النمط السياسيّ العربيّ بعد الثورات

النمط السياسيّ العربيّ بعد الثورات

النمط السياسيّ العربيّ بعد الثورات

 العرب اليوم -

النمط السياسيّ العربيّ بعد الثورات

حازم صاغية

لئن كان طموح الجماعات الأكثر تقدّماً وتقدّميّة في الثورات العربيّة إدماج مجتمعاتهم في الأفق الديموقراطيّ، الأوروبيّ - الأميركيّ، فإنّ فشل الثورات يدمج تلك المجتمعات في أفق مغاير تماماً. وهذا الأخير، إذا ما نُظر إليه في أحسن حالاته وأكثرها نجاحاً، أقرب إلى أن يكون الأفق الروسيّ - الصينيّ، محذوفاً منه النجاح الاقتصاديّ للصين. وهي وجهة يعزّزها الانحسار الأميركيّ وتوسّع النفوذ والمصلحة ممّا تحقّقه روسيّا أوّلاً، والصين ثانياً، في الشرق الأوسط، وآخر علاماته توقيع اتّفاق بين موسكو والقاهرة لبناء محطّة نوويّة.

فما يضعه نصبَ أعينهم حكّامُ بلدان «الربيع» والمعنيّون بأمرها هو تثبيت «الاستقرار» الذي هو المفتاح الأساس في فهم النظامين الروسيّ والصينيّ: الأوّل الذي صار ردّه على فوضى العهد اليلتسنيّ علّة وجوده، قبل أن يمضي في إحراق أرض الشيشان. والثاني برسمه الحدّ الفاصل بين المسموح والممنوع منذ قمعه ساحة تيان أن مين، وبالتالي اشتقاق علّة وجوده من تجنيب البلد فوضى كتلك التي أطلقتها الغورباتشوفيّة.

ويمكن تعداد بعض الملامح العريضة الأخرى للنمط السياسيّ الروسيّ - الصينيّ، وأبرزها إيجاد واجهة منفتحة إلى هذا الحدّ أو ذاك للنظام المغلق المتمحور حول قائد قويّ. وهي في روسيّا واجهة برلمانيّة بعدما وسّعت الصين حزبها الشيوعيّ الذي تتمثّل فيه دوائر رجال الأعمال، بحيث تنضوي فيه تلك الواجهة نفسها.

وإذ توالي موسكو قطيعتها مع مبدئي الأيديولوجيا الرسميّة والحزب الحاكم، تزاوج بكين بين هذين المبدأين والاقتصاد الرأسماليّ. هكذا يخفّف البلدان من وطأة العهدين الثوريّين، إلا أنّهما يستأنفان وجوهاً كثيرة منها، وإن اتّجها إلى قومنتها وربطها باستمراريّة تاريخهما. فإلى تكريم ماو وستالين، لا يزال النظام الروسيّ يستقي بعض كوادره من موظّفين في العهد البريجنيفيّ، كما يمضي الحزب الشيوعيّ الصينيّ مصدراً لتوليد السلطة ومصفاةً لها في آن.

والسمات هذه نراها على أوضح ما تكون في الحالة المصريّة حيث تمكّن العهد الجديد من بلورة نفسه في سلطة تقول أنّ الاستقرار أوّل ما تنشده. فما بين استمرار الشرعيّة المستمدّة من 23 يوليو وما يصفه البعض بعودة «الفلول» عبر انتخابات سجّلت نسبة متدنّية من المشاركة، ينتصب مثال حاولته الثورات العربيّة المضادّة جميعها وتحاوله. ففي اليمن، قضت الصيغة الأولى للتسوية بإعادة تأهيل علي عبدالله صالح، قبل أن يسقطها صالح نفسه، كما ظهرت رهانات ليبيّة، ولا تزال، على خليفة حفتر منقذاً. وحتّى في تونس، أنجح التجارب الجديدة، يواجه «حزب نداء تونس» نقّاداً يدلّلون على اتّساعه لـ «الفلول»، بينما تتبدّى البورقيبيّة عنواناً لاستئناف بدءٍ سابق. أمّا في سوريّة فيتوسّط «داعش»، بوحشيّته المنقطعة النظير، مهمّة التعويل على بشّار الأسد بوصفه بطل المرحلة المقبلة في مكافحة الإرهاب. ذاك أنّ «داعش» الذي ساهم الأسد في إنتاجه، يردّ الجميل بأعمال تؤدّي إلى إعادة إنتاج الأسد.

وهنا، وبفضل الإرهاب الإسلامويّ، تتذيّل الاستعارة الروسيّة - الصينيّة باستعارة غربيّة يتيمة تتماشى معها تماماً، يجسّدها الحنين إلى جورج دبليو بوش في حروبه على الإرهاب. فليس مصادفة أن تتكاثر علامات حنين كهذا في أوساط لم تُعرف إلا بالعداء لأميركا، محاربةً كانت أم مسالمة.

وبهذه الإضافة الغربيّة، تكتمل الصورة الرغائبيّة لحكّام يضعون في مركز أحلامهم السلطة الدائمة التي تحرّم عمليّاً فصل السلطات كما تحرّم الحدّ على السلطة، مُحيلةً إلى «التراث» الغنيّ لأسلاف أطالت عمرَهم هزائمُ الثورات وما أحدثته من تجفيف الأنسال.

arabstoday

GMT 06:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إيران بدأت تشعر لاول مرة بأن ورقة لبنان بدأت تفلت من يدها

GMT 05:20 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الكتابة في كابوس

GMT 05:18 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان ليس «حزب الله»... وفلسطين ليست «حماس»!

GMT 05:17 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

جرائم حوادث السير في شوارعنا

GMT 05:15 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

نعم... وقت القرارات المؤلمة

GMT 05:14 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

حماية لبنان ليست في «القوّة»... أيّة «قوّة»

GMT 05:13 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مرّة أخرى... الحنين للملكية في ليبيا وغيرها

GMT 05:10 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل السنوار... هل يوقف الدمار؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النمط السياسيّ العربيّ بعد الثورات النمط السياسيّ العربيّ بعد الثورات



هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:56 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
 العرب اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 13:10 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
 العرب اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 13:17 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
 العرب اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 07:45 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

آثار التدخين تظل في عظام الشخص حتى بعد موته بـ 100 سنة

GMT 04:43 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الشاهنشاهية بعد 45 عامًا!

GMT 06:30 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 05:07 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ليبيا أضحت اثنتين

GMT 05:13 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مرّة أخرى... الحنين للملكية في ليبيا وغيرها

GMT 17:11 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز صيحات العبايات المصممة على طراز المعطف لشتاء 2024

GMT 21:15 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب تونس يعلن إنهاء تعاقده مع فوزي البنزرتي بالتراضي

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

كروس يرفض إقامة مباراة وداع خاصة له بعد اعتزال كرة القدم

GMT 19:21 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عملة "بيتكوين" تترجع بنسبة 2.13% مع ترقب نتائج أعمال الشركات

GMT 16:47 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الوجهات السياحية التي تعدّ الأكثر أمانًا في العالم

GMT 21:05 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

نيوكاسل الإنكليزي يعلن تجديد عقد أنتوني جوردون

GMT 16:21 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار في الديكور والتدبير المنزلي لجعل المنزل أكثر راحة

GMT 21:10 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الترجي التونسي يطيح بمدربه البرتغالي كاردوزو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab