إمبراطوريات وتكفيريون

إمبراطوريات وتكفيريون

إمبراطوريات وتكفيريون

 العرب اليوم -

إمبراطوريات وتكفيريون

حازم صاغية

من معالم الانسداد التاريخي في معظم العالم الإسلامي أن الإمبراطوريات إذ تنهار، أو تُستنزف، فإن ذلك لا يحصل إلا على أيدي جهاديين وتكفيريين.
هذه القاعدة استعرضت نفسها في الثمانينات، حين بدأ استنزاف الإمبراطورية السوفياتية في أفغانستان، وهو ما شكل عاملاً أساسياً من عوامل انهيار الإمبراطورية المذكورة بعد سنوات قليلة. لكن المجاهدين الأفغان من أتباع حكمتيار وشاه مسعود كانوا هم من نفذ تلك المهمة، وهم مَن فاض عداؤهم للشيوعية بحيث غدا عداءً لكل ما يرمز إلى تقدم أو تحديث أو مساواة جندرية.
ويحصل ذلك اليوم، إذ يبدو أن المشروع الإمبراطوري الإيراني يتعرض لتحدٍ يهزه هزاً، رأسُ حربته تنظيم «داعش» في العراق وسورية، فضلاً عن قوى سورية وعراقية أخرى قد لا تفضل «داعش» لا في وعيه ولا في سلوكه، وقد تفوقه عداءً لإيران ونفوذها.
وفي رأي البعض أن من السابق لأوانه الكلام على تصدع المشروع الإيراني، خصوصاً أن محللين كثيرين يفضلون الحديث عن إفادة إيرانية من الحرب على الإرهاب وعن تنازلات غربية لطهران بالتالي. مع هذا، يُلاحَظ أن إيران المسنودة بعراق موحد ذي قيادة شيعية، وبسورية ذات نظام متماسك يقيم بشار الأسد في ذروته، غير إيران المطالَبَة هي نفسها بتقديم الدعم لحليفين متداعيين في بغداد ودمشق. وهذا ما قد تظهر آثاره بعد سنوات قليلة، وربما قبل ذلك، وهي قد تتخذ شكل التصدع في مشروع إمبراطوري لن يستطيع أحد إنجاده.
على أية حال فانهيار الإمبراطوريات ومشاريعها يبقى حدثاً إيجابياً ضخماً من حيث المبدأ. فالإمبراطورية، في زمن الدول – الأمم، «رجل مريض» تعريفاً، حتى حين يكون مرضه مؤجل الانتشار. بيد أن فاعلي ذاك الانهيار في ربوعنا إنما يحدون بطبيعتهم من إيجابية ذاك الحدث، كاشفين عن الأزمة العميقة التي تعيشها مجتمعاتنا من حيث قدرتها على إنتاج قوى تكون حديثة وشعبية في آن. وهذا ما يمنع الدول من وراثة الإمبراطوريات، مكلفاً القوى الأنتي دولتية، إن لم نقل الهمجية، بالوراثة هذه.
يزيد في تظهير المشكلة أننا كنا عرفنا، أوائل القرن الماضي، انهياراً امبراطورياً كاملاً هو الذي أطاح السلطنة العثمانية وطرح توزيع أراضيها في أوعية سياسية ودستورية أخرى. إلا أن الدول الأوروبية كانت الطرف الذي هُرع يومذاك إلى لم شمل المنطقة من خلال انتداباتها عليها. هكذا قُطع الطريق على أمثال عودة أبو تايه والزاحفين من بواديهم على دمشق لكي يبدأوا قبل مائة عام ما أخرته الانتدابات مائةَ عام. يومها كان لا بد أن يتنكر البريطانيون والفرنسيون لوعودهم المقطوعة للشريف حسين ونجله فيصل الذي أبدى عجزه عن سوس دمشق، لأن الوفاء بتلك الوعود كان ليعني ولادة «داعش»، أو ما يعادله، في 1918.
وهذا كله ولى، فلم يبق من الاستعمار الأوروبي إلا ذكريات الأشباح أو أشباح الذكريات. أما في ظل قيادة أميركية مرتبكة ومنسحبة، فسوف يتعاظم الإلحاح على دور شعوب المنطقة، فيما يعيش معنا إلى مدى زمني طويل ذاك السؤال الحارق: كيف يصار إلى تفكيك المشاريع الإمبراطورية الصغرى أو الكبرى، التي نحضنها أو التي نجاورها، بأدوات تكون أرقى منها وتستطيع أن تنقلنا إلى دول وأنظمة مستقرة يحكمها القانون؟ والحال أن الباحثين عن إجابات لا يكتمون تعثرهم بهذا الانسداد الكبير الذي يملأ الأفق.

 

arabstoday

GMT 07:45 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:25 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:21 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:16 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

حتى يكون ممكناً استعادة الدولة

GMT 07:13 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إمبراطوريات وتكفيريون إمبراطوريات وتكفيريون



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab