«الاستقرار» دين المرحلة

«الاستقرار» دين المرحلة؟

«الاستقرار» دين المرحلة؟

 العرب اليوم -

«الاستقرار» دين المرحلة

حازم صاغية

هل كان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ليترشح مجدداً للرئاسة، وهو في طريق عودته من غرفة العناية الفائقة، لو أن ثورات «الربيع العربي» حققت وعودها الأولى ورست على استقرار ما؟ أغلب الظن أن الجواب لا. وأغلب الظن أيضاً أن موجة رجعية سوف تكتسح البلدان العربية التي لم تتعرض للثورات، وسوف يكون عنوانها، المرفوع إلى سوية دِين سياسي، الاستقرار والحفاظ على الوضع القائم. وها هم المصريون يقولون بأعداد لا يُستهان بها إن عودة المباركية من دون مبارك خير من السير في حقل من ألغام الواقع والتاريخ. وثمة بين السوريين وبين الليبيين من يراجعون ما حصل، ومن يقولون، في السر أو في العلن، إن الشيطان الذي نعرفه خير من الشيطان الذي نتعرف إليه. أما نوري المالكي، ومن دون ثورة، فيحاول بطريقة رثة أن يستعيد صدام حسين وقد تقمص شيعياً. والحال أن المرء حين لا يسير لا يقع أرضاً، وحين لا يسبح لا يتعرض لاحتمال الغرق. أما الاستقرار، في هذا المعنى، فمفاده الدعوة إلى أن نلزم أماكننا، لا نسير ولا نسبح. وكان النظام السوري سبّاقاً، وصائباً أيضاً، في ربط محاولات التغيير بالفوضى مقابل ربط الوضع الراهن بالاستقرار. بيد أن السؤال الآخر يطاول معنى هذا الاستقرار الذي يعادل الموات المحض، كما تطل بشائره اليوم في جزائر بوتفليقة وفي حالات أخرى تنتشر وتعم في العالم العربي. والحق أن هذا الطلب على الاستقرار، على رغم طابعه العام والشامل، يخاطب فئات اجتماعية تقيم في النصف الأعلى من الهرم أكثر مما يخاطب فئات تقيم في النصف الأسفل منه وتشعر بأنها هي من يدفع كلفة الاستقرار، ليس في مستوى حياتها فحسب، بل كذلك في توحيشها ونزع إنسانيتها. مع ذلك، لا بد من الاعتراف بأن الانهيار الصارخ للثورات، بعد الانهيار الصامت للأنظمة، يضعنا أمام انسداد تاريخي نتعلم منه أن ما من بر أمان: لا الأنظمة العسكرية – الأمنية وكبتها التناقضات توصل إليه، ولا الثورات في ظل التفتت والرايات الإسلامية والأهلية المرفوعة تفضي إليه. ومع وضع مُر كهذا، يستحيل التعويل على تطور تدرجي يستبعد الثورات والحاجة إليها. فإذا كان تثقيل الثقافي على حساب السياسي واحداً من شروط الإقلاع الصعب، فإن اشتمال الثقافي على المجتمعي هو، في حالتنا الراهنة، ما يجعله ثقافياً وفاعلاً. بلغة أخرى، إذا ما راجعنا ثقافة ما يُسمى الحداثة العربية في وجهيها اليساري والليبرالي، رأينا أنها نادراً ما عُنيت بمسألة المجتمع– الدولة. ففي برنامج تلك الحداثة الذي امتد من تحرير المرأة إلى تحسين التعليم، ومن العلمنة إلى الديموقراطية السياسية، أو -في الشق اليساري منها- إدخال تعديلات جذرية على توزيع الثروة، لم تحظ مسألة الدولة– الأمة ومدى التطابق بينها وبين مجتمعها الأهلي باكتراث. واقع الأمر أن معظم الحداثيين اعتنقوا نظريات قومية (سورية، عربية...) نافية للدولة الوطنية، بقدر ما تعاموا عن رؤية التركيب الأهلي، الديني، الطائفي والإثني لمجتمعاتهم، محيلين هذه الرداءة «الماضوية» إلى «الاستشراق الاستعماري». اليوم، ليست ثقافة الحداثة عملية مقارنة تافهة بين «الحداثة» و «الأصالة»، وبين «التقدم» و «التخلف»، يلازمها التنصل من الثورات وكَيْل المدائح لاستقرار الموت، على ما تفعل أعداد متعاظمة من مثقفي مصر أو فناني الجزائر. إنها، في المقابل، عملية اقتراب من فهم المجتمعي والأهلي، لا تتردد في وضع الأوطان والخرائط نفسها على المحك، وصولاً إلى أوطان– دول قابلة للحياة. والقابل للحياة هو وحده الذي يحتمل الثورات فلا تصيبه بالانهيار، سيما وأن هذا الاستقرار المزعوم ليس سوى مصنع لإنتاج البربرية مرة بعد مرة.

arabstoday

GMT 08:25 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:23 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:17 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 08:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانون السوريون وفخ المزايدات

GMT 08:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الباشا محسود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الاستقرار» دين المرحلة «الاستقرار» دين المرحلة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab