حب الأكراد المستجد

حب الأكراد المستجد!

حب الأكراد المستجد!

 العرب اليوم -

حب الأكراد المستجد

حازم صاغية


فيما مدينة كوباني (عين عرب) محاصَرة ومنتهَكَة، تتجاهل دول المنطقة ودول العالم مأساتها بسلوك يجمع بين الخفة وانعدام الأخلاق، تبدأ قصة حب غير مألوف للأكراد. أما المحبون الذين يدبجون رسائل الغرام هذه المرة، فهم الممانعون إياهم.

فالأكراد، وفقاً للوَلَه المستجد، هم الذين يقفون في وجه تنظيمٍ «فبركته أميركا وتركيا وبلدان الخليج»، فيما لا ينجدهم التحالف الدولي الذي تتحكم به رغبات إمبريالية- شيطانية، كما يحاصرهم «العثماني الجديد» رجب طيب أردوغان، فلا يكتفي بعدم إنجادهم بل يذهب أبعد، قاتلاً متظاهريهم المحتجين في مدن بلاده نفسها. والأكراد أيضاً هم الذين حالفوا النظام السوري وحالفهم، فسلمهم المناطق التي انسحبت منها قواته في شمال سورية الشرقي.

لكنْ، وما دام أن الواقع يؤتى من زوايا مختلفة ومستويات متباينة، فإن ما قد يكون صحيحاً في الوصف السابق ينفيه وصف آخر لا يوافق الهوى المستجد، فالأكراد الذين بات الممانعون يحبونهم هم الذين حرم البعث السوري الكثيرين منهم حق الجنسية لعقود مديدة، وهم الذين تخلى حافظ الأسد، قبيل رحيله، عن زعيمهم في تركيا عبد الله أوجلان، فكان ذلك مقدمة لاصطياده وإيداعه السجن الذي لا يزال قابعاً فيه. وهم أيضاً الذين جرد البعث العراقي عليهم حملة الأنفال ولم يتورع عن قصفهم، في حلبجة، بالسلاح الكيماوي. أما إيران، شيخة الممانعة والممانعين، فيشكو الأكراد فيها القهر والتهميش اللذين تشكوهما باقي الأقليات العرقية والدينية في ذاك البلد. ولا ينسى أكرادها اغتيال المخابرات الإيرانية زعيمَهم عبد الرحمن قاسملو في فيينا عام 1989.

وأهم من ذلك كله، أن الأكراد الذين تحبهم الممانعة اليوم هم الذين يقيمون، بحسب الأدبيات الممانعة نفسها، دويلة في شمال العراق هي تعريفاً عميلة لأميركا ومتحالفة مع إسرائيل للتآمر معها ضد العرب وضد عروبة العراق. وهم، في معرض التحريض عليهم، مَن كانوا، مرتين على الأقل، ضالعين في المشاريع والمخططات الأميركية الكبرى، مرة بعد حرب تحرير الكويت في 1991 حين ولدت منطقة حكمهم الذاتي، ومرة بعد حرب العراق في 2003 حين استقرت تلك المنطقة وكُرست. وطبعاً فإن أميركا الشيطانة لا تعين إلا الشياطين.

وأن يكون الكردي الخائن هو الكردي المحبوب فذاك حب رخيص في ابتذاله وانتقائيته. لكن ذلك لا يشذ عن طريقة في التحكم بالعواطف وإعادة تدويرها لدى من أوشكوا على أن يحبوا أميركا نفسها، يوم تراءى لهم أنها تحجز مقعدين لإيران وسورية في تحالفها الجديد.

وهذا في عمومه نفاق من نوع ذاك النفاق الذي يشيع أصحابه إياهم أنهم مولعون بالجيش اللبناني لأن أفراده يُقتلون أو يُخطفون على أيدي خصومهم. وهذا علماً بأن الجيش المذكور تبوأ لديهم بعض أهم «مناصب» الفئوية والانعزالية والعمالة.

وهو نفاق لا يتفرد به الممانعون ولا يحتكرونه، إذ النذالة التركية الأخيرة ظاهرة واسعة ومعممة في منطقة تأبى إنتاج موقف تاريخي واحد من الأكراد يعلو فوق السياسة وتحالفاتها، فيما مشاريعها القومية والعسكرية، وهي في غالبها مشاريع مجهضة وبالغة الكلفة، لا تتقاطع إلا عند تسويغ العدوان على الأكراد. وما الحب الأخير الذي تبديه الممانعة لهم سوى آخر تجليات الظاهرة هذه وأكثرها وقاحة.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حب الأكراد المستجد حب الأكراد المستجد



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab