أوباما والمسؤوليّة العربيّة

أوباما والمسؤوليّة العربيّة

أوباما والمسؤوليّة العربيّة

 العرب اليوم -

أوباما والمسؤوليّة العربيّة

حازم صاغية

لم يعد سرّاً، ولا كشفاً، إعجاب باراك أوباما بريتشارد نيكسون في «فتحه» الصين عام 1972. فغير مرّة، وبلسانه، عبّر الرئيس «الديموقراطيّ» و»المثاليّ» عن إعجابه بسلفه «الجمهوريّ» و«الواقعيّ» حين طبّع مع الدولة الشيوعيّة الأكبر في العالم. يومذاك كان التناقض السوفياتيّ - الصينيّ مصدر الإغراء الأكبر لواشنطن كي تمضي في «ديبلوماسيّة البينغ بونغ»، خصوصاً أنّ الحرب الحدوديّة بين العملاقين الشيوعيّين في 1969 كانت قد فتحت الأبواب لتوسيع هذا التناقض. ومنذ ذلك الحين راح يتعاظم الخوف المزمن من الصين لدى حلفاء الولايات المتّحدة الآسيويّين، وعلى رأسهم اليابان التي ربّما كانت تَهمّ أميركا وتعنيها أكثر ممّا يهمّها أيّ بلد آخر في العالم.

فهل يمكن القول، استطراداً، أنّ تلك السابقة النيكسونيّة - الصينيّة مصدر استلهام لأوباما في علاقته بإيران؟

إذا صحّت هذه الفرضيّة، صحّ أنّ أوباما يضع «داعش» وعموم «الإرهاب السنّيّ» حيث كان نيكسون يضع الاتّحاد السوفياتيّ، كما جاز الكلام على فرضيّة المسارات المتعدّدة في السياسة الخارجيّة لأميركا. فمن جهة، هناك صلة مفتوحة مع الصين وإيران تدور حول قضايا بعينها، ومن جهة أخرى، هناك خلافات ثابتة معهما تدور حول القضايا الأخرى المستبعَدة من الاتّفاق، ومن جهة ثالثة، هناك الضمانات والتطمينات لحلفاء أميركا، في الشرق الأقصى والشرق الأوسط، ومفادها ردع الصين وإيران عن تهديد الحلفاء المذكورين. وأخيراً، ربّما قام رهان على تحوّلات داخليّة في الصين وإيران، وهو ما لم تكذّبه الصين: فالرأسماليّة، بقيادة دينغ هسياو بنغ، انطلقت مع المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعيّ في 1978. ولئن لم يتغيّر حكم الحزب الواحد، إلاّ أنّ الحزب الواحد تغيّر، فبات، مثلاً لا حصراً، يتّسع لرجال الأعمال. ومن ناحية أخرى، ومع تصدّع المعسكر الاشتراكيّ، انفجرت الصين في ساحة تيان آن مين وكانت المواجهة الدمويّة الشهيرة. وربّما رأى أوباما أنّ شيئاً من هذا الحراك تنطوي عليه إيران: صحيح أنّ انتخاباتها لا تجمعها بالانتخابات إلاّ صلة شكليّة، بيد أنّها ذات مرّة أتت بمحمّد خاتمي رئيساً، ثمّ جدّدت له. ودولةٌ تترجّح رئاستها بين خاتمي وأحمدي نجاد تُغري بتوقّع الاحتمالات الخصبة فيها. كذلك أمكن، في 2009، أن تظهر «الثورة الخضراء»، السلميّة والمدنيّة، التي سُحقت من غير أن تُسحق الكتلة التي تجهر بحبّ الثقافة الأميركيّة، وهذا علماً أنّ اثنين كانا من عتاة الخمينيّين، مير حسين موسويّ ومهدي كرّوبي، قادا الثورة المذكورة.

على نطاق أعرض، لم يكن القلق الذي أثاره التطبيع الأميركيّ - الصينيّ لدى بقية الآسيويّين الخبر الوحيد عنهم. فقد شهدت الثمانينات ولادة «التنانين الأربعة»، تايوان وكوريا الجنوبيّة وسنغافورة وهونغ كونغ (التي أعيدت لاحقاً، في 1997، إلى البرّ الصينيّ). وما لبثت آسيا، وفي غمار الثورة الصناعيّة الثالثة، أن فرزت ظاهرة «النمور الآسيويّة» الأربعة، إندونيسيا وماليزيا والفيليبين وتايلندا. ولئن ارتبط معظم التحوّل الاقتصاديّ الباهر لهذه البلدان بنُظم ديكتاتوريّة ومستبدّة، إلاّ أنّ أواخر الثمانينات ما لبثت أن أطلقت سيرورة من التحوّل نحو الديموقراطيّة السياسيّة فيها.

وقد جاءت نهاية الحرب الباردة وظهور أجندة الديموقراطيّة والمجتمع المدنيّ ليمنحا ثقلاً إضافيّاً لسياسة المجتمعات، بدل الاقتصار على سياسات السلطات وحدها. لكنّ العالم العربيّ الذي استغرقته حرب العراق و»الحرب على الإرهاب» لم يجد لديه كماليّات الإنصات إلى هذا الجديد، ولم يكن متحمّساً أصلاً للإنصات، فبقي التشكيك بحقوق الإنسان ومنظّماتها وجمعيّاتها أقرب إلى رياضة وطنيّة يجتمع فيها الحاكم وكثيرون من المحكومين. وبهذا فاقمنا نقص الجاذبيّة لدينا، فأضفنا إلى حسّ المسؤوليّة الضعيف رغبتنا الصريحة في منع المجتمعات من أن تتحرّك، ومن أن تكون لها سياساتها، بل من أن تكون هي نفسها مجتمعات.

فإذا كان أوباما قد أخطأ في التيمّن بنيكسون، وأخطأ في التفاهم مع إيران، فإنّ السلوك العربيّ، العادم للجاذبيّة والمسؤوليّة والحراك، كان حليفه الأوّل في ارتكابه.

arabstoday

GMT 09:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 09:42 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 09:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 09:39 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

متى يخرج السيتى من هذا البرميل؟!

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 09:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 09:33 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 09:30 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوباما والمسؤوليّة العربيّة أوباما والمسؤوليّة العربيّة



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab