مصر الانقلاب واحتمالات ما بعده

مصر: الانقلاب واحتمالات ما بعده!

مصر: الانقلاب واحتمالات ما بعده!

 العرب اليوم -

مصر الانقلاب واحتمالات ما بعده

حازم صاغيّة

ليس الاستسهال والتبسيط العلاج المحمود للأزمة المصريّة البالغة التعقيد. فهناك انفجرت المشكلة السياسيّة في ظلّ تصدّع وطنيّ فاقمته الأنظمة العسكريّة المتتالية، قبل أن يضيف الإخوان المسلمون إسهامهم الكبير إليه. هكذا التحمت المشكلة المذكورة بذاك التصدّع حتّى صار واحدهما الوجه الآخر للثاني. وربّما كان التجلّي الأبرز لما نصفه انعدام الوسائط والجسور بين مجتمع الإخوان ومجتمع (مجتمعات؟) باقي المصريّين. وفي نظرة عريضة للتاريخ المصريّ الحديث، كان يمكن التعويل على حزب كحزب الوفد كي يضطلع بالدور هذا. إلاّ أنّ الحكم العسكريّ في طوره الناصريّ التأسيسيّ قضى على احتمال كهذا فوُئد «الوفد» مع وأد الحياة السياسيّة برمّتها. رأب هذا الصدع لا يتمّ بغير الصبر الديموقراطيّ، أو التحمّل الديموقراطيّ على مدى طويل، ومحاولة الانصياع تالياً لإجماعات تتأسّس في موازاة صناعة المناخ السياسيّ الجديد. هنا فوّت الإخوان ورئيسهم المنتخب محمّد مرسي فرصة ثمينة حين أبدوا قدراً هزيلاً جدّاً من التحمّل الديموقراطيّ لشركاء مفترضين في الوطن. لكنّ خصومهم على الضفّة الأخرى أبدوا قدراً أكثر هزالاً حين قادهم نفاد الصبر إلى تفضيل الحلّ العسكريّ والانقلابيّ، خصوصاً أنّ الحكم الإخوانيّ كان يتصدّع بوتيرة يوميّة، وكانت إجراءاته القمعيّة تأتي مرفقة بهزالها وتهافتها وبقدرة مدهشة على السخرية منها (دع جانباً المبالغات عن «توتاليتاريّة» مرسي «الحديديّة»). يترتّب على ما سبق أنّ احتمال السقوط السياسيّ للإخوان كان يلوح وشيكاً، وكان يقترب معه احتمال دخول الإسلام السياسيّ في أفول مديد تتردّد أصداؤه في غير بلد إسلاميّ. هنا جاء الحلّ العسكريّ لينذر بأمور محدّدة بالغة الخطورة: فأوّلاً، تبدّى أنّ الكتلة العريضة المناوئة للإخوان، وعلى رغم الحضور الجماهيريّ المدهش في الميدان، لا تملك، حين يجدّ الجدّ، إلاّ الاستنجاد بالعسكر وتدخّله. لقد جاء ما حدث مصداقاً لقول القائلين إنّ مجتمعاتنا لا تنتج إلاّ الجيش والإسلام السياسيّ، أمّا حاملو الديموقراطيّة فلا يُحسب لهم حساب في اللحظات الحاسمة. وثانياً، تبدّى أنّ الثقافة الديموقراطيّة لا تزال هشّة جدّاً. تكشف عن ذلك الفترة القصيرة (والسحريّة) للانتقال من «يسقط يسقط حكم العسكر» إلى اعتبار ذاك العسكر نفسه المخلّص المرجوّ. وثالثاً، تمّ إنقاذ الإسلام السياسيّ من ورطته عبر إعادة تسليحه بسلاح المظلوميّة. فكيف إذا ذكّرنا بتجربة الجزائر في 1989 وتجربة غزّة في 2006. لقد صار الإخوان أصحاب الشرعيّة الدستوريّة، شئنا أم أبينا. ورابعاً، قد يجوز القول إنّ الانقلاب الأخير أنقذ مصر من مواجهة بين مجتمعيها، لكنْ قد يجوز القول بثقة أكبر أنّه أدخل مصر في مواجهة قد تكون أشدّ حدّة ومرارة يشي بها كلّ ما يصدر عن الإخوان المسلمين والناطقين بلسانهم. وخامساً، وفي معزل عن النيّات الحسنة لدى بعض المهلّلين للانقلاب، ليس هناك وراءنا ما يطمئن إلى أنّ الجيوش تسلّم السلطة هكذا، خصوصاً أنّ الحركة الشعبيّة الباهرة التي رأيناها قبل الانقلاب سوف تخضع للتسريح عاجلاً أو آجلاً. أمّا أن يكون هذا التأويل مخطئاً، فهو ما لا يرجو كاتبه سواه!

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر الانقلاب واحتمالات ما بعده مصر الانقلاب واحتمالات ما بعده



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab