عن أوباما وأوروبا في منطقتنا

عن أوباما وأوروبا في منطقتنا

عن أوباما وأوروبا في منطقتنا

 العرب اليوم -

عن أوباما وأوروبا في منطقتنا

بقلم : حازم صاغية

فيما أوروبا والشرق الأوسط يتداخلان اليوم على نحو غير مسبوق، في الهجرة والإرهاب وسواهما، ومن ليبيا إلى تركيّا مروراً بسوريّة والعراق، فإنّ الولايات المتّحدة تغيب على نحو غير مسبوق أيضاً عن الشرق الأوسط.

وهذا التباين يكاد يكون نقيضاً للتباين الذي نشأ إبّان حرب العراق: فآنذاك كانت الولايات المتّحدة هي الاقتحاميّة والتدخّليّة، فيما كانت أوروبا الغربيّة، بزعامة المحور الألمانيّ – الفرنسيّ، هي المستنكفة عن المبادرة والمناهِضة للتدخّل.

وإذا جاز تأصيل الموقفين، بات التوقّف عند الأوباميّة مهمّة مُلحّة، أكان بوصفها الطرف الذي يدفع الولايات المتّحدة بعيداً عن منطقتنا، وبالتالي عن أوروبا جزئيّاً، ليلحمها بنطاقها الباسيفيكيّ، أم بوصفها الحامل لأفكار راديكاليّة، بل تطهّريّة من ماضٍ تراه حافلاً بالآثام.

فأوباما أخذ على الأوروبيّين مواقفهم التدخّليّة في ليبيا، التي اعتبرها متسرّعة، وإن انساق إليها مكرهاً وانسحب منها مبكراً. وبعد التذكير تلو التذكير بمعاداته حرب العراق، جعل ليبيا بوصلته في سوريّة. إلاّ أنّه، في المقابل، عقد التسوية الشهيرة مع إيران، وزار كوبا، وينوي زيارة هيروشيما وفيتنام في ما تبقّى من ولايته. وهذا ما يكاد يرقى إلى مراجعة تكفيريّة للتاريخ ممّا لا قبل لأوروبا أن تفعله بهذين الدراميّة والضجيج. ذاك أنّ الأخيرة أسيرة ثنائيّة الاستعمار والاستقلال، وتالياً التكيّف التدريجيّ مع تحوّل المستعمرات السابقة دولاً مستقلّة، استقلالُها يستدعي الاحترام والدعم. وفي هذا الحساب، تبقى «الدول» الفواعلَ الأساسيّة للسياسات بقدر ما تبقى العلاقات الديبلوماسيّة قنواتها.

بيد أنّ هناك تصوّراً يُستشَفّ وراء سياسات أوباما، يحيل إلى تعقيد لا تنطوي السياسات الأوروبيّة على مثله.

فقبل انتهاء الحرب الباردة، حوّل عهد جيمي كارتر مسألة «حقوق الإنسان» بنداً في السياسة التي كانت تقتصر على علاقات الدول. ولا نزال نذكر الاتّهامات التي وُجّهت لكارتر بأنّه فرّط بحليف أساسيّ كشاه إيران.

وما كان تمريناً مع كارتر، خطا خطوة أبعد مع بيل كلينتون، وكانت الحرب الباردة قد انتهت. هكذا بدأ الثقافيّ والمجتمعيّ يحتلّ رقعة أكبر في صنع السياسة الخارجيّة، متسبّباً بمشكلات ليست بسيطة مع حلفاء كحسني مبارك في مصر.

أمّا الأوباميّة فتدفع تلك البدايات وتعزّزها، بحيث يبدو أنّ السياسة لا تُبنى فحسب على أحلاف خارجيّة واعتبارات جيوبوليتيكيّة. فهذا التصوّر بات، في عرفها، قديماً، وهو إنّما شرع يذوي مع نهاية الحرب الباردة، حين لم يعد هناك قطب كونيّ آخر. صحيح أن روسيّا وإيران قوى إقليميّة لكنّها لا تقاس بما كانه الاتّحاد السوفياتيّ الذي أملت مواجهتُه تحالفاتٍ بلا شروط على واشنطن. ولئن صار جلّ الاهتمام الأميركيّ بالمنطقة يقتصر على مكافحة الإرهاب، ممثّلاً خصوصاً بـ «داعش»، فهذا ما بات يتيح التشبيه بمدى الاهتمام الإسرائيليّ ذي الطبيعة الأمنيّة بداخل العالم العربيّ.

وفي تعويل كهذا على الثقافيّ والمجتمعيّ، تندرج مسألة النموذج. فأوروبا الشرقيّة كانت تتلهّف لسقوط «الستار الحديديّ» كي تعانق غربيّتها، ثمّ حين استقبلت إيران وفدها المفاوض حول الاتّفاق النوويّ، جاهرت بالرغبة في التواصل مع الغرب. والشيء نفسه حصل على نطاق أصغر في زيارة أوباما الأخيرة إلى كوبا.

أمّا عربيّاً، ولأسباب لا تُحصى، فلا يزال التقليد السائد ذاك العائد إلى الحرب الباردة، ومفاده الوقوف مع الغرب سياسيّاً واستراتيجيّاً من دون احتضان ثقافته وأشكال اجتماعه. لهذا، وبسبب الشراكة المديدة بين الحاكم والمحكوم في هذا الجانب، ما إن تضعف رقابات السلطة حتّى تستأسد رقابات المجتمع.

وهي عوامل لا يمكن بعد اليوم تجاهلها لدى أيّ بحث جدّيّ في العلاقات الأميركيّة مع بلدان العالم العربيّ وشؤونه.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن أوباما وأوروبا في منطقتنا عن أوباما وأوروبا في منطقتنا



هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:56 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024
 العرب اليوم - ختام فعاليات أسبوع الموضة في الرياض 2024

GMT 13:10 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام
 العرب اليوم - البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 13:17 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل
 العرب اليوم - طرق العناية بالأجهزة الإلكترونية في المنزل

GMT 07:45 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

آثار التدخين تظل في عظام الشخص حتى بعد موته بـ 100 سنة

GMT 04:43 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الشاهنشاهية بعد 45 عامًا!

GMT 06:30 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 05:07 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ليبيا أضحت اثنتين

GMT 05:13 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مرّة أخرى... الحنين للملكية في ليبيا وغيرها

GMT 17:11 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز صيحات العبايات المصممة على طراز المعطف لشتاء 2024

GMT 21:15 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

منتخب تونس يعلن إنهاء تعاقده مع فوزي البنزرتي بالتراضي

GMT 21:20 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

كروس يرفض إقامة مباراة وداع خاصة له بعد اعتزال كرة القدم

GMT 19:21 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

عملة "بيتكوين" تترجع بنسبة 2.13% مع ترقب نتائج أعمال الشركات

GMT 16:47 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الوجهات السياحية التي تعدّ الأكثر أمانًا في العالم

GMT 21:05 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

نيوكاسل الإنكليزي يعلن تجديد عقد أنتوني جوردون

GMT 16:21 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار في الديكور والتدبير المنزلي لجعل المنزل أكثر راحة

GMT 21:10 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الترجي التونسي يطيح بمدربه البرتغالي كاردوزو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab