والتخلّي عن المنطقة تالياً.

وهناك فصل جديد سابع عنوانه أنّ جبهة الممانعة والمقاومة ستجد نفسها معنيّة بإعادة اختراع ذاتها وتعريفها. فهي برهنت أنّ تعلّقها بإيران يبلغ الحدّ الذي يجعلها تتقبّل أميركا وتطوي نزاعها مع إمبرياليّتها «الشيطانيّة». وهي في حبّها إيران (وروسيا) إنما تقلّد المجتمعات الزراعيّة القديمة في حبّها الشمس، سواء أضاءت أو أحرقت، وفي اعتبارها أنّ المكان الذي تشرق منه مصدر الحياة فيما المكان الذي تغيب فيه مصدر الموت والأفول. أمّا الممانع الذي يأبى العمل بهذا المبدأ فتتكفّل إيران ضبطه على الصراط المستقيم الجديد.

أمّا الجامع بين الفصول هذه فأنّها تعلن التغليب الصريح والكامل للطائفيّ والإثنيّ والأهليّ في عمومه على الوطنيّ والقوميّ والإيديولوجيّ في عمومه. وهذا بذاته يتوّج التراجع البادئ قبل ما يقارب القرن.

arabstoday

GMT 01:19 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

تعوّذ

GMT 02:45 2024 الأحد ,18 شباط / فبراير

أزمة الثقة بالمنظمات الدولية حقيقية

GMT 01:46 2024 السبت ,03 شباط / فبراير

هل يدفع بايدن الثمن؟

GMT 01:57 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مرحباً بك «خواجة» في أساطير البحر!

GMT 23:29 2023 السبت ,13 أيار / مايو

واشنطن... ماذا عن الإنسان؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فصول جديدة لا فصل واحد فصول جديدة لا فصل واحد



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 08:18 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

رسالة من شيرين عبدالوهاب للجمهور بعد زلة اللسان
 العرب اليوم - رسالة من شيرين عبدالوهاب للجمهور بعد زلة اللسان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab