من يوسف زعيّن إلى أكرم الحوراني

من يوسف زعيّن إلى أكرم الحوراني

من يوسف زعيّن إلى أكرم الحوراني

 العرب اليوم -

من يوسف زعيّن إلى أكرم الحوراني

حازم صاغية

في نعيه يوسف زعيّن، رئيس الحكومة السوريّة أواخر الستينات الذي توفّي الأسبوع الماضي في السويد، لاحظ الزميل ابراهيم حميدي («الحياة»، عدد الثلثاء الماضي) عدداً من التناقضات بين ما أراده ونواه وبين ما انتهى إليه واقع الحال في سوريّة. فهو، مثلاً، تحمّس للوحدة مع العراق، إن لم يكن للوحدة العربيّة، وانتهى بلده نفسه ممزّقاً بين سلطات متضاربة عدّة. وبطريقته، أراد أن ينتصر لمصلحة الفئات الاجتماعيّة الأضعف والأكثر بؤساً، إلاّ أنّ هذه الفئات نفسها ذاقت الأمرّين على مدى العقود الماضية، قبل أن تودي بها الحرب الأهليّة إلى مآسي الاقتلاع واللجوء.

ومسافة كهذه بين الرغبات والنتائج ليست بالطبع حكراً على زعيّن، أو على ساسة سوريّة، إذ تمتلئ بمثلها تجارب الشعوب والبلدان، لا سيّما في ظلّ أنظمة راديكاليّة تستعجل الطوبى التي تظنّها تقدّماً، ولأجل بلوغها تلوي عنق الواقع إلى أن تكسره تماماً.

لكنّ ما يُلاحظ في التاريخ السوريّ الحديث أنّ زمن البراءة كان أطول ممّا في بلدان أخرى وأشدّ تكراريّة. وفي إطار كهذا شكّلت الحقبة التي سادها زعيّن ورفاقه أعلى ذرى البراءة التي تظهّرها المسافة بين الرغبات، وفي عدادها المحفوظات الإيديولوجيّة الموروثة، والإمكانات التي يتيحها واقع الحال.

وقبل زعيّن ورفاقه، عرفت سوريّة الحديثة سياسيّاً ربّما كان أكثر سياسيّي المشرق العربيّ إشكالاً، هو أكرم الحوراني الذي تحلّ هذا العام الذكرى العشرون لرحيله. فالحوراني، زعيم حماة والقائد الفلاّحيّ في الخمسينات، والقطب الذي، على عكس زعيّن، كان قائداً شعبيّاً وبرلمانيّاً، عُرف بحماسة شديدة للديموقراطيّة البرلمانيّة، يقابلها استعداد للتغاضي عن الأفعال العسكريّة والانقلابيّة حين تستهدف تلك الديموقراطيّة، كما عبّر عن قوميّة عربيّة متشدّدة دفعته إلى التطوّع للقتال في عراق 1941 وفلسطين 1948، ثمّ وصلت به إلى الرهان على الوحدة مع مصر في 1958، فيما كانت تقابلها لديه وطنيّة سوريّة لا تقلّ تشدّداً حملته على تأييد متحمّس لانفصال 1961. وهو احتفظ طويلاً بنزعة جمهوريّة صارمة وحادّة جعلته الصوت الأعلى في مواجهة الملكيّتين الهاشميّتين في الأردن والعراق، لكنّ جثّته دُفنت، عام 1996، في الأردن الملكيّ، وليس في الجمهوريّتين العسكريّتين والبعثيّتين السوريّة والعراقيّة، اللتين ساهم هو نفسه في تربية صنّاعهما وقادتهما.

لقد كان بناء الوطنيّة السوريّة ونظامها الديموقراطيّ يتطلّب من الجهود ما لا يتيح تبديد أيّة طاقة في قضايا أخرى، سيّما وأنّ هذه القضايا، أي العروبة وفلسطين والتحويل الاجتماعيّ، مُتطلّبة للحسم المستعجل ومُلحّة عليه.

وبما أنّ كثرة القضايا بدّدت القضيّة الواحدة الممكنة، وهي الوطنيّة السوريّة وإجماعاتها الضروريّة، بات من الممكن، في وقت واحد، أن يُعدّ الحوراني أحد أعمدة الحياة الديموقراطيّة في سوريّة، وأحد آباء الدور العسكريّ في استفحاله وقضمه السياسة. ولأنّ «الاجتماعيّ» قابل، في مجتمعات ضعيفة الإجماع وذات نسيج مهلهل كمجتمعات المشرق، لأن ينقلب «طائفيّاً»، فإنّ ما يُزرع قد لا يكون بالضرورة ما يُحصد.

هكذا يتكرّر في السياسيّ القوميّ والراديكاليّ السوريّ ما وصفه أحمد فؤاد نجم في الضابط المصريّ إبّان العهد الناصريّ: «يزرع سُكّر يطلع شطّه».

لكنّ المأساة التي ترتّبت على حمل «البطيخات» الكثيرة في يد واحدة، شملت الحوراني وزعيّن وسواهما ممّن كانوا «سعداء التاريخ» وانتهوا تعساءه الذين لا مكان لهم في «سوريّة الأسد».

arabstoday

GMT 00:04 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

ضبط الحدود يفرض التغيير السوري

GMT 02:15 2022 السبت ,03 كانون الأول / ديسمبر

مقتطفات السبت

GMT 15:34 2022 الخميس ,14 تموز / يوليو

بشّار في حلب... رسالة روسيّة إلى تركيا

GMT 03:37 2021 الثلاثاء ,09 آذار/ مارس

«مصر والسودان المصري»!

GMT 17:44 2020 السبت ,13 حزيران / يونيو

أخبار عن أبحاث وسورية ومبيعات السلاح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يوسف زعيّن إلى أكرم الحوراني من يوسف زعيّن إلى أكرم الحوراني



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab