40 عاماً من «حزب الله» مقاومة الشعوب ومقاومة الجماعات

40 عاماً من «حزب الله»: مقاومة الشعوب ومقاومة الجماعات

40 عاماً من «حزب الله»: مقاومة الشعوب ومقاومة الجماعات

 العرب اليوم -

40 عاماً من «حزب الله» مقاومة الشعوب ومقاومة الجماعات

بقلم:حازم صاغية

احتفالاً بالذكرى السنويّة لولادته، سمّى «حزب الله» السنوات الأربعين من عمره (1982-2022) «الأربعين ربيعاً». وتكريماً للمناسبة هذه، أطلق «سلسلة نشاطات احتفاليّة»، كما تقول دعايته.

والحال، أنّ من ينظر اليوم في أحوال لبنان يصعب عليه أن يصف أيّ شيء بالربيع، أو أن يحتفل بمطلق شيء. حتّى أعياد الميلاد الشخصيّة بات أصحابها الأكثر حساسيّة يستنكفون عن الاحتفال بها.
هذه النظرة السوداء والسوداويّة لا يُمليها الوضع الاقتصاديّ المنهار فحسب، بل تمليها أيضاً المخاوف ذات المصدر الأمنيّ: فاللبنانيّون يعيشون تحت وطأة السؤال اليوميّ عن عمل عسكريّ إسرائيليّ يرجّحه البعض ولا يستبعده بعض آخر.
أين يكمن جذر سوء التفاهم هذا بين «حزب الله» الذي يحتفل بالعرس وباقي اللبنانيّين الماضين في تقبّل التعازي؟
عندما تأسّس الحزب في السفارة الإيرانيّة بدمشق كان لبنان قد خضع للتوّ إلى احتلال إسرائيليّ، ونعلم أنّ القوانين والأخلاق والمصالح، فضلاً عن الكرامة الوطنيّة، تكرّس كلّها حقّ الشعوب في مقاومة الاحتلالات والمحتلّين. مع هذا، يبقى حقّ الجماعات في مقاومة الاحتلالات موضوعاً أكثر إشكالاً وأقلّ بداهة.
ما يردم هذه الهوّة بين الحقّين أمر واحد: أن تتصرّف الجماعات تصرّف من ينوب عن الشعوب، وأن تكون بالتالي فصيلها الصِداميّ التي اختارها سوء حظّها الجغرافيّ للدور هذا.
والتصرّف نيابةً عن الشعوب ليس مجرّد رفع للعلم الوطنيّ أو تلفّظ بعبارات إنشائيّة حول «الدفاع عن لبنان». إنّه يعني بضعة أمور أخرى، ربّما كان أهمّها:
أوّلاً - أن ينخفض تركيز الجماعة المعنيّة على هويّتها الفرعيّة لمصلحة تركيز أعلى على القواسم المشتركة بين جماعات الوطن، أي تماماً عكس ما فعله ويفعله «حزب الله» الماضي في تظهير هويّةٍ فرعيّة بعينها، هويّةٍ متمايزة عن الهويّات الفرعيّة الأخرى في الوطن.
ثانياً - أنّ تمتلك قيادة الطرف المقاوم نوعاً من الإدراك لأهميّة الانتقال من الطور السلبيّ في المقاومة (تحرّرٌ من المحتلّ) إلى طورها الإيجابيّ (تحرٌّر لأجل بناء وطن ودولة).
فالتوقّف عند الطور السلبيّ يحول دون ربط المناطق التي تُحرَّر ببلدها وبسلطته المركزيّة، فيحِلّ محلّ الاحتلال الخارجيّ نوع من الاحتلال الداخليّ بذريعة امتياز المقاومة، وتالياً تفرّدها في حمل السلاح.
ثالثاً - ألّا يكون دور المقاومة في مقاومة المحتلّ سنداً لنفوذ سياسيّ متضخّم تحرزه بعد إنجاز التحرير. نفوذٌ كهذا إذا كان يصعب هضمه في مجتمع متجانس دينيّاً وطائفيّاً، مجتمعٍ تنبع خلافاته من أسباب سياسيّة وآيديولوجيّة، فإنّ تقبّله سيكون مستحيلاً في مجتمع قائم على التعدّد الدينيّ والطائفيّ.
رابعاً - أن تكون للمقاومة نهاية معلومة، تماماً كما أنّ لها بداية معلومة. إنّ ما تُعرف بدايته ولا تُعرف له نهاية يقرّرها إحراز أهداف بعينها، يلغي علّة وجود المقاومة كفعل تحرير للأرض. هكذا تتحوّل أشبه بنظام استبداديّ وخلاصيّ يصف نفسه بالخلود، نظامٍ يبرّر لنفسه التورّط في مغامرات عدوانيّة كالحرب في سوريّا أو التدخّل في بلدان أخرى.
خامساً - أن تكون الصلة بالأطراف الخارجيّة تحالفاً قابلاً من حيث المبدأ للتعديل والانفكاك، وليست ذوباناً في تلك الأطراف يمحو الجسم الصغير في الجسم الأكبر. إنّ مبدأ الذوبان يُغري الجماعات غير المطمئنّة لشعوبها، والمستقوية عليها بالخارج، في حين مبدأ التحالفات القابلة للتغيير هو ما تقدم عليه الشعوب من خلال دولها.
عناصر كهذه، إذا صحّت من حيث المبدأ، فإنّها أكثر صحّة في بلد حسّاس وصعب كلبنان... هذا إذا أريد له فعلاً البقاء وطناً واحداً وجامعاً لمواطنين يتساوون في امتلاك مصادر القوّة والقرار.
أمّا المضيّ على النهج الحاليّ، وهو طبعاً المرجّح، فوصفةٌ لتمكين الاستبداد الداخليّ المصحوب باحتمال الحرب الأهليّة وبالتبعيّة للخارج في انتظار تفكيك الوطن اللبنانيّ بوصفه تجربةً غير قابلة للحياة. حالٌ كهذه، توصلنا إليها المقاومة، كفيلة بإلغاء تفضيل المقاومة على الاحتلال: إنّ أذى الاحتلال لا يصل إلى هذا الحدّ.
لقد كانت الأعوام المنقضية مُرّة بما يكفي، زاد في مرارتها وفي إطالة عمر المرارة إلى الأربعين ثقافةٌ شائعة في المنطقة بالغت في احتفالها بالمقاومة، أيّ مقاومة وكلّ مقاومة. فالحكمة المعمول بها ركّزت على ما «تمثّله» المقاومة، لا على ما «تفعله»، وهذا الفصل بين تمثيل مجيد يُرى مُضخّماً، وفعلٍ رديء لا يُلتَفت إليه، هو من أسباب كوارثنا الكثيرة، بما فيها هذه الكارثة. لقد قالت تلك الحكمة: قاوم إسرائيل وافعل ما تشاء. وهذا الذي قاومَ فعلَ ما يشاء ويفعل...

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

40 عاماً من «حزب الله» مقاومة الشعوب ومقاومة الجماعات 40 عاماً من «حزب الله» مقاومة الشعوب ومقاومة الجماعات



هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:56 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
 العرب اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 13:10 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
 العرب اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 13:17 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
 العرب اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 07:38 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان
 العرب اليوم - رسالة أصالة لجمهورها قبل حفلها في سلطنة عُمان

GMT 02:44 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة
 العرب اليوم - بوريل يدعو لإجراء تحقيق شامل حول انتهاكات إنسانية في غزة

GMT 07:45 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

آثار التدخين تظل في عظام الشخص حتى بعد موته بـ 100 سنة

GMT 04:43 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الشاهنشاهية بعد 45 عامًا!

GMT 06:30 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 05:07 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ليبيا أضحت اثنتين

GMT 05:13 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مرّة أخرى... الحنين للملكية في ليبيا وغيرها

GMT 17:11 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز صيحات العبايات المصممة على طراز المعطف لشتاء 2024

GMT 21:15 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب تونس يعلن إنهاء تعاقده مع فوزي البنزرتي بالتراضي

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

كروس يرفض إقامة مباراة وداع خاصة له بعد اعتزال كرة القدم

GMT 19:21 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عملة "بيتكوين" تترجع بنسبة 2.13% مع ترقب نتائج أعمال الشركات

GMT 16:47 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الوجهات السياحية التي تعدّ الأكثر أمانًا في العالم

GMT 21:05 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

نيوكاسل الإنكليزي يعلن تجديد عقد أنتوني جوردون

GMT 16:21 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار في الديكور والتدبير المنزلي لجعل المنزل أكثر راحة

GMT 21:10 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الترجي التونسي يطيح بمدربه البرتغالي كاردوزو

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

ألمانيا تسجل أول إصابة بسلالة متحورة جديدة لجدري القرود

GMT 18:57 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله يعلن استهداف قاعدة إسرائيلية و7 دبابات عند الحدود

GMT 01:13 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

استشهاد فلسطينيين في غارات إسرائيلية بغزة

GMT 19:03 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

استمرار الصراع في الشرق الأوسط يقود أسعار النفط للارتفاع

GMT 19:02 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

نيمار يعود لتشكيلة الهلال بعد عام من الغياب

GMT 19:08 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الذهب يقفز إلى ذروة قياسية مع تزايد الإقبال على الملاذ الآمن
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab