سؤال النظام وسؤال سوريّة

سؤال النظام وسؤال سوريّة

سؤال النظام وسؤال سوريّة

 العرب اليوم -

سؤال النظام وسؤال سوريّة

حازم صاغيّة

كان السؤال الحاكم الذي طرحته، ولا تزال، الثورة السوريّة: أيّ نظام يحلّ في دمشق. والسؤال هذا يفترض ضمناً أنّ الكيان السوريّ ناجز، أو على الأقلّ مستوفٍ لشروط المتانة في نسيجه الوطنيّ، لا ينقصه إلاّ تغيير علاقات الحكم والسلطة على نحو يناسب ذاك النسيج ويعمل على تطويره وإنمائه. لكنّ اصطباغ الثورة بحرب أهليّة وبأزمة إقليميّة – دوليّة، بات يطرح سؤالاً آخر: أيّ سوريّة ستكون؟ وهو سؤال يعود بنا إلى الأصول والبدايات التكوينيّة التي ظُنّ أنّ السوريّين تجاوزوها في الثلاثينات. ولا بدّ اليوم من الاعتراف بأنّ السؤال الثاني بدأ يحرز الغلبة على السؤال الأوّل. هذا ما تقوله الأيّام الأخيرة في الأمم المتّحدة، بمداولاتها وباحتمال تسوياتها، أو نزاعاتها، بقدر ما تقوله الوقائع الميدانيّة التي يتصدّرها صعود «النصرة» و»داعش» وصراعهما مع الجيش السوريّ الحرّ وأيضاً مع المقاتلين الأكراد، فضلاً عن صراع الجيش الحرّ والجيش «العربيّ السوريّ». لقد استحال الربط بين مستويي الصراع وتوحيدهما في مستوى واحد: ذاك الذي يفصل بين النظام السوريّ و»المجتمع الدوليّ» وذاك الذي يفصل بين النظام المذكور وغالبيّة أبناء شعبه. ولأنّ المستوى الثاني مسكون بالتكسّر المجتمعيّ والتنظيميّ، محاصَر به، كُتبت الغلبة، وتُكتب، للمستوى الأوّل. هكذا، وبدل توظيف العناصر الخارجيّة لخدمة الثورة، باتت الثورة شديدة الهشاشة حيال توظيف العناصر الخارجيّة لها. لكنّ الوجه الآخر للمحنة السوريّة أنّ ما يصحّ في الثورة يصحّ أيضاً، وربّما بدرجة أكبر، في النظام الذي بات بقاؤه مرهوناً، على نحو يوميّ وشفّاف، بالدعم الروسيّ والمدد الإيرانيّ – الحزب اللهيّ. وتتوزّع المسؤوليّات عمّا آل الوضع إليه على قوس قزح واسع من الأطراف والقوى، منها الثورة نفسها ومنها «المجتمع الدوليّ» ذاته. لكنّ توزيع المسؤوليّات هذا لا يحلّ مشكلة التحلّل الذي يعانيه اليوم الداخل السوريّ ووطنيّته المفترضة، ما بين أزمة إقليميّة، فوق وطنيّة، تعتصره من جهة، وأزمة تفتّت، دون وطنيّة، تعتصره من جهة أخرى. لقد انتهينا إلى وضع من عدم الانقشاع السوريّ ما بين واشنطن وموسكو وطهران ولندن وبكين، و»النصرة» و»داعش» و»العمّال الكردستانيّ» إلخ... وهذا ما يعني، بين أمور أخرى، أنّ النظام السوريّ يحقّق، فيما هو يتداعى ويموت، نصراً مبيناً. ذاك أنّ هذا النظام لم يقم على شيء قيامه على نفي الوطنيّة وتدميرها، متأرجحاً بين عروبة الأوهام الجميلة في أزمنة الثرثرة والراحة وبين المنطقة والطائفة في أزمنة الجدّ. والحال أنّ عداوة ذاك النظام للوطنيّة تكاد ترقى إلى غريزةٍ سبق أن عمل على تعميمها في لبنان والعراق وبين الفلسطينيّين، مكافحاً كلّ محاولة تظهر في أيّ من تلك البلدان لإحداث شيء من التشكّل الوطنيّ. ومن مكافحة «العرفاتيّة»، إلى مساعدة الإرهابيّين على التسلّل إلى العراق، إلى مقتل رفيق الحريري في لبنان، تأسّس سجل حافل يرقى إلى مدرسة في «السياسة». في هذا المعنى يمكن النظر إلى الانتصاريّة الخرقاء التي يعبّر عنها بشّار الأسد في مقابلاته الصحافيّة الأخيرة. أمّا سوريّة نفسها فتبتلعها علامة استفهام تكبر يوماً بعد يوم.

arabstoday

GMT 13:03 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

‏ المصدر الوحيد لنشر المعلومات “بقولو” !!

GMT 06:47 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

خيارات أخرى... بعد لقاء ترامب - عبدالله الثاني

GMT 06:43 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

قطبا العالم في الرياض

GMT 06:40 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

قمة السعودية ونظام عالمي جديد

GMT 06:39 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

العالم وإيران وبينهما نحن

GMT 06:35 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

تفويض عربي للرياض

GMT 06:33 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

«حزب الله»... المدني

GMT 06:32 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

باريس ــ ميونيخ... «ناتو» ولحظة الحقيقة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سؤال النظام وسؤال سوريّة سؤال النظام وسؤال سوريّة



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:02 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

أفضل الوجهات الشاطئية الرخيصة حول العالم
 العرب اليوم - أفضل الوجهات الشاطئية الرخيصة حول العالم

GMT 00:57 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

عبد المجيد عبد الله يتعرض لأزمة صحية مفاجئة

GMT 17:09 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

النفط يرتفع بفعل تعطل الإمدادات من كازاخستان

GMT 00:51 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

إسرائيل تعلن تدمير أسلحة سورية في درعا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab