«النصرة» ضدّ الثورة

«النصرة» ضدّ الثورة

«النصرة» ضدّ الثورة

 العرب اليوم -

«النصرة» ضدّ الثورة

حازم صاغيّة

أثار التصنيف الأميركيّ لـ «جبهة النصرة» استياء سوريّاً عبّرت عنه تصريحات علنيّة أدلى بها قادة المعارضة ومواقف أبداها ناشطون على تويتر والفايسبوك. فأن تُحسب «جبهة النصرة» تنظيماً إرهابيّاً فهذا، على ما يبدو، يستفزّ مشاعر إسلاميّة ويجرح نرجسيّة وطنيّة لدى قطاع من السوريّين يرى بعضه أنّ الأمر إخلال بالأولويّات وترتيبها السليم. والحقّ أنّ ردّة الفعل هذه لا تشبه بعض أسوأ ما في البعث الحاكم فحسب، بل تشبه أيضاً بعض أسوأ ما في تراكيبنا الاجتماعيّة والثقافيّة التي تستسهل كلّ تضامن في وجه الغرب، بغضّ النظر عن الخواء الحقيقيّ لهذا التضامن وبغضّ النظر عن مدى الحاجة إلى الغرب. لنقل، أوّلاً، إنّ من الخرافة المحضة توقّع الحصول على مساعدة أميركيّة فيما أحد المستفيدين من المساعدة طرف يمتّ بصلة حميمة إلى «القاعدة»، ناهيك عن افتراض أنّ الأميركيّين والأوروبيّين سيقفون في الموقع نفسه الذي تقف فيه «القاعدة». أمّا الخرافة التي توازن تلك فأن تقدّم الولايات المتّحدة، أو أيّة دولة، مساعدتها المنزّهة عن أيّ طلب، والمتجاهلة في الوقت نفسه لرأيها العامّ ومطاليبه. وللأسف فإنّ العمل بموجب هاتين الخرافتين لا يشي إلاّ بجيب خرافيّ لم تبرأ منه المعارضة السوريّة. أمّا «التدخّل الأميركيّ» الملعون، وكان آخر تعبيراته اعتراف باراك أوباما بالمعارضة السوريّة، ثمّ اعتراف أكثر من 120 دولة بها، فقد أملى توحيد معظم هذه المعارضة سياسيّاً ومحاولة توحيدها عسكريّاً. وليس ثمّة من يماري في أنّ هذا النهج الذي بدأ العمل به بُعيد انتخاب أوباما لدورة ثانية، نفع خالص لقضيّة الثورة والشعب السوريّين. صحيح أنّ هذا الدعم لا يرقى إلى السويّة الأخلاقيّة المأمولة، ولا إلى الحاجة العمليّة، إلاّ أنّ الدفع في الاتّجاه هذا لا يمرّ حكماً بالتمسّك بـ «جبهة النصرة». فكيف وأنّ المسألة تطال الوحدة الوطنيّة السوريّة ذاتها التي لا تشكّل الجبهة المذكورة ومثيلاتها غير عنصر تقويض إضافيّ لها. ولا بدّ من مصارحة جدّيّة في ما خصّ المستقبل القريب، فضلاً عن البعيد، فيما النظام الأسديّ يترنّح: لقد أبدى السوريّون، على مدى عامين، شجاعة أسطوريّة تقلّ مثيلاتها، وتحدّوا نظاماً للقتل المعمّم في ما يصحّ اعتباره مفخرة لهم ولأجيالهم التي سوف تولد. لكنّهم لم يُبدوا، بالقدر نفسه، ما يطمئن إلى انسجامهم المجتمعيّ وإلى أنّهم سيذلّلون سلماً تناقضاتهم الكثيرة. فإلى الارتكابات المتفرّقة هنا وهناك، التي ضخّمها أعداء الثورة وأذناب النظام، وإلى اللون الطائفيّ الفاقع لمعظم تنظيماتهم العسكريّة، لم يكن صوت طمأنة الأقليّات، لا سيّما الأقليّتين العلويّة والكرديّة، مسموعاً بالقدر الكافي. والحال أنّ مهمّة كهذه تستدعي، فضلاً عن الأعمال المضبوطة التي تُطرد منها «النصرة» ومثيلاتها، مناشدة وإغراء للأقليّات يكونان يوميّين ودؤوبين لا يكلاّن. وهذا ما ظلّ أقلّ كثيراً من اللهجة التبريريّة والإنكاريّة التي تحتفل بذاتها مُـتغنّيةً بـ «الوحدة الوطنيّة السوريّة» و «التاريخ الحضاريّ» وفولكلوريّات صالح العلي والأخوّة الناجزة. وليس سرّاً، فيما الكلام عن السلاح الكيماويّ على كلّ شفة ولسان، أنّ إشعار الأقليّات بانعدام الخيار، كلّ خيار، أقصر الطرق إلى دمار عامّ لا يشتهيه المرء حتّى لأعدائه. ونعرف أنّ نظاماً كنظام الأسد لا يتورّع عن شيء، بعد عمله على تضخيم الخوف العلويّ وجهده في استجلاب «النصرة» ومثيلاتها من تنظيمات الدمار الشامل. يقال هذا الكلام للتوكيد على نقص موضوعيّ ضخم في الواقع، واقع المشرق العربيّ لا السوريّ فحسب، نقصٍ لا يعوّضه إلاّ خليط من إعمال العقل النقديّ وطلب المساعدة الخارجيّة الضامنة. وهذه الأخيرة، مهما شابها من تضخيم ودعائيّة وتذرّع بالأقليّات، تبقى أضمن لتلك الأقليّات وأحرص عليها من تركنا، نحن «الأخوة»، في مواجهة بعضنا بعضاً. وهذا معطوف على أنّ رغبة الغربيّين في استبعاد «القاعدة» مصلحةٌ للسوريّين، أكان لجهة اجتماعهم، أو لجهة ثورتهم وصورتها. إنّ التمسّك بـ «النصرة» سيّئ بما فيه الكفاية، واقعاً ورمزيّةً معاً! نقلاً عن جريدة "الحياة"

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«النصرة» ضدّ الثورة «النصرة» ضدّ الثورة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab