لكنْ ماذا لو بلغنا الأسوأ

لكنْ ماذا لو بلغنا الأسوأ؟

لكنْ ماذا لو بلغنا الأسوأ؟

 العرب اليوم -

لكنْ ماذا لو بلغنا الأسوأ

حازم صاغية

أن يعلن سياسيّ كجون كيري قلقه على وجود أوروبا، وأن يحذّر مثقّف كالمؤرّخ نيال فيرغسون، لدى تناوله أوضاع قارّته، من تجارب إمبراطوريّات الماضي في صعودها وهبوطها، فهذا أمر مقلق. وقد يكون في ذلك قدر من المبالغة، وربّما، عند بعض السياسيّين، قدر من الابتزاز. لكنّ الاستفتاء البريطانيّ على العضويّة في أوروبا، واحتمالات الخروج، وتذمّر بعض ساسة القارّة من وجود معايير مختلفة تجعل الانتساب أكثر شكليّة وهشاشة، كلّها تسمح بافتراض الجدّ أكثر ممّا بافتراض الخفّة أو المبالغة أو الابتزاز أو التخويف. ووضع كهذا، يقع موضوعا اللجوء والإرهاب في قلبه، لا بدّ أن يستخدمه العنصريّون في أوروبا حججاً ضدّ اللاجئين، ولا بدّ أن يترجم نفسه مزيداً من الصعوبات، بل الانتهاكات، التي يتعرّضون لها.

أبعد من ذلك، هناك الرعب الذي تثيره توقّعات بعض المراقبين إذا ما صحّت: إذ ماذا لو مضت أسعار النفط في انهيارها، مخلّفةً آثارها على بلدان مليونيّة لا تُحصى من نيجيريا إلى الجزائر ومن الجزائر إلى روسيا، حيث لم تُطوّر بدائل اقتصاديّة جدّيّة ومنتجة؟ وماذا لو تضامن هذا الانهيار، على ما هي حال ليبيا اليوم، مع انفجار النزاعات الأهليّة على أنواعها؟ وبالتالي، ماذا لو تدفّق ملايين البائسين الجدد على أوروبا؟

قد يقال إنّ سيناريو كهذا رؤيويّ محض لن يتّسع له أيّ واقع. لكنْ من كان سيصدّق في أواسط الثمانينات، ما عدا هيلين كارير دنكوس وأندريه أمالريك وبضعة باحثين وأخصائيّين، أنّ الاتّحاد السوفياتيّ والكتلة الشرقيّة مقبلان، بعد سنوات معدودة، على الانهيار؟

وكمثل انهيار المعسكر الشرقيّ حينذاك، ربّما كنّا نشهد اليوم الفصل الأخير الذي يتوّج الانهيارات المتلاحقة لـ «العالم الثالث». وهو ما قد يقدّم للباحثين والمؤرّخين مناسبات للتمعّن في هذين الانهيارين اللذين يربط بين نشأتهما، بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانية، ثمّ بين استمرارهما، أكثر من رابط. لكنّ حدثاً ملحميّاً كاستكمال انهيار «العالم الثالث» سيكون تأثيره على أوروبا أكبر بلا قياس ممّا كان للحدث الملحميّ الذي سبقه، وهذا ليس فقط لأنّ رقعة الانتشار الجغرافيّ أوسع، أو لأنّ العولمة والتداخل الاقتصاديّ قطعا أشواطاً ضخمة في ربع القرن الذي يفصلنا عن انهيار الكتلة السوفياتيّة، بل أيضاً لأنّ اتّصال بلدان «العالم الثالث» بالسوق الدوليّة أكبر كثيراً من اتّصال الاقتصادات المغلقة وشبه المغلقة للكتلة المذكورة.

وهذا حدث يفيض، في حال حصوله، عمّا هو سياسيّ. فإذا جازت الفرضيّة القائلة إنّ في وسع تدخّل عسكريّ غربيّ مبكر في سوريّة، يزيح بشّار الأسد، أن يحاصر الإرهاب ويحول دون اللجوء الكثيف إلى أوروبا، فالجائز أيضاً أنّ فرضيّة الانهيار الكامل لـ «العالم الثالث» هي ممّا يصعب التدخّل فيه أو التأثير عليه. فهنا يواجهنا نوع من الاستحقاق التاريخيّ الذي تعود أصوله إلى عقود من الحاكميّات والكيفيّات السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة الكارثيّة في «العالم الثالث»، وإن كانت نتائجها تنعكس على معظم المعمورة.

صحيح أنّ بُعد النظر ليس من شيم الساسة الغربيّين اليوم، وتكفي متابعة النقاش الرئاسيّ في الولايات المتّحدة لتبيّن ذلك، وصحيح أيضاً أنّ المجتمعات الغربيّة توغل في أنانيّتها، وتمعن اقتصاداتها في نيوليبراليّةٍ جامحة واستبعاديّة، لا سيّما حيال الأضعف والأفقر، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ المنعطف الحضاريّ الراهن شيء آخر أكبر بلا قياس، شيءٌ يدعو، أو ينبغي أن يدعو، إلى كثير من التمعّن الذي يشمل العرب حكماً.

arabstoday

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

خنادق الآيديولوجيا وأقفاصها

GMT 09:55 2024 الخميس ,11 إبريل / نيسان

السعادة لها أسباب

GMT 01:31 2024 الإثنين ,04 آذار/ مارس

حرب أوكرانيا في عامها الثالث... أيُّ أفق؟

GMT 00:58 2024 الأحد ,03 آذار/ مارس

هل تخضع أوروبا لثورة المزارعين؟

GMT 00:40 2024 السبت ,24 شباط / فبراير

2024... زمن الارتداد الديمقراطي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لكنْ ماذا لو بلغنا الأسوأ لكنْ ماذا لو بلغنا الأسوأ



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab